"الفن للارتقاء بمستوى المعيشة وتحسين جودة حياة الناس".. هذا الشعار عملت فنانة تشكيلية صينية على تطبيقه، بالتعاون مع السلطات المحلية فى إحدى القرى شمال غرب الصين، من خلال تدريب الموهوبين من سكان القرية على الرسم والنحت وغيرهما من الفنون، وعرض إنتاجهم للبيع لزيادة دخولهم، ومحاربة الفقر بالفن والإبداع. فى المرسم الخاص أو مركز التدريب الفنى كما يطلقون عليه فى قرية "دونج هان" القريبة من مدينة شيان العاصمة الثقافية للصين، التقت "الأهرام" الفنانة التشكيلية "بان سياو لين"، عضوة جمعية الفنانين الصينية والمشرفة على المركز، فقالت إنها بدأت العمل على تطبيق هذه الفكرة منذ أكثر من 15 عاما، بعدما لاحظت خلال الاحتفالات المختلفة للقرية أن عددا كبيرا من سكانها يتمتعون بمواهب مميزة فى الرسم والنحت وإنتاج المنتجات اليدوية الفنية، حيث كانوا يشاركون بها فى تلك الاحتفالات. وهو ما دفعها للتواصل مع المسئولين المحليين فى القرية، وتم التعامل مع الفكرة بجدية واعتبارها جزءا من استراتيجية صينية لمحاربة الفقر، وبدأت الخطوات العملية بتخصيص مكان لتدريب الراغبين من الفلاحين على قواعد الرسم والنحت والورق المفرغ وأعمال التطريز الفنى وغيرها من الفنون، وتم توفير الخامات والأدوات، وجاء فنانون متخصصون للمساهمة فى الفكرة. وتشير الفنانة الصينة إلى أنه بعد أشهر قليلة بدأ المغرمون بالأعمال الفنية وهواة اقتنائها من المدن الأخرى يأتون إلى القرية لشراء الأعمال الفنية، وهو ما زاد من حماسة الفلاحين على مواصلة العمل، حيث فوجئوا بالأسعار الكبيرة التى بيعت بها أعمالهم، ومع الوقت تم تخصيص مكان آخر ليكون صالة عرض دائمة للوحات والأعمال الفنية التى يتم إنتاجها فى القرية. ومع تطور الفكرة أصبح للأعمال الفنية المنتجة بالقرية شهرة واسعة، كما تقول الفنانة بان سياو لين، وتم الاتفاق على الخروج بهذه الأعمال من النطاق المحلى إلى الساحة الفنية الدولية، فشاركت القرية بعدد من اللوحات فى معارض دولية بالعاصمة الفرنسية باريس، وفى دول آسيوية مجاورة من بينها سنغافورة، التى سيشاركون فى معرض دولى جديد بها الشهر المقبل. وعن أغلى لوحة تم بيعها من إنتاج القرية قالت الفنانة الصينية إن هناك لوحات كثيرة حققت أرقاما مفاجئة بالنسبة لها هى شخصيا، لكنها تذكر لوحة تم بيعها خلال أحد المعارض فى باريس وبلغ سعرها ما يوازى 100 ألف يوان صينى (اليوان 1.2 جنيه مصرى)، وكان ذلك السعر مفاجأة لصاحب اللوحة. وفيما يتعلق بعدد المترددين على المركز الفنى للقرية، والذين يستفيدون من خدماته، ونوعية هذه الخدمات، تقول "بان سياو لين": لدينا أكثر من 200 فنان مرتبط بهذا المكان، حيث يساهمون فى تدريب الهواة الجدد، ونسوق لهم أعمالهم، ونساعدهم على المشاركة فى المعارض المحلية والدولية، وبالنسبة للمتدربين فأعدادهم فى تزايد مستمر، خصوصا بعدما رأوا أن حياة جيرانهم وأصدقائهم تغيرت للأفضل بعد بيع أعمالهم، وحصلوا على زيادة كبيرة فى دخلهم. لاحظت أن الأعمال المعروضة فى مركز التدريب الفنى أو صالة االعرض تتميز جميعها بالألوان الدافئة الزاهية، فسألت الفنانة الصينية عن سر ذلك فقالت إن الفنانين الذين رسموا هذه الأعمال يعايشون يوميا الطبيعة من خلال عملهم فى الحقول التى تحيط بالقرية، وبها النباتات وأشجار الفاكهة ذات الألوان الزاهية، وقد انعكست مفردات الطبيعة المحيطة على أعمالهم، فستجد فيها الفراشات والحيوانات والزرع وأدوات العمل، فهم ينقلون حياتهم اليومية واحتفالاتهم على اللوحات، التى تكتسب أهمية خاصة باعتبارها تأريخا فنيا لهذه الحياة.