مرصد الأزهر يناقش مع شباب الجامعات أسباب التطرف وحلوله وعلاقته بالمشاعر    الفريق أسامة عسكر يلتقي رئيس هيئة الأركان بقوة دفاع البحرين    تعليم كفر الشيخ: لا يوجد شكاوى في أول أيام امتحانات الفصل الدراسي الثاني    أوقاف بني سويف تعقد الدورة التأهيلية ل 100 متقدم لمسابقة عمال المساجد    تراجع أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم    صادرات أذربيجان من الغاز الطبيعي لبلغاريا تسجل زيادة بنسبة 20% للعام الحالي    لاستقبال الجرحى.. إقامة «خيام» أمام المستشفى الكويتي برفح الفلسطينية    دفاعًا عن إسرائيل.. أعضاء بالكونجرس الأمريكي يهددون مسئولي الجنائية الدولية    التعاون الإسلامي والخارجية الفلسطينية يرحبان بقرار جزر البهاما الاعتراف بدولة فلسطين    الشوط الأول من حسم التأهل للممتاز.. المحلة الأقرب للصعود والحرس للدورة الرباعية    تفاصيل حفل تأبين العامري فاروق بحضور رموز الرياضة المصرية    جونياس: رمضان صبحي أخطأ بالرحيل عن الأهلي    السيطرة على حريق اندلع في أشجار النخيل المجاورة لمحطة وقود موقف الأقاليم بأسوان    ماذا قالت أصالة عن انفصالها عن زوجها فائق حسن؟    عبد الرحيم كمال بعد مشاركته في مهرجان بردية: تشرفت بتكريم الأساتذة الكبار    قصور الثقافة تبحث عن حلول لمشاكل مسرح الأقاليم    دعاء للميت بالاسم.. احرص عليه عند الوقوف أمام قبره    اكتشاف 32 ألف حالة مصابة ب«الثلاسيميا» بمبادرة فحص المقبلين على الزواج    جامعة عين شمس تبحث التعاون مع ستراسبورج الفرنسية    «شباب القليوبية» تطلق اللقاء الرابع للتوعية بمواجهة الأزمات (صور)    انطلاق الموسم الأول لمسابقة اكتشاف المواهب الفنية لطلاب جامعة القاهرة الدولية    المشدد بين 3 و15 سنوات ل4 متورطين في إلقاء شاب من الطابق السادس بمدينة نصر    المشدد 10 سنوات لطالبين بتهمة سرقة مبلغ مالي من شخص بالإكراه في القليوبية    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    محافظ الفيوم يشهد فعاليات إطلاق مشروع التمكين الاقتصادي للمرأة    «القاهرة الإخبارية» تعرض تقريرا عن غزة: «الاحتلال الإسرائيلي» يسد شريان الحياة    روسيا تشن هجومًا جويًا هائلاً على منظومة الكهرباء الأوكرانية    يوسف زيدان عن «تكوين»: لسنا في عداء مع الأزهر.. ولا تعارض بين التنوير والدين (حوار)    لو معاك 100 ألف جنيه.. اعرف أرخص 5 سيارات مستعملة في مصر    السعودية تكشف عن عقوبات الحج بدون تصريح.. غرامة تصل ل10 آلاف ريال    استمرار تطعيمات طلاب المدارس ضد السحائي والثنائى بالشرقية    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    فرقة الحرملك تحيي حفلًا على خشبة المسرح المكشوف بالأوبرا الجمعة    تعرف على التحويلات المرورية لشارع ذاكر حسين بمدينة نصر    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    احذر.. الحبس 7 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه عقوبة التنقيب عن الآثار بالقانون    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    بعد حلف اليمين الدستوري.. الصين تهنئ بوتين بتنصيبه رئيسا لروسيا للمرة الخامسة    صادرات السيارات بكوريا الجنوبية تقفز 10.3% خلال أبريل الماضي    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    محافظ كفر الشيخ: نقل جميع المرافق المتعارضة مع مسار إنشاء كوبري سخا العلوي    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    طلاب الصف الأول الإعدادي بالجيزة: امتحان اللغة العربية سهل (فيديو)    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من طينة الدلتا الى قوارير العطور الباريسية
ياسمين شبرا بلولة.. مصر الأولي عالميا في صناعة عجينة الياسمين وتصدرها للعالم.. فهل تستمر؟!

تحت الياسمينة في الليل.. نسمة والورد محاذيني الأغصان عليا تميل.. تمسح لي في دمعة عيني جنينة مزينها النوار.. فاحت من ريحة الأزهار فكرتك شعلت النار.. عملت لهليبة في قليبي
ظلت تلك الكلمات التي استدعاها الفنان محمد منير من التراث التونسي بلحن الهادي الجويني العذب, وغناها هو بإحساسه المميز, ندندنها ونحن في الطريق إلي أرض الياسمين: شبرا بلولة التابعة لمركز قطور بمحافظة الغربية.. تلك القرية التي تحتل المركز الاول في زراعة الياسمين ليس فقط في مصر, بل علي مستوي العالم, فأصبحت أول مصدر لعجينة الياسمين, متفوقة علي دول حوض المتوسط وجنوب شرق آسيا.
...............................................................
من تلك الطينة الخصبة في قلب دلتا النيل, يخرج أكثر من نصف إنتاج العالم من عجينة الياسمين الفاخرة, المكون الاساسي لصناعة أفخم العطور, فضلا عن مستحضرات التجميل ومكسبات الطعم.
في شبرابلولة تحديدا ودونا عن باقي قري محافظة الغربية, ترتبط كل البيوت بالياسمين, أطفالا ونساء وشيوخا.. بدءا من زراعته مرورا بجمع الزهر, وانتهاء بالمصنع الذي يستخلص العجينة.. ومن ثم يتم تصديرها- من خلال4 مصانع في شبرابلولة وكوم النجار- إلي فرنسا والولايات المتحدة الامريكية, بل وإلي الهند, التي برغم قيامها بتصدير عجينة الياسمين هي الأخري, إلا أنها تستوردها من مصر لتحسن بها العجينة التي تنتجها, ومن ثم تعيد تصديرها, وهي المعلومة التي أخبرنا بها بزهو, عاطف مهندس بأحد المصانع- اذ أكد لنا أن نوعية الزهور التي تنتجها الطينة المصرية الخصبة, لايضاهيها في جودتها وتركيز عطرها, أي زهرة ياسمين أخري, وهو ما دفع مدام سيسيل كحيل لإنشاء مصنع في القرية في خمسينات القرن الماضي, لاستخلاص عجينة الياسمين, بعد أن نقلت الشجرة من فرنسا.. موطنها الرئيسي..
الياسمين هو عماد حياة الفلاحين هنا, فإذا احتاج أحدهم مبلغا ماليا بشكل عاجل لزواج مثلا, استلف علي الياسمين بتعبير الفلاحين.. أي يحصل علي مبلغ نقدي مقدم مما يعرف بالمجمع- وهو الوسيط بين الفلاحين والمصنع- إلي أن يبدأ الموسم ويتم جني الياسمين, فيورد الفلاح إلي المجمع ما يوازي قيمة المبلغ الذي حصل عليه.
شجرة الياسمين رقيقة الأزهار, من الأشجار المعمرة, اذ تعيش في الأرض لمدة قد تصل إلي ثلاثين عاما, أما موسم التزهير, فيمتد لستة أشهر من يونيو حتي ديسمبر من كل عام.
إنتاج شبرابلولة في اليوم كما يخبرنا خالد- أحد الفلاحين هناك- يعادل خمسة أطنان من زهور الياسمين, وطن الزهر الذي يورده المجمع للمصنع تصل قيمته إلي عشرة آلاف جنيه, وهذا الطن ينتج ما يتراوح بين2 ونصف الي3 كيلو من العجينة, وكيلو العجينة يتم تصديره مقابل15 ألف دولار, أما بيعه محليا فقيمته15 ألف جنيه..
ويستدرك خالد ضاحكا: بالطبع من يقرأ تلك الارقام سيتخيل أننا نعيش حياة بالغة الثراء, لكن للأسف الفلاحون يحصلون علي الفتات, فنحن نبدأ الجمع من الثانية صباحا حتي الثانية عشر ظهرا, وأحيانا نبدأ مع منتصف الليل, أي أعمل12 ساعة, وفي النهاية أحصل علي7 جنيهات في الكيلو يمنحها لي المجمع من أصل22 جنيها يمنحها له المصنع, في حين أننا كنا نحصل في السابق علي20 جنيها, وللأسف فرض علينا التعامل مع المجمعات, وليس مع المصانع مباشرة.. ويتابع: حاولنا هنا كفلاحين إشهار جمعية للدفاع عن حقوقنا, إلا أن وزارة التضامن تعنتت معنا.
ما أن وقفنا نتحدث مع خالد لدقائق, حتي التف حولنا باقي الفلاحين, وخرجت النساء إلي الشرفات الدانية, وتقافز حولنا الأطفال فرحا وطمعا في التصوير.. كانوا خارجين لتوهم من المدرسة, يجيبون قبل أن نسأل, خاصة وأنهم العمود الفقري لعملية جمع الأزهار..
طلت النساء ببشاشتهن وخجلهن, يشكين لنا ضيق الحال, فلم يكن راضيات عن الموسم الذي انتهي مبكرا هذا العام, ليس فقط بسبب برودة الجو التي تؤثر علي حجم الزهرة وشكلها, بل وكما أخبرنا الحاج حسن, امتنعت المصانع عن شراء المزيد من الياسمين واكتفت قبل نهاية الموسم, فاستقر علي الأشجار دون جمع منذ نوفمبر الماضي, وفي الوقت ذاته- وكما أخبرتنا إحدي السيدات التي تعمل هي وأطفالها في الجمع- فإن المجهود المبذول ليس علي قدر الملاليم التي يحصلون عليها, وتتابع: من فرط الحاجة يضطر الفلاحون لجمع الياسمين دون حتي معرفة المقابل, لكن هناك من يرفض ويترك الياسمين علي الشجر.
كانت وجهتنا التالية لأحد المصانع التي تعمل في تصنيع العجينة وتصديرها.. واجهنا العاملين في المصنع بما أخبرنا به الفلاحون, فما كان منهم إلا أن نفوا واستنكروا, مؤكدين أن الفلاح يحصل علي15 جنيها في الكيلو, بل وإنه يتعمد إضافة الماء الي الزهر لزيادة وزنه, وهو ما يؤثر علي جودة العجينة النهائية.. لم يعجبنا تبادل الاتهامات, فسألناهم مستنكرين: ماذا لو امتنع الفلاحون عن الجمع وذبلت زهور الياسمين, فهل تتمكن المصانع من مواصلة عملها, أم ستخسر وتغلق أبوابها, ومن ثم تخسر مصر ترتيبيها الأول في تلك الصناعة ؟!
كانت إجاباتهم مؤيدة للنتيجة, لكن ما باليد حيلة, فهم مجرد عمال, والمسئولية تقع علي أصحاب المصانع..
تجولنا في المصنع وتعرفنا علي مراحل الحصول علي العحينة, وهي بسيطة, تبدأ بالاستخلاص من خلال تمرير غاز الهيكسان في الأواني الضخمة التي تحمل أزهار الياسمين, ومهمته فصل العطر عن الزهرة, ثم تأتي مرحلتي التركيز الابتدائي ثم النهائي, إلي أن يتم الحصول علي العجينة النهائية..
مصانع الياسمين في غير موسمه, تعمل أيضا في استخلاص العطور والزيوت من أزهار البنفسج والقرنفل والعتر واللارنج, بنفس الطريقة.. لكن يظل الياسمين هو الأصل.. إلا أن صدمتنا من حالة الشد والجذب بين الفلاحين وأصحاب المصانع, أصابتنا بالقلق علي صناعة تدر دخلا مهما, نخشي خسارته, إذا ما استمر إحساس الفلاح بالظلم والاستغلال من قبل المصنع.. واستمر الأخير في اتهام الفلاح بالغش والتحايل!! لنفيق في النهاية علي تقدم دول أخري علي مصر, بعد أن كانت متربعة لسنوات طويلة علي عرش الياسمين..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.