كتاب ألفه الفيلسوف الفرنسى فرانسوا مارى أرويه- الذى عرف بالاسم المستعار فولتير قبل 250 سنة0 أصبح فى صدارة قائمة الكتب الأكثر مبيعا فى فرنسا بعد الهجوم على صحيفة «شارلى ابدو» التى دأبت على السخرية من الرسول. الكتاب بعنوان «بحث فى التسامح»- فى 1763 صفحة- وهو يعد صرخة فى وجه التعصب الدينى الذى ميز تلك المرحلة التى عاش فيها فولتير، حيث الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت, واستهدف منه أن يجعل من البشر كائنات أكثر رحمة ووداعة. يتحدث الكتاب عن مصرع جان كالاس( ينتمى للأقلية البروتستانتية) على يد التعصب الدينى المذهبي، وينتهى بانتصار جان كالاس نفسه بعد موته، حيث انتصفت العدالة له بفضل جهود فولتير. ونلاحظ هنا أن فولتير المنتمى للأغلبية الكاثوليكية انتصر لواحد من الأقلية, فهو كمفكر حر يكره الظلم أيا كان مصدره. ويقول فولتير: إن الدين وُجد لنكون سعداء فى الحياة الدنيا والآخرة. فما المطلوب كى نكون سعداء فى الآخرة إلا أن نكون صالحين و متسامحين. ويدعو فولتير المسيحيين إلى أن يجعلوا من جميع الناس إخوة رغم اختلاف عقائدهم . ويقر بأن التعصب مسألة داخلية، إنه مرض متجذر فى أعماق الشعب الفرنسي، وفى أعماق عائلته الشخصية وطائفته الكاثوليكية بالذات. وفى موضع من الكتاب يقول: «فإن شئتم أن تتشبهوا بالمسيح، فكونوا شهداء لا جلادين». وبالكتاب أقوال مأثورة, مثل: إنه لمن قلة الدين أن نحرم البشر من الحرية فى موضوع الدين، وأن نحول دون اختيارهم لإلههم، فما من إنسان, ما من إله, يرغب فى عبادة قسرية «إن العنف يخلق منافقين ، فالإقناع يستحيل عندما يسلط سيف التهديد» مثل الدين كمثل الحب ، فهو لا يُفرض فرضا ولا مدخل للإكراه إليه، ولا شيء أكثر استقلالية من الحب والإيمان. ونشير فى سياق متصل الى أن فولتير, الذى نبذ التعصب فى المجتمع الفرنسي, ارتكب خطأً فكريا فى تأليفه مسرحية «التعصب: أو حياة محمد» ، لأنه أراد من خلال هذا العمل نقد الكنيسة وتدنيس كل مقدس، ووجد أن النيل من الإسلام ومن الرسول عليه الصلاة والسلام سيكون مقبولا فى مجتمعه ولدى الكنيسة، ولكن الكنيسة منعت عرضها لأنها وجدت نفسها مستهدفة بها.. لكن فولتير عاد لينقض تلك الافتراءات ضد الإسلام، عندما عرف جيدا حقيقة الإسلام وما فيه من التوجيهات والمبادئ السامية، حيث تأثر بكتاب «سيرة حياة محمد» لمؤلفه هنرى دى بولونفيرس الذى نُشر فى لندن عام 1720، وفيه دفاعٌ عن رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام، وردٌّ على المطاعن والانتقاصات التى وُجهت اليه. وألَّف فولتير كتابه «بحث فى العادات» عام 1765مادحا فيه الإسلام ومشيدا بمحمد وبالقرآن، وكان يري: «أنَّ محمدامع كونفوشيوس وزرادشت أعظم مشرعى العالم».. على حد تعبيره. وفى عام 1751 نشر فولتير كتابا بعنوان «أخلاق الأمم وروحها» دافع فيه عن محمد عليه الصلاة والسلام باعتباره مفكرا سياسيا عميق الفكر و«مؤسس» دين عقلانى حكيم-على حد قوله- ومشيرا إلى أن الدول الإسلامية كانت تتمتع دائما بالتسامح الذى خلا منه التقليد المسيحى تاريخيا.