قرر المحتجون ضد الحكومة اللبنانية بسبب أزمة النفايات، إرجاء مظاهرتهم التى كانت مقررة مساء أمس، إلى وقت لاحق من الأسبوع الحالى، وذلك بعد مواجهات عنيفة ليلا مع القوى الأمنية وسط بيروت، مع تأكيد المنظمين أن القرار لا يعنى انتهاء تحركاتهم. وأعلنت حملة «طلعت ريحتكم» المنظمة للتحرك وتضم ناشطين فى المجتمع المدنى على صفحتها على موقع «فيسبوك» أن الحراك لم ولن يتوقف، وأن ذلك ليس تراجعا وإنما لإعادة تقييم وترتيب المطالب، وأنهم لم ولن يتخلوا عن أحد ولا عن المطالب المستحقة. ويأتى قرار تأجيل التحرك بعد يومين من التظاهر فى وسط بيروت بدعوة من حملة «طلعت ريحتكم» احتجاجا على عجز الحكومة عن إيجاد حل جذرى لأزمة النفايات المنزلية فى بيروت ومحافظة جبل لبنان. لكن الاحتجاجات تحولت إلى مساحة للتعبير عن الإحباط من ملفات أخرى مع مطالبة المعتصمين بوضع حد للفساد المستشرى والأزمة السياسية وإصلاح البنى التحتية فى البلاد، فى ظل شغور موقع الرئاسة المستمر منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان فى مايو 2014.
ومن جانبها، أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلى اللبنانى إصابة 99 شخصا من عناصرها و61 من المتظاهرين، واعتقال 32 شخصا من مثيرى الشغب خلال الأحداث التى شهدتها بيروت. وقال وزير الداخلية والبلديات اللبنانى نهاد المشنوق عقب لقائه رئيس مجلس الوزراء تمام سلام « أطلعنا سلام على ما حدث وقد أثنى على دقة أداء القوى الأمنية، مؤكدا أحقية التظاهر دون التعرض للأملاك العامة، ومشددا على أن «لا انتخابات نيابية قبل رئاسة الجمهورية». واندلعت الاشتباكات بعد انضمام مجموعة من نحو مائتى شخص الليلة قبل الماضية إلى المتظاهرين السلميين فى ساحة رياض الصلح فى وسط بيروت ومبادرتهم إلى إلقاء الحجارة وعبوات المياه على القوى الأمنية التى ردت بإطلاق خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع. ومن جانبه، عزا رئيس مجلس النواب اللبنانى نبيه برى، التحرك السياسى والاحتجاجات الشعبية التى تشهدها البلاد إلى تعطيل البرلمان عن دوره التشريعى والرقابى, وقال برى «عندما يشل البرلمان ولا يستطيع القيام بدوريه التشريعى والمحاسبة، من الطبيعى أن يطالب الشعب بوكالته» . ونقلت مصادر سياسية التقت برى عنه قوله «إنه من حق اللبنانيين أن يصرخوا ويعبروا عن آرائهم ويتظاهروا وهذا حق مشروع». وردا على سؤال عن المطالبة باستقالة الحكومة، أجاب برى: «ما هو البديل غير الفراغ، ألا يكفينا الشغور فى منصب الرئاسة اللبنانية؟». ومن جانبها، أكدت جامعة الدول العربية أنها تتابع تطورات الأوضاع فى لبنان فى ضوء تصاعد وتيرة الاحتجاجات التى تشهدها العاصمة بيروت. وقال الأمين العام للجامعة العربية د. نبيل العربى - فى تصريح للصحفيين أمس ردًا على موقف الجامعة من التظاهرات التى تشهدها بيروت وتداعيات استمرار حالة الفراغ الرئاسى - إنه أجرى اتصالا هاتفيًا مع وزير الخارجية اللبنانى -جبران باسيل، وسيعاود الاتصال به اليوم للتعرف منه على آخر المستجدات. وفى غضون ذلك، دعت السفارة الكويتيّة فى بيروت من مواطنيها إلى عدم السفر إلى لبنان وعدم البقاء به فى ظل الظروف الأمنية التى يشهدها «حفاظاً على أمنهم وسلامتهم». وطلبت السفارة الكويتية فى بيان صحفى من رعاياها أخذ الحيطة والحذر والتواصل معها عند الضرورة، معربة عن تمنياتها للبنان بدوام الأمن والاستقرار وعبور هذه المرحلة بسلام. وفى المنامة، دعت وزارة الخارجية البحرينية، مواطنيها إلى عدم السفر إلى لبنان وذلك حرصاً على أمنهم وسلامتهم، نظراً لما يشهده من أوضاع أمنية غير مستقرة، وذكرت وكالة الأنباء البحرينية «بنا» أن «الخارجية البحرينية تدعو المواطنين الموجودين فى لبنان إلى المغادرة فوراً». وفى الوقت نفسه، أعربت سيجريد كاغ المنسق الخاص للأمم المتحدة فى لبنان، عن قلقها من أعمال التخريب فى الممتلكات العامة التى أعقبت مظاهرات أمس الأول فى وسط بيروت، وأكدت فى بيان صحفى أمس «أهمية حماية حق المواطنين بالتعبير سلميا عن تمنياتهم ومطالبهم». وأضافت أن «التقارير حول العنف والخراب بالممتلكات العامة من قبل البعض مصدر قلق شديد».