لم يعترض أحد علي حق جماعة الإخوان المسلمين في أن ترشح نائبها خيرت الشاطر لمنصب رئيس الجمهورية وربما لا يكون الرجل أقل استحقاقا من نظرائه المرشحين, لكن كل الاعتراضات تركزت علي الطريقة الفجة والأسلوب المتعجرف التي تمت بها عملية الترشيح وأفقدت الجماعة مصداقيتها, فضلا عن سوء الحساب والتقدير لخطوة بالغة الخطورة وبالغة الخطأ أضرت بمصالح كل مرشحي تيارات الإسلام السياسي, وزادت من حدة الاستقطاب علي الساحة السياسية بدلا من أن تتقدم خطوة علي طريق التوافق الوطني, وعزلت الجماعة في جانب بينما تقف كل القوي السياسية علي الجانب الآخر, الأمر الذي يلقي بظلال كثيفة علي قدرة الجماعة علي حسن التقدير السياسي ودقة حسابها لمواقف معقدة تتطلب رؤية أكثر عمقا تتجرد من حسابات المغالبة والمصلحة الذاتية, وتستطيع أن تستكشف الآثار السلبية لمثل هذه القرارات قبل أن تصبح واقعا يزيد الوضع سوءا! علي أن الأخطر من ذلك هي حالة الإنكار والعناد والاستكبار التي تلبست الجماعة, وأفقدتها القدرة علي قبول حلول وسط تنقذ ماء وجه الجماعة وتساعد علي الخروج من الأزمة الراهنة وترميم الصف الوطني, سواء في قضية ترشيح خيرت الشاطر أو في قضية اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور التي تكرس انشقاقا وطنيا عميقا باعد بين الجماعة وكل مؤسسات المجتمع المصري, إبتداء من الأحزاب الي الأزهر والكنيسة والمحكمة الدستورية العليا, لأن الجماعة ترفض إعادة تشكيل لجنة كتابة الدستور علي أسس جديدة تضمن مشاركة كل قوي الشعب المصري وأطيافه كافة في كتابة الدستور, وتسد كل أوجه العوار القانوني والدستوري التي تطعن علي قانونية اللجنة وتصر علي استبدال بعض الأعضاء بأعضاء آخرين من قائمة الاحتياطيين, وكأن الحلول الوسط تدخل في دائرة الكفر رغم أن الحلول الوسط هي جوهر أي عمل سياسي يحرص علي المشاركة والتعاون, الأمر الذي يلقي بظلال كثيفة أخري علي قدرة الجماعة علي التجاوب مع متغيرات العصر التي تتطلب قدرا من المرونة العملية, والتوافق مع باقي القوي الوطنية والتمييز بين الموقف السياسي والموقف الديني. لقد كان العناد أحد السلبيات الأساسية في حكم الرئيس السابق التي طبعت معظم مواقف الحزب الوطني وسياساته, وأعمت بصيرة الحكم عن أن يري حجم الغضب الذي يهدر تحت سطح المجتمع, وجعله يصر علي احتكار كل مؤسسات السلطة!, وبدلا من أن تستوعب جماعة الإخوان هذا الدرس المهم, تصر علي أن تستعير كل أدوات وأساليب الحزب الوطني ابتداء من الآلية الميكانيكية لأغلبية لا تحترم حق الأقلية الي العناد والمكابرة اللذين يقودان الي قرارات كارثية. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد