لقد كثر الحديث وطال حول تأسيس اللجنة الدستورية وتأويل نص الإعلان الدستوري الذي ورد فيه أن ينتخب مجلس الشعب من غير المعينين اللجنة التأسيسية للدستور. والتساؤل لماذا لا يشارك غير المعينين في انتخاب اللجنة التأسيسية؟ والجواب الواضح لضمان عدم إشراك أعضاء المجلس المنتخبين, فالمنتخب لا ينتخب نفسه, وبالتالي يجوز أن يكون من بين الأعضاء المعينين من ينتخب بفتح الخاء في هذه اللجنة التأسيسية. ولضمان حياد اللجنة التأسيسية وتأمين سلامة انتخاب أعضائها أن يكون جميع الأعضاء من خارج المجلس حتي لا يضعوا دستورا لأنفسهم, فهم وكلاء من الشعب وليسوا ملاكا للشعب, والوكالة لا تعطي الحق في مصادرة حقوق المالك الأصيل الذي انتخب أعضاء البرلمان ليدافعوا عن حقوقه لا ليصادروا حريتهم, كما أن ولاية المجلس ووكالته محددة الغرض ومؤقتة الزمن. أما إذا كان المجلس المنتخب مصرا علي الانفراد بالسلطة بطريق مباشر أو غير مباشر فيضع دستورا يتفق مع هويته ومقاصده دون شريك, فالشرك كفر, فلا نظن أن هذا الانفراد سيساعد علي بناء المجتمع بكل ألوانه وأطيافه رجالا ونساء, متعلمين ومثقفين, وسائر فئات المجتمع الذين يمتلكون نصيبا في وطنهم مساويا لنصيب أكبر رأس في المجتمع, فالشراكة ليست منحة من غني لفقير, ولا من رئيس لمرؤوس وإنما هي إرث رباني وشراكة طبيعية وقانونية وانسانية. وعن المبادئ الأساسية التي لا يمكن تجاهلها أو غض العين عنها فهي تتلخص في الآتي: 1 دستور يحقق المساواة والعدالة واحترام الحريات تحميها القوانين التي يرسمها الدستور. 2 تحقيق مجتمع مدني حديث تشترك فيه كل فئات المجتمع دون أي تهميش أو تجاهل أو انتقاص لأي سبب كالنوع أو الدين أو العقيدة أو الاعتقاد. 3 دستور يضمن إنسانية الانسان وحريته في اختياراته الشخصية دون قيد من أي نوع إلا الصالح العام وعدم الاضرار بمصالح الدولة. 4 إلغاء جميع القواعد والقرارات والقوانين التي تدعو إلي صور التمييز بأي نوع من الأنواع أو المساس بحقوق أي فئة من فئات المجتمع بسبب الدين أو العقيدة أو الاعتقاد أو العرق وذلك في كل مواقع العمل, ومواقع اتخاذ القرار. 5 إصدار تشريعات تسمح بالتمييز الإيجابي للفئات المهمشة التي تتعرض للتهميش وانتقاص الحقوق, وقد جاء تشريع (كوتة) المرأة لجبر هذا الظلم, والتمييز ضد المرأة, ولابد أن يعاد النظر لتحقيق المساواة مع كل فئات الشعب ونري أن مثل هذا التمييز الايجابي سيعالج مع الوقت التمييز السلبي في نواح متعددة نعايشها. 6 حماية كل الحقوق لجميع المواطنين كالتعيينات والترقيات والمناصب العامة دون تفرقة بسبب الدين أو الجنس أو العقيدة أو المركز الاجتماعي. 7 تقديم مصلحة الأطفال والمعاقين باعتبارهم الفئات الأولي بالرعاية. 8 إرساء القوانين والقواعد الحامية للحريات والضامنة للمساواة وتغليظ العقوبات التي تصل إلي فصل الموظف العام الذي يمارس التمييز السلبي لأي سبب من الأسباب. 9 تشجيع الاقتصاد الحر, وقانون ضريبي يحقق مشاركة الفئات غير القادرة في جني ثمار المكاسب التي يوفرها الاقتصاد الحر. 10 لضمان هذه الحقوق لابد من توفير التعليم الجيد الذي يرسخ المواطنة وقيم العدل والخير والحق والواجب باعتبارها قيما إنسانية لصيقة بالحياة وملازمة للإنسان أي إنسان. المزيد من مقالات د. القس صفوت البياضى