المجازر البيطرية استقبلت 31 ألف أضحية خلال أيام العيد    لجنة التحقيق الأممية للأراضي الفلسطينية: أي احتلال في العالم غير شرعي ويجب إزالته    مباشر الآن.. مباراة ألمانيا والمجر في بطولة أمم أوروبا لحظة بلحظة    الكعبي والنصيري ورحيمي يتنافسون على المشاركة مع المغرب في أولمبياد باريس    أول أيام الصيف.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس غدًا الخميس 20 يونيو 2024    3 أبراج فلكية تكره النوم وتفضل استغلال الوقت في أشياء أخرى.. هل أنت منهم؟    رسالة ماجستير تناقش رضا العملاء وتطبيقات البنوك: أهم وأكثر التطبيقات الرقمية المستخدمة إنستا باي    تنسيق الثانوية العامة 2024.. تعرف على درجات القبول في جميع المحافظات    فيدال: كنت أرغب في الانضمام لقائمة تشيلي بكوبا أمريكا    رابع أيام عيد الأضحى.. استمرار الاحتفالات والمسابقات بمراكز شباب مطروح    بينها إيطاليا.. 7 دول أوروبية تدخل مرحلة "العجز المفرط"    في رابع أيام عيد الأضحى.. توافد الزوار على بحيرة قارون وغلق شواطئ وادي الريان    زي النهارده.. عودة مركبتى الفضاء 6 و Vostok 5 إلى الأرض    فيلم Inside Out 2 يحقق 334 مليون دولار إيرادات خلال 4 أيام عرض    يسرا تعود للمسرح بعد غياب 22 سنة    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    طريقة عمل المخ بالبيض.. وصفات جديدة سهلة التحضير    في اليوم العالمي له.. وزارة الصحة تقدم معلومات عن مرض الأنيميا المنجلية    التحالف الوطنى بالأقصر: استمرار توزيع لحوم الأضاحى على الأسر الأكثر احتياجا    محافظ الجيزة: ذبح 3067 أضحية للمواطنين بالمجازر خلال عيد الأضحى    تعليمات مهمة لحل امتحان مادة اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    إعلام: صفارات الإنذار تدوى مجددا فى موقع كرم أبو سالم العسكرى جنوب غزة    ذكرى ميلاد الفنان حسن حسني.. 500 عمل فني رصيد «الجوكر»    أنشطة رياضية وترفيهية للمتعافين من الإدمان| صور    في رابع أيام عيد الأضحى.. جهود مكثفة لرفع مستوى النظافة بشوارع وميادين الشرقية    دخول 25 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة اليوم    جولة تفقدية على مخزن الأدوية الاستراتيجي بالريسة ووحدات الرعاية الأولية بالعريش    أكلات هامة لطلاب الثانوية العامة.. لتعزيز الذاكرة والتركيز    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج التخطيط والتنمية الزراعية بزراعة سابا باشا جامعة الإسكندرية    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    قومي المرأة: العمل على إعداد دليل عن "تمكين المرأة المصرية"    غياب 4 نجوم عن الأهلي أمام الزمالك وثنائي مهدد    تعرف على خريطة 10 مشروعات نفذتها مصر لحماية الشواطئ من التغيرات المناخية    بعد واقعة الصفع.. عمرو دياب يتألق ضمن حفلات عيد الأضحى بدبي (صور)    صحة الشرقية تعلن تنظيم قافلة طبية بالفرايحة غدا    سعر كيلو السكر في السوق اليوم الأربعاء 19-6-2024    "رياضة الشرقية": مليون مواطن احتفلوا بالعيد في مراكز الشباب    إعلام حوثي: القوات الأمريكية والبريطانية استهدفت المجمع الحكومي في الجبين    ننشر أسماء الحجاج المتوفين في المستشفيات السعودية    بعثة الحج السياحي: 14300 حاج مصري يقيمون بمنطقة العزيزية    السائرة إلى عرفات.. أسرة صاحبة أشهر صورة في موسم الحج: "تعبت في حياتها وربنا كافأها"    تحرير 8 محاضر لمخالفات تموينية بدسوق    عائلات الأسرى الإسرائيليين يحتجون داخل مقر الكنيست    محامي الشيبي: كاس أنصفتنا واتحاد الكرة ظلمنا في قضية حسين الشحات    المالية: إسقاط ضريبة القيمة المضافة على آلات ومعدات الصناعة المستوردة    أجر عمرة.. مسجد قباء مقصد ضيوف الرحمن بعد المسجد النبوي    وكالة الأنباء السورية: مقتل ضابط جراء عدوان إسرائيلي على موقعين في القنيطرة ودرعا    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025 للموسم الثاني على التوالي    فعالية «توظيف مصر» برعاية «التحالف الوطنى»    أول تعليق من اللاعب محمد الشيبي على قرار المحكمة الرياضية الدولية | عاجل    عاجل.. مفاجأة صادمة في تقرير حكم مباراة الزمالك والمصري.. «جوميز في ورطة»    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    ناقد فني: أعمال عادل إمام توثق مراحل مهمة في تاريخ مصر    الحكومة الجديدة والتزاماتها الدستورية    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراما بالذخيرة الحية
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 06 - 2015

المسلسل الدرامى الذى يعيشه العرب على مدار الساعة منذ أكثر من أربعة أعوام ويبث باللحم الحى والدم الساخن تحجبه الآن السجالات حول ما يبث من مسلسلات الدم فيها ماء مصبوغ بالأحمر والقتل فيها حيل سينمائية، ودموعها من ماء عذب لا ملوحة فيه .
فهل بلغ استخفاف العرب بما يحاصرهم ويضغط على أنوفهم حدا جعلهم ينصرفون عن هذا الواقع الحيّ والراعف إلى واقع مُتخيّل ؟
إنها على ما يبدو سياسة الحروب البديلة والوهمية سواء دارت فى ملاعب الرياضة او على الشاشات، فلا يعقل أن تتفوق الدراما المُتخيلة على الدراما الواقعية، ويشتبك المعلقون والمشاهدون والقائمون على هذا الفن إنتاجا وإخراجا وتمثيلا لأن عبارة غير مألوفة وردت فى هذا المسلسل او حركة ناتئة عن السياق وردت فى ذاك !
نعرف بالخبرة والتكرار معا ان الثقافة الموسمية بمختلف محاصيلها أصبحت هى السائد فى مجتمعات تسعى إلى إخفاء ما تعانى منه كما لو أنه عورة ينبغى التستر عليها، لكن السيل عندما يكون من دم وليس من ماء ويتجاوز الزّبى يخرجنا عن صمتنا، لأن الصمت فى مثل هذا الوقت تواطؤ، إن لم يكن مشاركة فى التدمير والتفكيك .
المسلسل الدرامى الذى زاوج بين التراجيديا والكوميديا على نحو غرائبى والذى نشاهده منذ اكثر من اربعة اعوام عدد حلقاته لا يحصى ويتجاوز عدد حلقات اى مسلسل تركى او مكسيكي، اما السيناريست فى هذا المسلسل الدموى فهو لا يعلن اسمه، لهذا نحاول ان نحزره من خلال القرائن او القياس على مسلسلات سابقة شهدتها هذه المنطقة المنكوبة منذ عدة عقود .
ان هذه التراجيكوميديا لها مخرجون ايضا ويعملون كفريق او اوركسترا لها مايسترو يحمل بيده بندقية وليس عصا انيقة من خشب الورد, وكما ان هناك ابطالا لهذا المسلسل هناك ايضا كومبارس وضيوف شرف منهم سماسرة دم وتجار لجوء وهجرات قسرية واصحاب مصانع خيام، فى زمن اعد العرب فيه لاعدائهم ما استطاعوا من خيام، اما الخيل فهى فى مكان آخر، تجر عربات النفط والبطيخ واصبح صهيلها كالمواء . وهذا السجال الذى لا ينقطع ليلا ونهارا حول الدراما المتلفزة والموسمية ليس بيزنطيا، ولا علاقة له بعدد الملائكة او الشياطين، انه من رواسب ذلك المكبوت المزمن الذى أفقدنا براءة الحوار وجدواه، واضاف الى كلمة حوار نقطة من دم على حرف الحاء بحيث اصبح خوارا والخوار لمن لا يعرفه فى لغتنا الفصحى هو صوت الثور عندما يهيج !
ولا ندرى كيف استطاع الماء المصبوغ باللون الاحمر ان يحجب لون الدم ورائحته اللهم الا اذا كنا مستغرقين فى غيبوبة كهفية من درجة لا تبشر بعودة الوعى ونادرا ما تعترف النخب العربية على اختلاف مرجعياتها واطيافها بالحقائق وذلك تهربا من عبء المسئولية لانها كانت لزمن طويل عاطلة عن دورها التاريخى وبعضها كان طفوه على السطح اشبه بطفو الطحالب والسرخسيات لانها بلا جذور !
والمسكوت عنه حتى الان رغم انفجار الثرثرة حد الطوفان هو اننا ورثنا أسوأ ما انتجته الدول التوتاليتارية او ما يسمى النظم الشمولية وأسوأ ما أفرزته الرأسمالية فى ذروة توحشها .
ما اخذناه او بمعنى ادق تسلل من مساماتنا من النظم الشمولية هو القطعنة، وعدم الاعتراف بحق الاختلاف، فالمطلوب منا جميعا ان نكون كأسنان المشط رغم ان الامشاط تتساقط احيانا بعض اسنانها وتصبح درداء كأفواه العجائز .
فهل اصبحت كلمة حرية مجرد حجر كريم او ايقونة، وهى بالتالى ممنوعة من الصرف، بحيث ما ان يقترف احدنا خطأ حتى لو كان محاولة بريئة حتى يتعرض للرجم من كل الجهات .
ونقول هنا للتذكير فقط بأن بعض الدول ومنها اليابان استطاعت ان تستولد الفن ومنه الشعر بواسطة الحواسيب لكنها أقلعت عن ذلك لأن ما ينتجه الحاسوب بارد ومحايد وخال مما يسمى الاخطاء البشرية الحميمة .
ان ما تعرض له تنويريون فى اواخر القرن التاسع عشر والنصف الاول من القرن العشرين ومنهم طه حسين وعلى عبد الرازق وقاسم امين اضافة الى الكواكبى الذى مات مسموما تكرر بعد اكثر من سبع ثورات عربية رفعت شعارات ترددت الثورة الفرنسية فى رفعها وكأن الافراط فى المبالغة دافعه التعويض عن نقصان ما .
إن الأهم من كل ما يقال عن الدراما الموسمية من الناحيتين الفكرية والفنية هو السلطة الجديدة مطلقة القوة والهيمنة والهيلمان وهى الاعلان، فالمسلسلات على اختلاف آرائنا حولها هى هوامش متقطعة، اما الاعلان فهو المتن وهو سيد الوقت والمكان، وهذا ما تنبأ به هربرت ماركيوز قبل عقود عندما اصدر كتابه الشهير الانسان ذو البعد الواحد، عندما حذّر من السعار الاستهلاكى وما سماه تسليع الانسان اى تحويله الى مجرد سلعة .
المسألة جذريا ليست فى التفاوت بين مُنتج درامى وآخر، سواء من حيث التقنية او الفكرة، لأنه ما من غريق يرتطم جسده بخشبة لديه الوقت كى يتساءل عن نسبها وهل هى من شجرة سنديان او زيتون او بلوط، فهذا كله مؤجل الى ان يصل الى الشاطئ وينجو من الغرق !
وما يقال عن هذا السينارست العربى او ذلك المخرج لا يقال واحد بالالف منه عن السيناريست الكبير الذى صاغ لنا هذا المسلسل الدموى الذى يبث باللحم الحى والذخيرة الحية على مدار الساعة فكيف تحول الاساسى الى ثانوى وقلبت قائمة الاولويات ؟
ان من يموتون او يعذبون فى المسلسلات الموسمية ينهضون من تحت ركام الحيل السينمائية ويقبضون اجرهم بسخاء لكن من يموتون بالآلاف فى المسلسل ذى الألف حلقة وحلقة يتركون وراءهم ارامل وأيتاما ومهاجرين بلا أنصار !
اننا احيانا نبدو فى مشهد كاريكاتورى كمن يحمل مرآة بيده ويحلق ذقنه تحت غارة جوية ويشكو فقط من شحة الضوء تحت سماء غائمة ومغطاة بالدخان والغبار !!
لمزيد من مقالات خيرى منصور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.