أول كوكبة.. نلتقى مع رمز الطهر والعفاف مع الزهرة التى فاح أريجها فملأ ارجاء الكون كله بعطر الإيمان.. أول من تزوج رسول الله «صلى الله عليه وسلم» خديجة، وأول من آمن به على الصحيح، وأول من صلى مع الرسول، وأول من رزق منها الأولاد، وأول من بشرها بالجنة من أزواجه، وأول من أقرأها ربها السلام، وأول قبر نزل فيه النبى قبرها بمكة. هى أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسر بن العزى بن قصى بن كلاب القرشية الملقبة بين اقوامها «بالطاهرة».. كانت خديجة كما يروى ابن الأثير وابن هشام أمرأة تاجرة ذات شرف ومال وتستأجر الرجال فى مالها.. فلم بلغها عن رسول الله صدق الحديث وعظم الامانة وكرم الأخلاق أرسلت إليه ليخرج فى مالها إلى الشام تاجرا ومعه غلامها «ميسرة» مخالف التوفيق هذه الرحلة وعاد الرسول بأرباح مضاعفة.. ووجد ميسرة من خصائص النبى «صلى الله عليه وسلم» وعظيم اخلاقه ما ملأ قلبه فروى ذلك لخديجة، فاعجبت بعظيم ما سمعته فعرضت نفسها عليه زوجة بواسطة صديقتها «نفيسة بنت منيه» فوافق النبى وكلم فى ذلك اعمامه فخطبوها له من عمها «عمرو بن أسد» وتزوجها عليه السلام وقد تم له من العمر 25 عاما ولها من العمر أربعون.. وأما فضلها ومنزلتها فى حياة النبى «صلى الله عليه وسلم» فقد ظلت لخديجة مكانة سامية عند الحبيب طول حياته وقد ثبت فى الصحيحين إنها خير نساء زمانها على الاطلاق. وروى أحمد والطبرانى من طريق سروق عن عائشة قالت: كان رسول الله لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوما، فأخذتنى الغيره.. فقلت هل كانت الا عجوزا قد ايد لك الله خيرا منها؟ فغضب ثم قال: «لا والله ما أبدلنى الله خيرا منها.. أمنت إذ كفر الناس، وصدقتنى إذ كذبنى الناس، وواستنى بمالها إذ حرمنى الناس ورزقنى الله منها الولد دون غيرها من النساء.. ولقد توهم الخصوم المحترفون للإسلام أن قصة زواج الرسول من خديجة صناعة يهاجمون بها الرسل بإنه رجل شهوانى بل زواجه منها دليل دافع على عكس ذلك.. لأن الرجل الشهوانى لايقبل أن يتزوج من أيم لها ما يقارب من ضعف عمره ثم يعيش معها دون أن تمتد عينه إلى شئ مما حوله حتى دخل فى مرحلة الشيخوخة حتى توفيت عن عمر 65 عاما وهو فى الخمسين.. ودون أن يفكر خلالها بالزواج من امرأة أخرى أو فتاه أخرى وهو الرجل الذى ملأ الدنيا سمعة وعدلا دون أن يخرق بذلك عزما أو يخرج على مألوف أو عرف الناس خاصة أن ما بين العشرين والخمسين من عمر الإنسان هو الزمن الذى تتحرك فيه رغبة الاستزادة من النساء والميل إلى التعدد للدوافع الشهوانية.. أما زواجه من عائشة بعد ذلك ثم من غيرها فإن لكل منهن قصة ولكل زواج حكمة وسبب يزيدان من إيمان المسلم بعظمة محمد «صلى الله عليه وسلم» وكفى بثناء الرسول عليها بقوله الكريم كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسيه امرأة فرعون ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد فهذه نقطة من محيط فى حق الطاهرة.. ولولا ضيق المساحة لامتلأت الصفحات بما قدمته كنموذج يحتذى.