موقفي الفكري والسياسي من جماعة الإخوان المسلمين معروف, ولوقت طويل فإنني مع آخرين اعتبرنا التيار الإسلامي باعتباره حركة سياسية في المقام الأول أما عن الدين فهو العلامة أو الBrand كما يأتي في علوم التسويق. لذلك دهشت عندما وجدت كثرة من المحللين يصابون بصاعقة عند ترشيح الجماعة للمهندس خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية باعتباره مخالفة لوعود سابقة بعدم الترشيح. ولكن الجماعات والأحزاب والحركات السياسية في العالم تعدل مواقفها حسب التغير الجاري في الواقع; واصطياد الأمر في قفص أخلاقي يبدو لي مناقضا لاعتبار الجماعة جزءا من العملية السياسية وليست زعيمة دينية ذات صفات مقدسة. والطريف في الأمر أن يتدافع المعلقون خوفا علي مصداقية الجماعة في أثناء عملية المنافسة السياسية, الحكم الوحيد فيها, وفي مسألة المصداقية هذه, هو الجمهور سواء كان مشاهدا أو مشاركا أو مصوتا في الانتخابات العامة. والحقيقة أن ترشيح المهندس خيرت الشاطر يعبر عن منطق جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها جماعة سياسية تسعي إلي السلطة وليست جماعة دينية تأخذ أنصارها ومؤيديها والمصوتين لها إلي الفردوس. وهي حينما تحاول الوصول إلي مقعد الرئاسة لا تختلف كثيرا عن أي من أحزاب الأغلبية أو الأكثرية, التي لا تحصل فقط علي السلطة التنفيذية وإنما التشريعية وأكبر نصيب ممكن من القضائية أيضا كما هو الحال في الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا ودول ديمقراطية كثيرة. إلي هنا فإن الحزب أو الجماعة قد فعلا ما هو حق لهما, وإذا كان هناك ثمن سوف يدفع فسوف يظهر في صناديق الانتخابات. ولكن هناك علي الجانب الآخر حقوق للمجتمع والدولة لا يمكن تجاهلها. فمن الذي يرشح المهندس خيرت الشاطر, هل هو حزب الحرية والعدالة أم جماعة الإخوان المسلمين؟ هنا المسألة قانونية وسياسية معا, ولا يوجد حق لجماعة جامعة أيا كانت أن تطرح مرشحا يكون رئيسا للجمهورية بينما هو خاضع بحقوق السمع والطاعة لجماعة ليس لها إطار قانوني أو مسئول في حدود المجتمع والدولة التي نعيش فيها. وفق كل معايير جماعة الإخوان فإن المهندس خيرت الشاطر- المحتمل رئيسا للجمهورية- تابع وخاضع لقيادة د. محمد بديع ومجلس الإرشاد ومجلس شوري الجماعة, وهو ما يجعلنا نواجه اقتراب حالة إيرانية من نظام الحكم في مصر. المرشح هنا لا يأتي من حزب الحرية والعدالة الذي ظهر فقط متضامنا مع الجماعة التي اتخذت القرار في انتخابات داخلية وليس الهيئة العليا للحزب. هذا عوار لا ينبغي القبول به لا سياسيا ولا قانونيا, أما أخلاقيا ودينيا فتلك قضايا أخري. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد