مشروع قانون التأمينات والمعاشات الجديد متهم بأنه يتلاعب بمشاعر كبار السن, ويضع لهم السم في العسل, بالمد حتي الخامسة والستين, متناسيا مشكلة البطالة التي تتزايد بين الشباب.. ويخالف في بعض بنوده البرنامج الانتخابي للرئيس, خاصة بالنسبة لتوريث المعاش. والحد الأدني له, لذا يطالب الجميع بطرح مشروع القانون للمناقشة العامة خاصة الثلاثية التي نصت عليها منظمة العمل الدولية وهي اتحاد العمال والغرف التجارية واتحاد الصناعات, إلي جانب خبراء الجامعات ومراكز الأبحاث والمختصين للخروج بقانون معتدل يرضي الأغلبية, ولايأتي عليهم بالهم والغم.. باستطلاع رأي الخبراء وبعض المواطنين كان رأي معظم كبار السن خاصة من الفئة التي ستستفيد من مد سن المعاش, وهم أقل من سن الخمسين, أن مسألة المد هذه غير طبيعية, وأنها حق يراد به باطل.. وعلي حد قول أحد المحاسبين هل يعقل أن يتم المد لي وإبني عاطل عن العمل ولايستطع الزواج, فالعملية كلها لعب مادي, ويعطي الفرصة لجلب المزيد من التأمين بدلا من صرف مستحقات المؤمن عليه بعد المعاش. وعلي حد قول طبيب إن أردنا المد لجراح عظيم فلا مانع أن نمد له بالمكافأة بعد تسوية حالته وحصوله علي معاشه الذي يرضيه. ويري القلة أن عملية المد أصبحت ضرورية حيث زاد متوسط العمر وتخرج الناس للمعاش وهم في صحة جيدة فلماذا لا نستفيد بمجهودهم وخبرتهم. هذا كان هذا كلام أحد المحامين, أما الشباب فيرفض فكرة المد تماما ففي تجمع لبعض شباب إحدي الجامعات قالوا هذا المشروع الظالم للقانون الذي يسمح بالمد لبعد الستين يظلمنا ويؤدي للمزيد من العاطلين صغار السن مما يعمل علي انتشار الرذيلة والانحراف والعنف والحقد. ومن ناحيته يقول الدكتور عصام فوزي الأستاذ بأكاديمية الدراسات المتخصصة التابعة للجامعة العمالية عجيب أمر وزارة المالية فهم لايشعرون بالمواطنين ومشروع القانون ليس الغرض منه مصلحة المواطنين وهو مبهم, خاصة جزئية مد سن المعاش, ومعناه من يبلغ سنه الآن53 سنة غير مستفيد منه, ويوجد اعتراضات من النقابات لأنه يخصهم وتم تمريره ولم يعرض المشروع عليهم ولا علي الخبراء والمختصين, والمشروع لن يكون قائما إلا عام2025 ويجري تطبيقه علي مراحل, وإذا كان الهدف من تأجيل سن المعاش الاستفادة بخبرات كبار السن فهذا غير صحيح, فالهدف الاحتفاظ بأموال التأمينات, وما المغزي من مد المعاشات إلي65 سنة؟ فإذا كان ذلك لصالح المواطن فمن الأفضل أن يبدأ المد من هذا العام, ولماذا يتم المد علي مراحل؟ ويضيف أن مبدأ المد عكس مبدأ القضاء علي البطالة, وأيضا عكس مبدأ ترشيد أعداد موظفي الحكومة, فنحن من أعلي دول العالم في نسبة الموظفين في قطاع الحكومة حيث يوجد نحو6 ملايين موظف بنسبة تتراوح مابين8-10% من تعداد السكان, فما الهدف من مد سن المعاش فإن كان لصالح المواطن ظاهريا فهو ليس في صالح الأجيال القادمة؟! وينادي الدكتور عصام بالكشف عن تفاصيل القانون وإتاحته بشفافية للإعلام والمختصين والرأي العام ولايجب أن يمرر في الظلام, فهو يحتاج إلي مناقشات ورضا عام من جميع الجهات قبل إقراره تشريعيا, فإصدار القوانين بهذا الشكل حكر علي الرأي الآخر بل وتعسف وهذا ما نرفضه تماما حتي وإن كان المشروع يعجب الجميع, لأن أي قانون لابد أن يأخذ فرصة كافية للنقاش خاصة أن هذه الدورة هي الأخيرة لمجلس الشعب الحالي, ونتمني عدم الاستعجال في الموافقة عليه لأنه يوجد رفض شديد من معظم الجهات له, فنحن في حاجة لقانون مثل قوانين البلاد المتقدمة يحافظ علي العمالة وتكريمها في نهاية مشوار الخدمة ولا يكون له أهداف غير معلنة, فمن الممكن ان يكون القانون مفيدا لكن الغموض الذي يكتنفه والعجلة في الموافقة عليه مخيفة ومريبة. فالبنسبة لمد الخدمة للاحتفاظ بالخبرات ليس شرط مد تسوية المعاش عند ال65 بل يتم التسوية عند الستين والمد الاستثنائي بالمكافآت, وهذا معمول به في كثير من الجهات ولاحجة لأحد.. ويتساءل: ما مشكلة وزارة المالية في عرض تفاصيل مشروع القانون للنقاش العام فترة وجيزة, حتي لايتم مناقشته بعد صدوره بلافائدة؟! للأسف هذه آفة في مصر حدثت لكثيرمن القوانين التي يصعب مستقبلا تعديلها. قيادات تنتقد من جهتها مشروع قانون التأمينات الجديد.. هذا ما يؤكده إبراهيم الأزهري الأمين العام لاتحاد عمال مصر, وهناك تحفظ شديد عليه وعلي أسلوب تقديم القانون متجاهلا الجهات المعنية بالأمر, فالموضوع خطأ من البداية, ويتساءل لماذا يتم إلغاء القانون الحالي, وعمل قانون جديد؟, فالدستور تم تعديله ولم يتم إلغاؤه وهذا أبو القوانين, وقانون التأمينات من روافد الدستور فمن الأفضل تعديله, خاصة أنه يوجد أربعة تشريعات تأمينية أخري ستلغي وتدخل في إطار القانون الموحد للتأمينات, كما يوجد أنظمة تأمينية تكميلية لبعض الهيئات والشركات, فمثلا الرقابة الدوائية لها صندوق, وكذلك لديكم في الأهرام صندوق, فهل سيتم إلغاء هذه الصناديق وإدخالها في القانون الجديد؟! برغم ان وزير المالية أشار إلي أنه سيترك لهذه الجهات حرية القبول أو الرفض. ويوضح الأزهري أن قانون النقابات ينص علي أن أي مشروع قانون أو قرارات تخص العمال يجب الرجوع فيها لاتحاد العمال أولا, وكانت المفاجأة أنه وصل إلي مجلسي الشوري والشعب بسرعة ولم نعلم إلا من وسائل الإعلام.. فما الهدف من ذلك؟!
ويتابع أن المشروع ألغي بعض الميزات المهمة الموجودة في برنامج الرئيس مبارك مثل نظام توريث الإخوة, وهو موجود في القانون القديم منذ35 سنة, وانتقص كذلك من المزايا الموجودة فخفض سن التوريث للمعاش من28 إلي26 سنة, كيف؟ فهل يتخرج الابن ويجد العمل ينتظره علي الباب حتي نحرمه من معاش الأب؟!, وللأسف في الوقت نفسه يطالب مشروع القانون بمد سن التقاعد إلي الخامسة والستين مما يزيد من البطالة, وعدم وجود فرص العمل. ويتعجب أمين أتحاد العمال في أن القانون المزمع ينص علي تشكيل لجنة وزارية من5 وزراء لرسم السياسة التأمينية في مصر, وكل ما هو متصل بالتأمينات والمعاشات, فسألت وزير المالية هل هذه أموال الحكومة لكي تشكل لجنة حكومية أم أنها أموال العمال؟! فمن الأولي والمفيد والعدل وجود الثلاثية التي أقرتها منظمة العمل الدولية وهي تشمل اتحادات العمال والصناعات والغرف التجارية.
ويؤكد الأزهري أن مد سن التقاعد الذي يشمله القانون الجديد لايتماشي مطلقا مع الواقع في مصر فهو قد يتماشي مع ظروف بعض الدول التي تعاني عجزا في السكان مثل أوروبا, وسيجري عمل دراسة اكتوارية تحدد موقف هذه القضية, لأن المد مؤثر علي المواطن وسيحمله عبئا كبيرا وتستفيد المالية من أموالهم.. لكن هناك اعتراضا عاما باتحاد العمال علي مشروع القانون الجديد, فمن العجب أن يتم إعداد قانون العمل في10 سنوات وظهرت له سلبيات وعيوب, واليوم نقوم بإعداد قانون للتأمينات وهو يعد أكبر قانون من أي تشريع في20 شهرا, والأعجب أن يجعل الحد الأدني للمعاش100 جنيه فقط ويفخر السيد الوزير بذلك رغم ان هذا المبلغ لايكفي لثمن أكلة لحمة للأسرة, فماذا ستكون القيمة الشرائية لهذا المبلغ المتدني خلال سنوات قليلة؟.
ويقوم اتحاد العمال بمبادرة قوية بعمل ندوة أسبوعية وورشة عمل في الاتحاد لمناقشة الموضوع, فحضر الندوة الماضية الاتحادات المحلية في المحافظات, وسكرتيرو التأمينات في النقابات العامة, وكانوا ثائرين ضد مشروع القانون وأسلوب تقديمه للمجالس التشريعية, لأن المشروع ليس مرتبطا بالواقع ومقيد للعمال علاوة علي ندوة اجتمع فيها ممثلات المرأة العاملة في النقابات العامة والاتحادات المحلية بالمحافظات, ودعا الاتحاد الدكتور يوسف بطرس غالي لحضور الندوة الختامية, ووافق علي المشاركة بالحضور.