تعد الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية بكازاخستان، واحدة من أهم المنارات العلمية التى تنشر الفكر الوسطى المستنير وتواجه التطرف والإرهاب بآسيا الوسطي. يلتحق بها سنويا مئات الطلاب من كازاخستان والدول المجاورة لتلقى العلوم والثقافة الإسلامية على يد علماء الأزهر منذ افتتاحها فى عام 2001، تخرج فيهاها نحو خمسة آلاف دارس، يقومون حاليا بمهمة الدعوة والخطابة فى مساجد كازاخستان. وهى أول جامعة إسلامية فى جمهورية كازاخستان، تحت إشراف وزارة الأوقاف المصرية، والتى تمد الجامعة بالأساتذة الأزهريين والمطبوعات والكتب على نفقة الوزارة. وفى حوار مع « الأهرام « تحدث الدكتور جودة عبد الغنى بسيونى رئيس الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية فى كازاخستان، عن خطط تطوير المناهج وربطها بجامعة الأزهر، والكليات الجديدة التى بدأت هذا العام، وضوابط الالتحاق بالدراسة، ودور الخريجين فى العمل بالدعوة وتصحيح المفاهيم، والتواصل مع الغرب وتصحيح صورة الإسلام فى الخارج .. وإلى نص الحوار. فى البداية نود أن نعرف نبذة عن الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية بكازاخستان؟ الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية بكازاخستان التابعة لإشراف وزارة الأوقاف المصرية، كانت فى البداية فكرة لإنشاء مركز ثقافى إسلامى كبير، يقوم على تدريس الثقافة الإسلامية واللغة العربية، وينشر صحيح الإسلام ويواجه الفكر الخاطئ، وقد تطورت الفكرة لإنشاء جامعة مصرية للثقافة الإسلامية لنشر الوسطية، ليس فقط فى كازاخستان، ولكن فى وسط آسيا، وتم حجز أرض للجامعة فى مكان بشارع الفارابى بمدينة ألماطي، وكانت هى العاصمة وقتها، وقامت احدى شركات المقاولات المصرية الكبرى ببناء الجامعة على نفقة مصر، وتكلفت وقتها مليونى دولار، وتم افتتاحها رسميا فى عام 2001، وتولى رئاسة الجامعة الدكتور محمود حجازى الأستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة، واصطحب معه مجموعة من الأساتذة المتميزين من جامعة الأزهر وجامعة القاهرة، وكانت هناك كلية واحدة بالجامعة هى كلية الدراسات العربية والإسلامية. وماذا عن التطوير الذى تم فى أعداد الكليات والمناهج ؟ هناك اهتمام كبير جدا فى بتطوير الجامعة ليكون خريجيعها على مسافة قريبة من خريجى جامعة الأزهر، وبعد أن توليت مسئولية الجامعة فى 13 أغسطس 2014، تم وضع خطة للنهوض بالجامعة لتكون منارة للإسلام الوسطى وصوت مصر فى وسط أسيا، ولذلك أصبح هناك ثلاث كليات، هى كلية الدراسات الإسلامية، وكلية اللغة العربية، وكلية أصول الدين، وتم تطوير المناهج لتكون نفس المناهج التى تدرس فى كليات جامعة الأزهر، كما تم تطوير المناهج بطريقة علمية، والهدف دائما هو تأهيل الخريجين للقيام بمهمة الدعوة على أكمل وجه، وهناك دراسات عليا للمتميزين من الخريجين، كما تم وضع ضوابط لمرحلة الدراسات العليا، ويتم إسناد الإشراف لأساتذة من جامعة الأزهر بهدف أن يستفيد الطالب من توجيهات العلماء المتخصصين . كم عدد خريجى الجامعة وماذا عن دورهم فى الدعوة داخل كازاخستان وخارجها ؟ بلغ عددهم 5 آلاف خريج، يعملون حاليا فى مجالات الدعوة والخطابة بمساجد كازاخستان، وكذلك يعملون فى المدارس الإسلامية التى تعلم اللغة العربية والثقافة الإسلامية، وهؤلاء أصبح لهم دور كبير جدا فى نشر الوسطية وتصحيح المفاهيم، لأنهم تعلموا على يد علماء الأزهر المشهود لهم بالوسطية والاعتدال، ويكفى أن أقول ان الزى الأزهرى هناك له تأثير كبير، وقد طالبت جميع الأساتذة بضرورة ارتداء الزى الأزهري، ونجد كل تقدير من المسلمين هناك، لأن هذه الدولة الغالبية فيها مسلمو، وعدد السكان 17 مليونا، 75% منهم مسلمون . وكم يبلغ عدد الدارسين فى كليات الجامعة حاليا ؟ فى عام 2014 كان عدد الدارسين فى مراحل الجامعة من الفرقة الأولى إلى الفرقة الرابعة 765 طالب، لكن بعد التطوير الذى حدث بالجامعة، وإنشاء ثلاث كليات تقدم هذا العام للدارسة بالكليات الثلاث حوالى 500 طالب، وتم قبول حوالى 425 طالبا، ويدرس بالفرقة الثانية نحو 130 طالبا، ونسبة القبول هذا العام ثلاثة أضعاف الأعوام السابقة، وهذا نتيجة الجهد والتطوير الذى تم فى الجامعة. وهل هناك شروط للقبول بالجامعة ؟ من أهم شروط القبول الإلمام باللغة العربية وحفظ القرآن الكريم، لأننا نريد تأهيل هؤلاء الطلاب خلال أربع سنوات، للاشتغال بالعمل الدعوى ليكون الخريج على مسافة متقاربة مع خريج جامعة الأزهر، وعندما ذهبت إلى كازاخستان، كان لدينا رغبة فى التركيز على تعليم اللغة العربية لغير الناطقين، وأن تكون هناك مراكز خاصة لهم، لتكون هذه المراكز أحد الروافد التى تمد الجامعة بالطلاب، وكأنها تساوى عندنا فى مصر المعاهد الأزهرية، ولذلك تم إنشاء عدد من المراكز لتعليم اللغة العربية فى عدد من المدن، وقمت بجولات متعددة فى المدن، وكان هناك تعاون واستجابة كبيرة من المسئولين، لإنشاء مراكز تعليم اللغة العربية، وفى مدينة ألماطى وحدها تم إنشاء 3 مراكز، وتلعب هذه المراكز دورا كبيرا فى تأهيل الدارسين الذين يتقدمون فيما بعد للجامعة. ولماذا يقبل الطلاب من كازاخستان وغيرها على الدراسة بالجامعة المصرية؟ الأزهر دائما يؤهل الدارسين على الوسطية والاعتدال، والأمر المهم الذى أود أن أشير إليه هنا، أننا فى الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية بكازاخستان، نُدرس العلوم الإسلامية على مذهب الإمام أبى حنيفة فى الفقه والماتريدية فى العقيدة، لأن هذا منصوص عليه فى الدستور عندهم، ونحن نلتزم بذلك، وكل من يذهب من علماء الأزهر للتدريس هناك تجده حنفيا، ونحن نحرص على ذلك حتى لا يحدث أى خلاف، والجميع يدرك مكانة وقدر علماء الأزهر، وأنه منارة للوسطية والاعتدال، ولذلك كان الإقبال كبيرا على الدراسة . هذا يعنى أن هناك ضوابط صارمة فى اختيار الأساتذة بالجامعة؟ الجامعة هى صوت مصر فى وسط آسيا، ولذلك هناك حرص شديد على انتقاء من يذهب للتدريس هناك، لأنه بجانب التدريس هناك مسئولية تصحيح المفاهيم والتواصل مع المسلمين، ولابد أن يكون الجميع على قدر المسئولية، للقيام بهذه الرسالة، لأننا نمثل صوت مصر الوسطى المستنير، ونسعى دائما للتقارب والحوار والتواصل، وهذا يتم من خلال العلماء المتميزين، القادرين على القيام بهذه المهمة، ولذلك يكون هناك تدقيق فى الاختيار . أغلب المنضمين لتنظيم « داعش» الإرهابى من الغرب ووسط آسيا، كيف ترى هذه الظاهرة ؟ هذه الجماعات تخدع الشباب بمفاهيم الحور العين ودار الكفر ودار الإسلام، وغيرها من المفاهيم، لأن هؤلاء الشباب لم يجدوا من يقدم لهم العلم النافع، ويساعدهم على الفهم الصحيح، ولذلك فالأمر هنا يتعلق، بالدور الذى لابد أن يقوم به العلماء، فى مواجهة أفكار هذه الجماعات، لحماية الشاب من ناحية، ومواجهة الفكر الخاطئ من ناحية أخري، لأن الفترة الحالية تتطلب جهدا كبيرا لمواجهة أكاذيب هذه الجماعات التى تضلل الشباب وتعمل على استقطابهم بكل الوسائل الممكنة، ولذلك فالتوعية وتصحيح المفاهيم خط الدفاع الأول فى المواجهة. وماذا عن المؤتمر الدولى الذى ستنظمه الجامعة فى أبريل القادم بالتعاون مع وزارة الأوقاف المصرية؟ قررت وزارة الأوقاف عقد مؤتمر دولى حول سبل مواجهة الإرهاب والتطرف، بالجامعة المصرية بكازاخستان، خلال شهر أبريل القادم تحت عنوان «معًا لمواجهة التطرف والإرهاب»، وذلك بالتعاون مع سفارة كازاخستان والحكومة القازاقية ممثلة فى وزارتى الثقافة والتعليم، والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة، يشارك فى أعماله نخبة من علماء الدين من مصر والدول الإسلامية، ويأتى تنظيم المؤتمر فى إطار الدعم الذى تقدمه وزارة الأوقاف المصرية فى تقديم الإسلام الصحيح للطلاب، وإيفاد أساتذة متميزين على نفقة الأوقاف المصرية للجامعة المصرية بكازاخستان، ودعم التعاون بين البلدين من خلال الجامعة المصرية بكازاخستان. وهو موضوع مُلح لكل دول شرق آسيا، وسنعمل على تحقيق نجاح وانطلاق هذا المؤتمر لإفادة الشعب القازاقي، ومواجهة الفكر المتطرف والإرهاب وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الدين الإسلامى.