بينما تتملكنا الحيرة وسط عاصفة التهديدات بالحرب، رغم ان المخطط قديم، ورغم ان واضعى سيناريو «التدمير الذاتى» للوطن العربي، لم يعودوا يكلفون انفسهم عناء إخفاء تفاصيله، بل انه، حتى «خرائط» المنطقة، المفتتة، على أسس عرقية وطائفية، «تتسرب» من حين لآخر، فى هذه اللحظات، دخلت إسرائيل، علنا، على الخط.. ففى مقال صحفى، بمناسبة تعيين رئيس جديد لجهاز المخابرات الإسرائيلي، الموساد، يوسى كوهين، أعلن الرجل أن أولوية إسرائيل، هى مواجهة إيران العدو الرئيسى للدولة العبرية! وذكر صاحب المقال، نسيم بيهار، ان القادة الإسرائيليين لا ينطقون بكلمة ولكنهم، يفركون اياديهم، إزاء الفرصة السانحة لهم بتصاعد «التنافس السنى الشيعي» بين المملكة العربية السعودية وبين إيران، وربطوا ذلك بما اعتبروه، «ضعف» مصر ومتاعب تركيا مع روسيا، وتفسخ العراق وسوريا، وكلها عوامل تصب فى مصلحة إسرائيل، حيث يؤدى ذلك كله إلى تعزيز مكانة تل أبيب كقوة اقليمية، وترى إسرائيل على ضوء هذه التطورات، ان القضية الفلسطينية قد تراجع الاهتمام الدولى بها مما يفتح لها المجال لمواصلة الاستيطان والتهويد، وتكريس «جهودها النبيلة» فى إزكاء النيران، بين المسلمين، سنة وشيعة، والمثير انها اختارت معسكر السنة!!، بينما معروف مساعدتها لطهران «الشيعة»، إبان حربها ضد العراق فى ثمانينات القرن الماضي. تصريحات رئيس الموساد، تعنى ان من نبه إلى مخاطر وخطورة الحرب الدينية بين المسلمين، لم يكن واهما، وانه كان من المفترض ان يقرأ الحكام المسلمون كل الخرائط والتصريحات والتسريبات، قراءة صحيحة، حيث لو اندلعت هذه الحرب، لا قدر الله، فهى لن تبقى ولن تذر، ولن يكون فيها رابح أو خاسر، فالكل إلى دمار وخراب، يحتاج إلى أضعاف، الأربعة عشر قرنا، التى انقضت منذ الخلاف على أحقية، سيدنا علي، أم معاوية، بالخلافة، لمحو اثارها، والغريب، ان اطرافا، عربية وغير عربية، ضالعة فى هذا المخطط الرهيب، واذكر على سبيل المثال، اننى تساءلت علنا، واكثر من مرة، عن سر تسمية إيران، بالجمهورية «الإسلامية»! ولماذا، مثلا، لا تسمى بالإيرانية أو الفارسية؟.. ونفس الشيء بالنسبة لحركة حماس وهو مختصر لحركة المقاومة «الإسلامية؟!» ولماذا خلت هذه المقاومة، من الإشارة إلى كلمة فلسطين، أو حتى العروبة؟ هل القضية الملحة التى كانت تواجه الإيرانيين فى ظل حكم الشاه، انهم كانوا مطاردين بسبب إسلامهم، ام انهم ثاروا على الظلم والتبعية؟ وهل قادة حماس، الذين تركوا المسجد الأقصى خلف ظهورهم واستقروا فى قطاع غزة يديرون المؤامرات ضد مصر، كانوا ممنوعين من الإيمان بالإسلام؟.. لقد اسدت حماس أكبر خدمة لإسرائيل عندما «حشت» فلسطين وشطرتها إلي، الضفة وغزة. وربما يلقى ذلك كله الضوء على معركة جمال عبد الناصر فى سبيل تحقيق الوحدة العربية، وكيف تكالبت ضده كل قوى الشر والظلال.. ما لم تعمل إسرائيل، واربابها واتباعها، حسابه، بسبب غرور القوة وعدم فهم ما يشهده العالم العربى من تطورات، ما حدث فى مصر، التى اعتبرها يوسى كوهين تمر «بحالة ضعف؟!»، بينما هى تسترد قوتها، وتستعيد مكانتها بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، المؤمن ايمانا عميقا بوحدة النسيج المصري، كما اتضح بأجلى صورة، فى زيارته المبهرة للكنيسة المرقصية وتهنئة، المصريين المسيحيين، بعيد الميلاد المجيد، ودلالة الزيارة العميقة الرمزية، وهو ما يفسر إلى حد بعيد، لماذا قالت واشنطن بعد ثورة يونيو: لن نسمح بظهور ناصر آخر.. ان دخول إسرائيل على خط تأجيج نيران الفتنة بين سنة وشيعة واختيارها لمعسكر السنة، انما يعنى اننا فى حاجة للعودة إلى خيمتنا العربية، التى نستظل جميعنا بظلها، مهما اختلفت عقائدنا الدينية، أو العرقية، كما شدد السيسى فى احتفال عيد الميلاد.. ولا أستبعد ان تستمر حرب الشائعات التى ينفذها أعداء الداخل، ضد مصر، خاصة بعد فرحة المصريين الغامرة بكلمات رئيسهم، وعودة التلاحم بقوة بعدها إلى الوطنية المصرية.. فالدين لله والوطن للجميع.. وفى هذا حمايتنا من أعتى المؤامرات. لمزيد من مقالات فريدة الشوباشى