طالب وزراء الأوقاف والمفتون والعلماء من أعضاء وفود 70 دولة مشاركة بمؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الخامس والعشرين، والذى اختتم اعماله، أمس، بمدينة الأقصر، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإقامة تكتل عربى وإسلامى وعالمى جديد، لمواجهة الإرهاب الغاشم وانتقد المشاركون فى المؤتمر ما وصفوه بالانتقائية فى ضرب معاقل الإرهاب، ووصف المشاركون ما جرى من تفجيرات فى فرنسا بأنه « أليم ومؤلم ومأساوي» وأشادت الوفود المشاركة فى المؤتمر الذى عقد تحت عنوان: « رؤية الأئمة والعلماء لتجديد الخطاب الدينى وتفكيك الفكر المتطرف» بحالة الأمن والأمان فى مدينة الأقصر التى تستضيف فعاليات المؤتمر، وبجهود قيادات ورجال الشرطة، فى تأمين المزارات الأثرية فى المدينة التاريخية. وشدد أعضاء الوفود على استيعاب الحضارة الإسلامية لجميع الحضارات، وتقبلها للآخر، ونبذ الإسلام لهدم وتدمير الآثار فى العراق وسوريا، وغيرها من مناطق الصراعات فى العالم. وشدد المؤتمر على ضرورة التحصين المبكر للأطفال والناشئة، والحرص على عدم وقوعهم فى أيدى المتشددين، وبخاصة فى مرحلة الروضة والتعليم الابتدائي، وعدم إسناد تدريس مادة التربية الدينية إلى غير المتخصصين، وعدم تمكين أى من المنتمين للتيارات المتطرفة أو المتشددة من تشكيل عقول أبنائنا فى هذه المراحل السنية المبكرة. وأوصى المشاركون فى أعمال المؤتمر بالعمل على تجفيف منابع التطرف بالجامعات، وذلك من خلال منع تجنيد الشباب عن طريق حوارات علمية عن الإسلام وروحه السمحة تتسم بالواقعية والموضوعية والعقلانية، ومنع تحويل القاعات المخصصة للمذاكرة أو الترفيه بالجامعات والمدن الجامعية إلى زوايا لتجنيد طلاب الجامعات لصالح الجماعات المتطرفة والمتشددة، والاستعاضة عن ذلك بمسجد جامع فى كل جامعة وكل مدينة جامعية يقوم بالإشراف عليه من الناحية الدعوية العلماء المتخصصون من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف وأئمتها. وطالب البيان الختامى للمؤتمر بمواجهة الجماعات المتطرفة بتفكيك شبهاتها والرد عليها بالأدلة العلمية الدامغة، عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. وقال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، فى تصريحات له خلال مؤتمر صحفى عقد فى ختام أعمال المؤتمر، أن الإرهاب فى المنطقة تدعمه أجهزة استخبارات عالمية من أجل تفكيك المنطقة وبلدانها العربية. وأضاف ان مصر والبلدان العربية تدفع ثمنا غاليا فى إطار مواجهتها للإرهاب، وانه لابد من وجود تكتل حقيقى وتوجيه ضربات عسكرية إلى بؤر الجماعات المتشددة، فى إطار عمليات شاملة ضد كل قوى العنف والتطرف فى كل مكان. وقال إنه ليس من الحكمة أن يتم توجيه ضربات إلى قوى الإرهاب فى العراق وسوريا، وتجاهل ضرب الجماعات الإرهابية فى ليبيا، لتبقى مهددة لأمن مصر، وانه على العالم أن يواجه الإرهاب مواجهة عسكرية جادة وحقيقية، وليست « منتقاة ». وأشار جمعة إلى أن أوراق عمل وتوصيات مؤتمر الأقصر فندت الفتاوى الضالة لقوى العنف والتطرف وردت عليها، وأن مصر وأزهرها وأوقافها وعلماءها يقفون بالمرصاد للفكر الإرهابى المتطرف، ونسعى لاجتثاث الإرهاب من كل بلدان العالم، مؤكدا أنه لا أحد بمنأى عن خطر الإرهاب، وأن الإرهاب يقتل صانعه، وأن الإرهابيين يستخدمون وسائل التواصل الإجتماعى فى تجنيد الشباب بمعاونة استخبارات عالمية. وشدد المؤتمر فى بيانه الختامى على ضرورة تطبيق عدد من الآليات لتفكيك الفكر المتطرف وعلاج أسبابه من أبرزها: قصر الخطابة والدعوة والفتوى على أهل العلم المتخصصين دون سواهم، وقصر الخطبة على المسجد الجامع دون الزوايا والمصليات، ودعم موضوع الخطبة الموحدة . هذا بالإضافة إلى ضرورة التنوع الثقافى من خلال الانفتاح على الآخر والتواصل معه، مع إعداد الموفدين إعدادًا متميزًا وبخاصة فى مجال اللغات بما يؤهلهم للتواصل مع الآخر، والتوسع فى مجال الترجمة والنشر ، والانفتاح والتواصل الثقافى الداخلى بما يجمع العلماء والمفكرين والمثقفين والأدباء والإعلاميين على مائدة فكرية واحدة، مع التأكيد على أهمية وجود بناء معلوماتى قوى ومحترف يستطيع مواجهة ما ينشر من أفكار هدامة تصحيحًا وتفنيدًا ومراجعة، حرصًا على عقول الشباب وغيرهم من أن تتخطفها أيدى المتشددين. وأكد المؤتمر أهمية قيام وسائل الإعلام باستضافة العلماء المتخصصين الذين يحملون الفكر الوسطى المستنير وإبراز فكرهم ، وعدم السماح لحملة الفكر المتطرف والمتشدد أو المتحلل من الوصول إلى الشباب عبر القنوات الإعلامية المرئية أو المسموعة أو المقروءة، وطالب المؤتمر بتعميق جسور التواصل والتعاون بين الأزهر الشريف ووزارات: الأوقاف، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والثقافة، والشباب والرياضة، ودار الإفتاء المصرية، والمؤسسات الإسلامية الوسطية بالدول العربية والإسلامية، من أجل تفكيك الفكر المتطرف والقضاء عليه ، وبيان خطورته على الفرد والمجتمع والعالم، مع العمل على بناء تكتل عربى وإسلامى وإنسانى لمواجهة قوى الشر والتطرف والإرهاب . وأوصى المؤتمر بالعمل على تحقيق الاجتهاد الجماعى الذى يدعى إليه كبار علماء المسلمين فى القضايا المشكلة والعالقة، خصوصًا ما كان منها متعلقًا بقضية الإرهاب، وتحديد مفهوم دار الإسلام، والالتحاق بجماعات العنف المسلح، والخروج على المجتمع وكراهيته، واستباحة دم المواطنين بالقتل أو التفجير.