شاهدت على إحدى القنوات الفضائية نزاعا حامى الوطيس بين سياسى مصرى، وآخر سودانى يتحدثان عن مثلث حلايب وشلاتين، وكل منهما يثبت بالمستندات والاوراق والخرائط أن حلايب وشلاتين تابعة لسيادة بلده، الغريب فى هذه القضية أنها مثارة منذ عام 1956 وحتى الآن يظهر الصراع بين الطرفين ويختفى دون حل. وبرغم هذا الاختلاف في وجهات النظر بين الجانبين المصري والسوداني حول أحقية كل منهما للسيادة على هذه المنطقة، فإن أيا من البلدين لم يتخذ خطوة واحدة نحو عرض هذه المشكلة علي محكمة العدل الدولية، أو أي محاكم تحكيم دولية، وحرص البلدان على استمرار العلاقات الأخوية والروابط التاريخية بين الشعبين الجارين من خلال اللجوء إلى الوسائل السياسية والقنوات الدبلوماسية المحلية لحل النزاع، ونُفاجأ منذ أيام بأن السودان قدمت مذكرة للمحكمة الدولية تقر بتمسكها بحلايب.
والمشكلة لها جذور تاريخية للنزاع، زرعتها القوى الاستعمارية بين الدول العربية، وكان نصيبنا من هذه الجذور منطقة حلايب وشلاتين، ويعد الوجود البريطاني المتزامن في مصر والسودان أول من أسس لتلك المشكلة، عندما قام بتعيين الخط الحدودي الفاصل بين البلدين، وكان الفكر الاستعماري البريطاني يترقب لحظة تفكيك أملاك الدولة العثمانية، حيث وقعت اتفاقية السودان بين مصر وبريطانيا في 19 يناير 1899م، والتي وقعها عن مصر بطرس غالي وزير خارجيتها في ذلك الحين، وعن بريطانيا اللورد (كرومر) المعتمد البريطاني لدى مصر.
ونصت المادة الأولى من الاتفاقية على أن الحد الفاصل بين مصر والسودان هو خط عرض 22 درجة شمالاً، وما لبث أن أدخل على هذا الخط بعض التعديلات الإدارية بقرار من ناظر الداخلية المصري بدعوى كان مضمونها منح التسهيلات الإدارية لتحركات أفراد قبائل البشارية السودانية والعبابدة المصرية على جانب الخط، وقد أفرزت التعديلات ما يسمى بمشكلة حلايب وشلاتين.
وتقع منطقة حلايب وشلاتين على الحدود الرسمية بين مصر والسودان، وتبلغ مساحتها 20 ألف كيلو متر مربع على ساحل البحر الأحمر، وحلايب تقطنها قبائل تمتد بجذورها التاريخية بين الجانبين، كما تتنقل هذه القبائل بسهولة عبر الحدود، لأن وجودها كان سابقاً على رسم الحدود، وبها نقطة وطريق يربط بينها وبين السويس عبر بئر شلاتين وأبو رماد وتتصل حلايب ببورسودان بطريق بري غير مسفلت، وتعد مدينة حلايب البوابة الجنوبية لمصر على ساحل البحر الأحمر وتظل الوظيفة الرائدة لها تقديم الخدمات الجمركية للعابرين إلى الحدود السودانية وبعض الأنشطة التجارية.
وستظل المشكلة قائمة ولن تحلها المحاكم الدولية التى لجأت لها السودان، ولكن في كل الأحوال نتوقع أن تتراجع أهمية هذه المشكلة أمام حرص البلدين على العلاقات الأخوية والمصالح المشتركة . [email protected] لمزيد من مقالات على جاد