الحكمة تقول: أنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد وهي حكمة فيها صدق مطلق.. فكل شيء بإرادة الله ولا يقع في ملكه سبحانه إلا ما يريد وإرادته لها الغلبة علي كل ما حولها وما يحيط بها من أفعال الناس ومن إراداتهم وتصرفاتهم. وبعضنا يري ما يقع له من إرادته لونا من ألوان الشر الذي يجري بأيدي وألسنة الناس وبعضنا يراه قدرا مقدورا أو ردا علي معصية ارتكبها العبد ولم يحسب لها حسابها ولم يضع في اعتباره أن المعاصي تحجب الأرزاق وأن الالتزام بتقوي الله ووضعه سبحانه في كل تصرفاتك هو من أسرار تقواه عز وجل التي تجلب الرزق مصداقا لقوله تعالي: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب والدليل علي ذلك في حكايات الصالحين الذين تعرضوا لتطبيقات هذه الآية الكريمة عمالا كثيرة ومتنوعة وقد تعرضت لبعضها في كثير مما أكتب ولا أنوي تكرارها هنا لأنها من الوضوح بمكان ولكني أقول بوضوح أيضا إن علاقة الإنسان بربه العلاقات الطيبة طبعا هي مصدر سعادته في الدنيا والآخرة. ولا يعني هذا أن هذه العلاقة الطيبة بين الإنسان وربه لا تتعرض لهزات أو ابتلاءات, فالقرآن الكريم مليء بالآيات التي تشير إلي ذلك, ومنها ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم وأولئك هم المهتدون. والابتلاء في معظمه هو اختبار من الله لمدي صلابة عبده ووقوفه مع الله علي أرض صلبة وهو بالتالي زيادة لرصيده من الإيمان واختبار لاستعداده للقاء الله خاصة وهو في لحظات أيامه الأخيرة يعد نفسه للقاء الله... من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه.ويعلم الله عز وجل وهو يعلم السر وأخفي أن لقاء الله من أعز أمنياتي وأطيبها قولا وعملا ويعلم سبحانه أنها دعوتي التي أختم بها يومي أيا كان مروره فالتسليم لأمر الله في حياتي أمر وارد وأستقبله بالرضا التام, والخير أشكر الله عليه والشر أستزيد به من شكر الله عليه وفلسفتي في ذلك كلمة عربية منذ قرأتها وهي تعيش في داخلي وهي تقول: بعض الشر خير.. فكثيرا ما يعجز الخير علي تقديم نفسه فيتقدم الشر ليفسح له الطريق فينطلق الخير مقدما زاده وزواده لتنعم به الحياة وينعم به الناس.