1000 جنيه حافز للمعلمين| السيسي: تطوير مختلف المناهج لمواكبة العصر الرقمي    نائب رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع مركز رعاية الطلاب ذوي الإعاقة    البابا تواضروس يختتم جولته الرعوية بأسيوط    غداً.. موعد طرح أغنية «واحد اتنين تلاتة» ل محمد رمضان| فيديو    أحمد عباس يكتب: اجتماعات الخريف    "نيوجيرسي للتطوير العقاري" توقع بروتوكول تعاون مع مؤسسة "راعي مصر" بحضور الوزيرة السابقة نبيلة مكرم    قرار عاجل بإحالة مسؤولين بالزراعة ووحدة محلية في المنوفية إلى النيابة    وزير الاتصالات ومحافظ الأقصر يفتتحان مركز شركة فاوند إيفر العالمية بمحافظة الأقصر    قيادات فلسطينية بارزة على رأس قوائم صفقة التبادل المرتقبة    مجلس جامعة حلوان يستهل جلسته بالوقوف دقيقة حداد على روح رئيس الجامعة الأسبق    مدير الإغاثة الطبية في غزة: المساعدات لم تكن يومًا كافية    الخداع الاستراتيجي ..أحد أسرار النصر في حرب أكتوبر المجيدة    700 مباراة| أرقام جوردي ألبا بعد إعلانه الاعتزال    وزير الرياضة يشيد بنتائج بعثة رفع الأثقال المشاركة ببطولة العالم    بيان رسمي من برشلونة بشأن افتتاح ملعب كامب نو    بعد قرار تمثيل أمريكا.. القصة الكاملة لأزمة كيشو مع اتحاد المصارعة    رابطة الأندية تعلن عقوبات الجولة العاشرة من بطولة الدوري    ضبط 6 طن خضروات مجمدة منتهية الصلاحية داخل إحدى الثلاجات بالإسكندرية    سقوط تاجر كسر شفرات القنوات الفضائية في قبضة الأمن    الأرصاد: رياح وأمطار وسحب منخفضة على شمال البلاد والقاهرة الكبرى    الداخلية تعلن بدء قبول طلبات التقدم لحج القرعة ابتداءً من الأحد وحتى 28 أكتوبر (الإجراءات والشروط)    مدبولي: اكتمال مشروع حديقة تلال الفسطاط بالتزامن مع افتتاح المتحف الكبير    «المنبر» أفضل فيلم فى «الإسكندرية السينمائى»    انطلاق الدورة 2 من مهرجان جيلنا بحضور شيكو وتوتة وعايدة رياض    أسماء جلال من كواليس «فيها إيه يعني؟»: «كل واحد يخليه في حاله»    «كل شيء خلقناه بقدر».. رمضان عبدالمعز: تدابير الله لا يحيط بها عقل ولا يدرك حكمتها أحد    بصلي وبصوم وبسرق وعاوزة أكفر عن ذنبي؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم سب الدين عند الغضب؟.. أمين الفتوى يُجيب    وكيل صحة شمال سيناء يوجه بتوفير الخدمات للمرضى المحجوزين    «صحة الأقصر» وجامعة الأزهر تبحثان افتتاح فصول للتمريض بنظام الخمس سنوات    تُدشّن مبادرة الكشف المبكر عن أمراض سوء التغذية لطلاب المدارس بالمنوفية..صور    وزير الصحة يترأس الاجتماع الدوري للمجموعة الوزارية للتنمية البشرية    "المستشار هشام قطب" يدعو لتفعيل نظام المساعدة القانونية لغير القادرين ماليًا    بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم: أحمد عمر هاشم خدم كتاب الله وساند المسابقة    بسبب معاكسة فتاة.. إصابة شخصين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء في أوسيم    عالم يكتشف فوزه بجائزة نوبل خلال رحلة فى البرية للتخلص من إدمان الهواتف الذكية    وزير الخارجية يلتقي رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري    الكرملين: تسليم صواريخ توماهوك إلى كييف تصعيد خطير    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 7 اكتوبر 2025 فى المنيا    اليونيسيف: أطفال غزة يعيشون رعبا ينبغي ألا يواجهه أي طفل    مدبولي يوجه بتوفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الكبرى    قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 2691 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    تحرير 118 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء خلال 24 ساعة    كيروش: مواجهة قطر صعبة.. ونطمح للانتصار في بداية مشوار التأهل    كريم أدريانو يفوز بجائزة «the best» في ثاني أيام عروض مهرجان «المهن التمثيلية» (تعرف على الفائزين)    الأهلي يحيل ملف ثلاثي الفريق إلى لجنة التخطيط لحسم مصيرهم    محافظ بورسعيد للطلاب: عليكم بالتمسك بالأخلاق الحميدة التي يرسخها الأزهر الشريف    أغلقوا المدرسة قبل موعدها، تحويل العاملين بابتدائية قومبانية لوقين بالبحيرة للتحقيق    «مش بيحبوا يتحملوا مسؤولية».. رجال 5 أبراج يعتمدون على الغير بطبعهم    وكيل صحة بني سويف يشيد بدور التمريض: العمود الفقري للمنظومة الصحية    جلسة استماع جديدة للزمالك فى شكوى زيزو الأسبوع المقبل    ضبط 99 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 5 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    خادم الحرمين وولي العهد يهنئان الرئيس السيسي بذكرى نصر أكتوبر    وكيل الشباب بالجيزة: تنفيذ 6 مشروعات استثمارية خلال 3 أشهر بقيمة تصل ل15.5 مليون جنيه    وزير الخارجية: نثق في قدرة الرئيس ترامب على تنفيذ خطة غزة    مفاجآت فى واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة بسقارة.. فيديو    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زلزال «كوربن» يثير حماسة بريطانيا... وخوفها
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 09 - 2015

من قال إن السياسة فى بريطانيا مضجرة؟. على الأقل لم تكن مضجرة أو متوقعة خلال الأسابيع الأخيرة التى شهدت إحتدام المنافسة على زعامة حزب العمال البريطانى وانتهت بانتخاب «مرشح الظل» و«ممثل الصفوف الخلفية» جيرمى كوربن زعيما للحزب رغما عن أنف الكثير من كبار قياداته ومن بينهم تونى بلير وبيتر مندلسون وجوردن براون والستر كامبل الذين استخدموا كل رصيدهم السياسى داخل الحزب لمنع انتخابه.

لكن كوربن انتخب زعيما بأغلبية 59.5% من الأصوات وفى واحدة من أكثر النتائج غير المتوقعة فى تاريخ الحزب، دافعا نحو 8 من قيادات الحزب إلى الاستقالة من وزارة الظل، وإعلان أنهم لن يعملوا تحت قيادته وذلك وسط تحذيرات من أن الحزب بعد انتخابه بات «غير قابل للانتخاب» وأنه «سيظل فى صفوف المعارضة لفترة طويلة».
ومع أن البعض داخل حزب العمال بدأ يتحدث عن «إسقاط» كوربن من زعامة الحزب قبل حلول الصيف المقبل، إلا أن الفوز الكبير الذى حققه يجعل أمر إطاحته محفوفا بالمخاطر وقد يهدد بانقسام الحزب. فكوربن حصد أصوات أكثر من تلك التى نالها تونى بلير عندما انتخب زعيما للعمال، وأشعل جدلا سياسيا عميقا ومطلوبا حول معنى أن تكون يساريا فى أوروبا اليوم، والفروق بين اليمين واليسار الأوروبي.
فكيف استطاع كوربن القادم من المقاعد الخلفية لحزب العمال والذى لم يشغل يوما منصبا فى حكومات الظل العمالية و«الدخيل» على مراكز القوى فى حزب العمال، الاشتراكى المتحمس ذى الأفكار المثيرة للجدل، الحصول على ذلك الدعم الهائل من أعضاء حزب العمال والنقابات والشباب والمسجلين الجدد فى الحزب؟.
ربما تكمن الإجابة فى المزاج العام داخل حزب العمال. فالحزب فى حالة حرب داخلية منذ سنوات تونى بلير. ولم يفعل انتخاب اد مليباند زعيما للحزب إلا القليل لتخفيف الاحتقان الداخلى بين «الكتلة البليرية»، أو المؤيدين والداعمين لسياسات تونى بلير، وبين «الكتلة الراديكالية»، من أعضاء المقاعد الخلفية والنقابات، الذين يرون أن حزب العمال «فقد البوصلة اليسارية» خلال العقدين الماضيين، وبات «حزب مسخ» لا هو يسار حقيقي، ولا هو يمين أصلي. وبالتالى لم يعد يقدم بديلا مقنعا عن حزب المحافظين. لكن السؤال الجوهرى والمفصلى لدى حزب العمال اليوم هو: هل المزاج العام داخل حزب العمال يعكس المزاج العام فى بريطانيا؟.
على الأرجح لا، وهذا هو مصدر القلق الكبير داخل حزب العمال اليوم. ويقول تونى ترافيرز الأستاذ البارز فى مدرسة لندن للعلوم الاقتصادية إن المؤشرات تدل على أن «المزاج العام للناخب البريطانى هو التصويت بشكل مضطرد نحو اليمين ويمين الوسط». ويبدو هذا جليا فى ضوء فوز حزب المحافظين بالانتخابات العامة فى مايو الماضى بنسبة 39% من الأصوات، وحلول حزب «استقلال بريطانيا» القومى اليمينى (يوكيب) فى المركز الثالث.
ومع ذلك لا يمكن اختصار فوز كوربن بتحولات وتطلعات داخل حزب العمال فحسب، منبتة الصلة بما يحدث فى باقى بريطانيا. فكوربن يلبى تطلعات قطاعات كبيرة وسط البريطانيين خاصة الشباب والطبقة العاملة، كما أنه يجد صدى جيد جدا فى اسكتلندا. هذا يعنى أن كوربن له أنصار وكتل تصويتية مؤكدة. لكن السؤال هل يمكن لهذه الكتل التصويتية أن تأخذه لمنصب رئيس الحكومة؟.
كوربن يراهن على ذلك. ويرى أن ال40% الصامتة التى لا تصوت أبدا فى الانتخابات، يمكن أن تصوت للعمال إذا كان لديهم الشجاعة كى يكونوا مختلفين بما فيه الكفاية عن المحافظين ولديهم برامج قادرة على الاستجابة لتطلعات ومطالب الطبقات الوسطى والعاملة البريطانية.
وبرغم أن قيادات بارزة داخل الحزب من بينهم جون بريسكوت وديان ابيت وعمدة لندن السابق كين ليفنجستون يقفون على نفس الأرضية التى يقف عليها كوربن، ويرون انه المرشح الوحيد الذى يتمتع بحظوظ حقيقة لهزيمة المحافظين، إلا أن أمام كوربن تحديات كبيرة على رأسها توحيد صفوف حزب العمال خلفه والوقوف على أرضية مشتركة فيما يتعلق بالكثير من القضايا الجوهرية. والأهم إقناع الناخب البريطانى أنه قادر على تنفيذ المانيفستو الذى وعد به. وهذا تحد هائل، فمعضلة اليسار البريطانى أن الناخب يؤيد شعاراته وأفكاره الكبرى اجمالا، لكن نفس الناخب يراها فى الكثير من الحالات «فانتازيا حالمة» غير قابلة للتحقق على أرض الواقع، وإذا حاول أحد تطبيقها فغالبا ما ستكون النتائج كارثية اقتصاديا وسياسيا.
ومع أن برنامج كوربن يتضمن على سبيل المثال جعل التعليم الجامعى مجانا، وإلغاء سياسات التقشف، وزيادة الحد الأدنى الوطنى للأجور، وزيادة الضرائب على الأغنياء، والتخلص من الأسلحة النووية البريطانية، وإعادة قطاع المواصلات وشركات الطاقة للسيطرة الحكومية، وإصلاح الاتحاد الأوروبي، وخروج بريطانيا من حلف شمال الأطلنطي، وهذه سياسات الكثير منها شعبى وله أنصار وداعمين وسط الناخبين البريطانيين، إلا أن بعضها الآخر يبدو «راديكاليا أكثر من اللازم» وعلى رأس هذا مثلا تخلص بريطانيا من أسلحتها النووية. فغالبية البريطانيين تعارض هذا.
أيضا من المعضلات التى تواجه كوربن هى «رسم الخطوط الفاصلة بينه وبين المحافظين بوضوح». وهذا أيضا تحدى صعب. فاليمين البريطانى «لم يعد يمينا صرفا»، بل «يمين وسط ويتحرك بشكل مرن وبحسب الظروف بين أفكار اليمين واليسار كى يوسع قاعدته الإنتخابية» كما يقول تونى ترافيرز الأستاذ فى مدرسة لندن للعلوم الإقتصادية، موضحا: لن أسمى الأمر سرقة، لكن حزب المحافظين أقتبس بعض سياسات وشعارات اد مليباند ومن بينها الحد الأدنى الوطنى للأجور الذى أعلنه حزب المحافظين كجزء من أهداف حكومة ديفيد كاميرون للسنوات الخمس المقبلة.
لن ينتظر العالم حتى 2020 للحكم على قدرات كوربن كزعيم لحزب العمال. ففى العام المقبل يواجه الحزب وكوربن اختبارين مهمين، الأول الانتخابات المحلية، والثانى انتخابات عمدة لندن، وسيتضح ساعتها إذا ما استطاع كوربن توحيد الحزب خلف قيادته أم لا.
وهذا يتوقف إلى حد كبير عليه. فليس كل المعارضين لكوربن داخل حزب العمال «بليريين». فالواقع أن الكثير منهم ليسوا من مؤيدى بلير، لكنهم يتخوفون بصدق من أن يسارية كوربن التى لا تعرف الحلول الوسط ستعنى أن حزب العمال بات غير قابل للإنتخاب. أنه خوف حقيقى ينبع من حقيقة معرفتهم بطبيعة السياسة فى بريطانيا، وهى طبيعة محافظة اجمالا.
ومع أن فوز كوربن بنحو 250 ألف صوت من الذين صوتوا فى انتخابات زعامة الحزب انجازا كبيرا بكل المعايير، إلا أنه لا يمكن أن يقاس بما حققه ديفيد كاميرون فى الانتخابات العامة فى مايو الماضى عندما حصل على 11.25 مليون صوت برغم الاستقطاعات والتقشف وخفض الإنفاق العام.
فهل يستطيع كوربن الحصول على تفويض شعبى بهذا الحجم؟ من المبكر جدا الإجابة على هذا السؤال. لكن لو لم ينجح كوربن فى طمأنة غالبية الناخبين إلى أنه قادر على إدارة الاقتصاد بشكل فعال، فإنه سيكون من المستحيل انتخابه. فالناخب البريطانى يصوت أولا للاقتصاد وثانيا للهجرة وثالثا للعلاقة مع أوروبا.
مهاجمة كوربن ستكون مهمة سهلة بالنسبة لحزب لمحافظين. والمحافظون والصحافة المحسوبة عليهم بدأوا بالفعل حملة الأوصاف الجاهزة التى تخيف الناخب وتقلقه ومنها «الاشتراكي»، «اليسارى الراديكالي» و»سياسى من الطراز العتيق المجمد»، كما وصف وزير الدفاع مايكل فالون حزب العمال بعد انتخاب كوربن بأنه بات «خطرا على الأمن القومى البريطاني.
وهذا يضاف إلى التحديات التى سيواجهها كوربن، فهو ينتخب فى وقت حاسم بالنسبة لحزب العمال. فالحزب أمامه تحديان يحددان مصيره. التحدى الأول هو زعيم قادر على توحيد صفوفه بعد مهانة انتخابات مايو الماضي. والتحدى الثانى تحديد الأرضية الايديولوجية التى سيقف عليها الحزب هذه أسئلة مصيرية يواجهها حزب العمال الذى يقف على أعتاب التحول إلى حزب المعارضة بشكل دائم فى الحياة السياسية البريطانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.