لماذا أطلقنا على قناة السويس الجديدة مسمى «المشروع القومى العملاق» وتجاوب معنا العالم بأسره فى الاعتراف بهذا المسمى بعد أن ذهل الجميع من روعة التنفيذ ودقة الأداء فى زمن قياسى يتجاوز كل دلالات الإنجاز العالمية؟ بادئ ذى بدء أقول: إن المقصود بتسمية بعض المشروعات بالمشروعات القومية ليس مجرد إطار مظهرى للمباهاة وإنما لابد أن تتوافر لمثل هذه المشروعات صبغة «القومية» بمعنى أن تكون مشروعات على مستوى إنشائى وخدمى وإنتاجى كبير تحتاج إلى تمويل شعبى ورسمى ضخم وتعطى مردودات وعائدات يعم خيرها على كل قطاعات المجتمع . ولعلنا نتذكر تجربتنا المجيدة مع بدء مشروع بناء السد العالى وتأميم قناة السويس عام 1956 وحجم التعطش لها والالتفاف الشعبى حولها تعبيرا عن رغبة كامنة فى الضمير الوطنى بالبحث عن راية أو هدف يتحقق من خلالها تحقيق إجماع وطنى لا يسمح بنشوء أى قدر من الفراغ السياسى بعد إنجاز حلم خروج آخر جندى من جنود الاحتلال الإنجليزى من مصر فى العام ذاته. ومعنى ذلك أن المشروع القومى قد يكون أحيانا على شكل مشروع سياسى تلتف حوله الأمة من أجل هدف معين كما حدث فى 30 يونيو 2013 بإزاحة كابوس حكم الجماعة وعودة مصر لأهلها ووسطيتها واعتدالها أو على شكل مشروع هندسى له مردودات اقتصادية واجتماعية وتنموية كما حدث فى بناء السد العالى ثم تجدد وتطور بمفهوم جديد ورؤية شاملة فى شق قناة السويس الجديدة. والحقيقة أن مشروع قناة السويس الجديدة كان وضع دراسات وأبحاث منذ عشرات السنين كأحد روافد الاستثمار المرتقبة لقناة السويس «الأم» لكن المسألة كانت تحتاج إلى الإرادة السياسية الجريئة فى التوقيت الزمنى الصحيح الذى يضمن توافر الإجماع الوطنى خصوصا أن هذا المشروع لا يمكن جنى ثماره بالكامل بعيدا عن ورشة عمل موازية فى محاور أخرى مماثلة على طول وعرض البلاد لتحديث البنية الأساسية وتوسيع شبكة الطرق القومية وتوفير أفضل الأجواء للاستثمار والتنمية. ثم يتساءلون ويندهشون بغبائهم المعهود عن سر هذه الشعبية الكاسحة للسيسى خلال عام واحد فقط من حكمه بل ويشككون فيها مع أن واقع الحال أمامهم شاهد لا يكذب.. بئس ما ينطقون بمفرداتهم المريضة عن الترعة والطشت بعد أن طاشت عقولهم! خير الكلام: أعظم ما فى النصر أن تستثمره جيدا.. وأخطر ما فيه أن نسكر بنشوته ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله