تقترب قمة الأرض حول التنمية المستدامة التي ستستضيفها ريو دي جانيرو بالبرازيل هذا العام بما تحمله من آمال للبشر بأن تضع إطارا جديدا للتنمية ألخضراء التي يبشر البعض بأنها تعد حلا مرضيا يساعد العالم علي أن يخرج من محنته الاقتصادية علي أساس حماية البيئة, ومستلهما آفاق التقدم البشري في تقديم الوسائل التكنولوجية الحديثة الني تحافظ علي الموارد البيئية قدر الإمكان, بينما يري البعض الآخر هذه الدعوة مجرد ترويج لوسائل تكنولوجية جديدة تستنزف جيوب فقراء العالم. بين هذا وذاك توالت الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر ريو+20 الذي ينعقد بعد قمة ريو الأولي بعشرين عاما, ومهمة هذه المؤتمرات التحضيرية هي متابعة ما تم إنجازه منذ قمة ريو الأولي, ثم قمة الأرض بجوهانسبرج منذ عشرة أعوام, ومناقشة التحديات التي تحول دون تطبيق شعار التنمية المستدامة, وكيفية فرضها علي أرض الواقع من خلال مدخل جديد هو التنمية الخضراء. آخر هذه المؤتمرات التحضيرية هو( الاجتماع التشاوري الإقليمي لوسائل الإعلام) الذي عقد في بيروت يومي24 و25 أبريل الماضيين بمقر اللجنة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا بالأممالمتحدة( أسكوا), وشارك في تنظيمه كل مكتب غرب آسيا لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة بالتعاون مع أسكوا والمنتدي العربي الإعلامي للبيئة والتنمية ومكتب الأممالمتحدة للإعلام في بيروت, وشاركت فيه نخبة من الصحفيين والإعلاميين والخبراء المتخصصين في مجال البيئة والتنمية من عدة دول عربية, قاموا بمناقشة أوضاع البيئة وتحدياتها في ضوء مفاهيم التنمية الخضراء, وتفعيل الدور المنوط بالإعلام البيئي العربي في هذا الشأن. جاءت أهمية المؤتمر انطلاقا من أهمية الدور المتوقع للإعلام في المرحلة المقبلة تزامنا مع مؤتمر ريو وما بعده, كما قالت ماري ضاهر مسئول الإعلام والاتصال بمكتب غرب آسيا لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة,كشريك في مشروع تحقيق التنمية المستدامة ومفهوم الاقتصاد الأخضر.. فالإعلام يلعب دورا رئيسيا في تكوين الرأي الصحيح حول تلك المفاهيم وكيفية تحقيقها للإسراع باتخاذ الإجراءات المناسبة, وهو الوسيلة الأكثر فعالية للوصول إلي الجماهير وصناع السياسات ودعم مسارات التنمية المستدامة. وقدمت ريم نجداوي مدير القطاعات الإنتاجية بالأسكوا في مداخلتها تعريفا بأهمية مؤتمر ريو+20 الذي سيهتم بتقييم مفهوم الاقتصاد الأخضر كمفهوم للتنمية في المرحلة المقبلة ومناقشة وضع إطار مؤسسي للتنمية المستدامة يضمن تحقيق أهدافها, وإطلاق منظمة دولية بيئية جديدة بديلة أو بالتوازي مع برنامج الأممالمتحدة للبيئة. وعرضت نجداوي معوقات التنمية المستدامة في المنطقة العربية مشيرة إلي أن6 دول فقط قامت بتضمين التنمية المستدامة ضمن أولوياتها, وأن العالم يشهد في الوقت الراهن ثلاث أزمات كبري: الأولي أزمة اقتصادية هي الأسوأ بعد الركود الاقتصادي الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي, والثانية أزمة غذاء حيث تجاوز عدد الجياع مليار نسمة من سكان الأرض, والثالثة أزمة تتربص بمستقبل البشر وهي أزمة تغير المناخ, وقالت إن ضياع مفهوم التنمية المستدامة مازال يمثل لغزا حتي داخل أروقة الأممالمتحدة, وللبحث عن حل لهذه المشكلة اقترح البعض خلق منظمة جديدة أوإسناد مهمتها لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة, وأن إعادة تشكيل الهيئة المناط بها مراقبة التنمية المستدامة يجب أن يلبي الغرض من وراء إعادة تشكيلها وسد النقص الذي نحس جميعا بوجوده. وقالت رندة فؤاد رئيس المنتدي الإعلامي العربي للبيئة والتنمية إن مؤتمر ريو+20 هو تجديد للفكر حول الاقتصاد الأخضر والحد من الفقر, وأن الاقتصاد الأخضر يعد مدخلا لحل الأزمة الاقتصادية للعالم من خلال تقديم فرص حل مشاكل البطالة وتوفير فرص العمل, في نفس الوقت الذي يقلل فيه من المخاطر البيئية موضحة أن الاقتصاد الأخضر لا يمكن أن يحل محل التنمية المستدامة وإنما يعمل علي تحقيقها بالفعل علي أرض الواقع. وأكدت رندة فؤاد أن الإعلام البيئي حق من حقوق الإنسان, فهو القطاع الوحيد الذي يستطيع الربط بين صناع القرار وبين القاعدة العريضة من المواطنين, وأن الوقت قد حان لوضع أسس اتفاقية دولية للإعلام البيئي, الذي يقوم بعدة أدوار منها نشر الوعي وتغيير السياسات المتعلقة بالبيئة. وعبرت رلي مجدلاني مديرة التنمية المستدامة والإنتاجية بالأسكوا عن ازدياد الحاجة إلي دور تنويري وترويجي تقوم به الصحافة تجاه أعمال ريو+20 حيث لا تزال هناك فجوات في التنمية وصعوبات تهددها. وقدم الدكتور عبد المسيح سمعان رئيس قسم العلوم التربوية والإعلام البيئي بمعهد الدراسات البيئية بجامعة عين شمس ورقة عمل حول الإعلام البيئي وجهود التنمية بعد مؤتمر ريودي جانيرو شرح فيها أهداف الإعلام البيئي وأدواره, مؤكدا أن الدراسات أشارت إلي عدم حدوث تغير في اتجاهات الأفراد نحو قضايا البيئة خلال عشرين عاما مضت وإن الإعلام البيئي لم يحقق ما يصبو إليه, علي الرغم من زيادة المساحات المخصصة لقضايا البيئة في الوسائل الإعلامية بعد مؤتمر ريو1992 وحتي الآن, حيث اتضح من خلال تطبيق مقاييس للوعي والاتجاهات والمهارات البيئية علي بعض فئات الجمهور المتعرضين لوسائل الإعلام أن نسب الوعي البيئي والاتجاهات البيئية لم تتعد46.2% أما المهارات البيئية فجاءت في حدود21%, وهي نفس النسب تقريبا التي حصل عليها من خلال دراسة قام بها عام1992, وطالب بتطوير الأداء الإعلامي لكي يحقق أهدافه, وقد التقت توصيات البحث مع التوصيات النهائية التي خلص إليها المشاركون من الإعلاميين بعد نقاشات ساخنة, ومن بين هذه التوصيات: تعزيز قدرات الإعلاميين البيئيين العرب من خلال ورش العمل والدورات التدريبية وخلق جماعات ضغط إعلامية للدفاع عن قضايا البيئة العربية, وإنشاء قاعدة بيانات بيئية علي المستوي الإقليمي والدولي وتحديثها دوريا و اعتماد مبدأ الشفافية وتمكين الإعلامي البيئي من الوصول إلي المعلومات من أصحاب القرار وحث الحكومات العربية علي أن توائم بين التشريعات الوطنية ومتطلبات الاقتصاد البيئي احترام قواعد الشراكة بين الإعلام وقطاعات المجتمع المختلفة.