في ظل الاهتمام العالمي بتوفير مصادر بديلة ومستدامة للطاقة خاصة في قطاع النقل والمواصلات تبدو تجارب المراكز البحثية الألمانية من الأمور التي تدعو للكثير من التأمل والترقب فخلال السنوات الماضية نجحت شركات السيارات الألمانية في طرح نماذج متطورة من السيارات غير الملوثة للبيئة. لذلك بدت تجربة زيارة المراكز البحثية بجنوب ألمانيا ضمن وفد من الإعلاميين الأوروبيين للتعرف علي تقنيات الطاقة المتجددة بولاية بادن فوتنبرج بمثابة معايشة لما وصلت إليه قلاع الصناعة والبحث العلمي في العالم من تقدم في طرح بدائل الوقود الاحفوري. ............................................................. ففي مركز بحوث الهيدروجين والطاقة الشمسية بمدينة شتوتجارت عرض د. مايكل شبيكت نماذج للسيارات والدراجات الكهربائية والمزودة ببطاريات الليثيوم المثبتة أسفل مقعد السائق حيث تزود السيارة بالكهرباء للسير لمسافات تتراوح مابين100 و140 كم قبل الحاجة لإعادة شحنها من جديد. كما تم عرض نماذج أخري من السيارات المزودة بخلايا الوقود أو اسطوانات الهيدروجين. تلك النماذج يمكنها قطع مسافات أكبر حيث يتم تزويدها بالهيدروجين الذي يتفاعل مع أكسجين الهواء لينتج الطاقة اللازمة لقيادة السيارة لمسافة300 كيلومتر قبل الحاجة لإعادة تزويدها من جديد بالهيدروجين كما أنها تنتج الماء كعادم. وسعيا لتوفير الوقود اللازم للسيارة أقام مركز فراونهوفر لأبحاث الطاقة الشمسية محطة تجريبية بمدينة فرايبورج لإنتاج الهيدروجين وتزويد السيارات بالغاز. ولكي تكون المحطة نموذجية فإن عملية إنتاج الغاز تعتمد علي الطاقة الشمسية بما يقلل من تكاليف الإنتاج وبيع الغاز للسيارات وفي الوقت الراهن فإن المحطة تعمل لخدمة3 سيارات فقط في المدينة علما بأن الخطة التي وضعتها ألمانيا هي إقامة100 محطة لتزويد السيارات بالهيدروجين أملا في أن يتضاعف العدد من هذه السيارات الي مليون سيارة خلال السنوات القادمة. الطريف في الأمر, ما أبدته إحدي السيدات صاحبة السيارة التي تعمل بالهيدروجين من المشكلات التي تواجهها حيث إن محرك السيارة شبه صامت مقارنة بالسيارات التقليدية بحيث من الصعب الانتباه لصوته أثناء سيرها من بعيد وهو ما يتسبب في وقوع بعض الحوادث. وفي سياق آخر, وخلال زيارة معهد كارلسروه للتكنولوجياKIT أتيح للوفد الصحفي زيارة مصنع مصغر لإنتاج الكحول والديزل من المخلفات الزراعية مثل قش الأرز والأعلاف وحتي الحشائش التي يتم حرقها في الأراضي الزراعية لتجنب انتقال الأمراض للنباتات حيث أقام الفريق البحثي بالمعهد نموذجا مصغرا لمصنع لتجربة كل المراحل الكيميائية علي نطاق موسع لتحويل المخلفات الزراعية إلي وقود وكما أوضح د. نيكولاوس داهمان منسق الفريق البحثي فإنه في الوقت الراهن نجحنا في تجربة كل نوع من المخلفات الزراعية علي حدي في إنتاج الكحول وما نحاول تنفيذة علي نطاق أكبر هو تصميم نموذج صناعي قابل للتطبيق يشمل مراحل التصنيع الأولية والتي تسمح بتحويل المخلفات الزراعية إلي مكونات أصغر حجما وأسهل في النقل للمصنع الرئيسي والذي ستجري فيه العمليات الكيميائية لتحويل المخلفات سواء إلي كحول أو ديزل حسب نوع المخلفات الزراعية وهو مايغني عن توجيه الحاصلات الزراعية مثل الذرة أو قصب السكر لإنتاج الوقود مثلما هو الحال في البرازيل علي سبيل المثال. من ناحية أخري يشير د. داهمان إلي أنه ما زالت مراحل التصنيع لإنتاج الوقود مكلفة مقارنة بسعر الوقود الأحفوري فعلي سبيل المثال فإن20 كجم من العلف يمكن تحويلها إلي8 كجم من الوقود الأولي ثم بعد مراحل التنقية يمكن الحصول علي5 لترات تقريبا من الإيثانول, إلا أن الأمل معقود للوصول لتقنيات تصنيع تقلل من التكلفة ومراحل التصنيع وتتيح الاستفادة من المخلفات الزراعية.