أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى تحديات كثيرة وهو يستقبل عاما جديدا في حكم مصر في ظروف غاية في الصعوبة والمخاطر .. كان العام الأول اختباراً قاسيا لرجل دفعت به الأقدار إلى مقدمة الصفوف في لحظة تاريخية فارقة ومصر تواجه أكثر من أزمة وأكثر من عدو .. كان على الرئيس الجديد ان يقود سفينة الوطن وكل هذه المخاطر تحيط به .. وللانصاف فقد استطاع الرئيس السيسى ان يتجنب أزمات كثيرة وان ينقذ مصر من لحظات صعبة كانت بكل المقاييس تمثل تهديدا لأمنها واستقرارها وحياة شعبها .. على مستويات كثيرة كانت للرئيس جولات ناجحة ربما كان أكثرها أهمية وقيمة ما حدث في علاقات مصر الخارجية وقد تعرضت لهزات عنيفة بعد ثورتين وخلع رئيسين .. وعلى المستوى الداخلى لا شك ان المواطن المصرى شعر بتغيرات كثيرة ربما لم تبلغ أحلامه ولكنها بكل تأكيد خرجت به من حالة إحباط وانكسار وهو لا يستطيع ان يخرج من بيته آمنا أو يذهب إلى عمله أو مدرسة أبنائه .. هذه انجازات لن ينكرها احد ومعها بكل تأكيد تلك المشروعات الكبرى ابتداء بقناة السويس وانتهاء بالطرق مروراً على البدء في حل أزمات مثل الكهرباء وتوفير كثير من السلع في الأسواق وغيرها.. وقد تنافس الإعلام في الأيام الماضية في رصد ما حدث في مصر في العام الأول لحكم الرئيس عبد الفتاح السيسى ولكن السؤال الذى يطرح نفسه ما هى التحديات التى تواجه مصر الآن وكيف يمكن الاستعداد لها وتجنب آثارها السلبية في ظل عام جديد؟. سوف تبقى قضية الأمن الهاجس الأول في حالة المجتمع المصرى خاصة اننا جزء من منطقة منكوبة تعانى حالة تفكك وانفلات وفوضى ولا شك ان لنا نصيبا من ذلك كله .. إن الأمن في ظل إرهاب الإخوان والتنظيمات الإرهابية الأخرى وما يحدث من تهديدات على حدودنا مع ليبيا أو قلاقل مع حدودنا في غزة وما يجرى في البحر الأحمر في اليمن وعلى امتداد الساحة وما يدور في سوريا والعراق من مذابح يترك آثاره علينا وقبل هذا كله فإن معارك سيناء التى يخوضها الجيش المصرى مع قوات الأمن ضد الإرهاب تمثل حربا حقيقية تهدد امن مصر واستقرارها .. سوف تبقى قضية الأمن اكبر تهديد لمصر الحاضر والمستقبل ولهذا لابد ان تسعى الحكومة إلى وضع نهاية لما يحدث في سيناء خاصة ان الجيش المصرى قد أنجز مهمته بنجاح كبير، إن انتهاء هذه المعارك يخفف الكثير من الجهد على رئيس الدولة وعلى الجيش المصرى وعلى قوات الأمن بل يخفف الكثير من الأعباء عن ميزانية الدولة وسوف يفتح آفاقا أوسع للتنمية الاقتصادية خاصة في سيناء التى أهملناها سنوات طويلة. أصبح من الضرورى ان يفى الرئيس السيسى بكل الالتزامات التى تعهد بها أمام الشعب في قضايا الحريات والديمقراطية وهو لم يكن التزاما أمام شعبه فقط ولكن أمام العالم كله، ومن هنا ستكون انتخابات البرلمان القادم أول هذه الالتزامات .. إن تأجيل الانتخابات في الفترة القادمة أو تعطيلها سيكون رسالة غير مطلوبة وغير موفقة لأطراف كثيرة ولهذا لابد من الوفاء بها لأنها آخر مراحل الفترة الانتقالية لخارطة الطريق التى تعهدت بها ثورة يونيو وهى تخلع الإخوان بإرادة شعبية. إن هذه الالتزامات حتى وإن تأجلت لا تبرر أبداً حالة الانفلات والفوضى التى يعانى منها الإعلام المصرى وهو يرفع شعار الحريات، لقد تجاوز الإعلام المصرى كثيرا في تفسير معنى الحريات وارتكب أخطاء فادحة تحت مسميات الديمقراطية ولهذا ينبغى استكمال خارطة الطريق من خلال إعلام ملتزم يدرك مسئولياته ويحافظ على ثوابت الوطن. لقد شهدت الفترة الماضية حالة انفلات في أداء الإعلام المصرى أساءت للمشهد كاملا وإذا كان البرلمان سوف يفتح أبوابه من خلال انتخابات حرة فإن الإعلام ينبغى ان يواكب هذه التطورات ويصلح مساره ويحدد أهدافه حتى لا يجد نفسه ضعيفا هزيلا أمام برلمان صاعد ونظام سياسى يسعى لتأكيد قوته ووجوده.. إن البرلمان يحتاج إلى إعلام رشيد يسانده والإعلام يحتاج إلى برلمان قوى يدعمه والنظام في كل الحالات يحتاج إلى مؤسسات واعية تدرك مسئوليتها. وقد يكون السؤال هنا: ما هى مسئوليات رئيس الدولة؟.. لاشك ان المؤسسات القوية ممثلة في الحكومة والبرلمان والإعلام والقضاء كلها أدوات تساعد الدولة في القيام بمسئوليتها تجاه الشعب وان أى تقصير في ذلك كله ينعكس بنتائج سلبية على أداء الجميع.
لا شك ان قضية العدالة الاجتماعية قضية جوهرية لأنها تمس الأمن الوطنى والاجتماعى وهى اكبر تهديد يتعرض له أى نظام سياسى مهما تكن قوة مؤسساته الأمنية وغير الأمنية، وقد كانت قضية العدالة الاجتماعية والحريات من أهم أسباب خروج المصريين في 25 يناير ولا أعتقد ان هذا الشعب سوف يتنازل عن مطالبه في هذه القضايا حتى وان تأجلت لأنها قضية حياة أو موت .. لا أعتقد ان الشعب المصرى سوف يسمح مرة اخرى لأى نظام سياسى مهما تكن حشوده ان يشكل طبقات اجتماعية مستغلة تستبيح حقوقه ولن يتهاون في مواجهة أى نظام يحرمه من هذه الحقوق .. لقد وصلت درجة الوعى لدى طبقات الشعب الفقيرة إلى ان تقدر ظروف الوطن وتعى مسئولياتها وليس معنى ذلك انها يمكن ان تفرط في حقوقها مرة أخرى أو تترك أبوابا للاستغلال أو الفساد أو التحايل. ومن هنا فإن على الدولة ان تسير في طريقين، الأول: ان تحاول بكل الوسائل توفير أساسيات الحياة الكريمة للمواطن المصرى غذاء وسكنا وصحة وتعليما وهذه ابسط الحقوق الآدمية .. الثانى : أن الدولة مطالبة بأن تحمى الفقير من سفه الغنى، لقد طبقنا يوما اشتراكية الفقر رغم ان هناك شعارا آخر يسمى اشتراكية الكفاية وحين أردنا نظاما رأسماليا جئنا برأسمالية الاستغلال ومنحنا كل موارد الدولة لمجموعة من الأشخاص الذين تخلوا تماما عن كل مسئولياتهم الإنسانية والاجتماعية تجاه المجتمع .. وهنا يجب ان تحدد الدولة موقفها من القادرين وغير القادرين .. وعلى سبيل المثال فما زالت سلة الضرائب تفتقر الكثير من العدالة لأنها في معظم الأحيان تتجه إلى جيوب الموظفين أو الفقراء وعادة تضل طريقها إلى جيوب القادرين والمطلوب ان يتحمل كل إنسان حسب قدراته. على الجانب الآخر تقف قضية الفساد في أجهزة الدولة، وهى قضية ترسخت عبر سنوات طويلة من النهب والاستغلال واستباحة المال العام . لقد صرح الرئيس السيسى منذ أيام بأنه لم تعد هناك أموال لكى يسرقها احد، ولكن المؤكد أيضا ان هناك حقوقا لهذا الشعب لدى القادرين وينبغى ألا تضيع .. يدخل في هذه القضية ملفات رجال الأعمال الذين يعيشون الآن حالة من التردد والترقب وكأنهم ينتظرون فريسة جديدة .. وطبقا لما قاله الرئيس السيسى فلن تكون هناك أبواب للتحايل كما كانت ولهذا يجب ان ينسى هؤلاء تلك الأرقام التى تدفقت في حساباتهم من أموال هذا الشعب ظلما وبهتانا وان يفكر كل واحد منهم فى: كيف استفيد وكيف أفيد، وكيف أقيم مشروعا مربحا لجميع الأطراف أما الاستيلاء على أراضى الدولة وبيع المشروعات وتهريب الآثار فهذه أعمال عير مشروعة تحاسب عليها القوانين في كل بلاد الدنيا. يجب ان يكشف رجال الأعمال عن حقيقة مواقفهم ومدى دعمهم لهذا الشعب وهو يخوض معركته إلى المستقبل، إذا كانوا يتصورون عودة الماضى بصفقاته ورموزه وفساد الذمم فيه فهو لن يعود وينبغى ان يكون موقف الرئيس واضحا في ذلك وضوحا كاملا وان يعلن صراحة انه ليس امتدادا لأى نظام سبق حتى لو اغضب من اغضب ويكفى ما تعانيه مصر حتى الآن من خطايا هذا النظام . هنا ايضا يجب ان تؤكد الدولة المصرية مواقفها الثابتة تجاه الأموال الهاربة وانها حق للشعب ولن تفرط فيه، وان تستكمل الإجراءات القانونية مع الدول الأجنبية حول هذه الأموال .. وهناك جانب لا أدرى ما هو السبب في إخفاء الحقائق فيه وهو الأموال الموجودة لحساب رموز النظام السابق في بعض العواصم العربية ولماذا لم يفتح هذا الملف وكيف اكتفينا بالدول الأجنبية .. إن أموالا كثيرة تدفقت على البنوك فى عواصم عربية أثناء ثورة يناير ومن حق الشعب المصرى أن يطالب الأشقاء في هذه الدول برد أمواله. هناك ثلاث قضايا لا تنفصل عن بعضها وهى الشباب والأحزاب والإرهاب .. لا يعقل ان يكون شباب مصر بعيدا عن مسيرة شعبها نحو المستقبل، نحن أمام مجتمع شاب تزيد نسبة الشباب فيه على 60 % وبعد أعوام قليلة سيكون هؤلاء هم سكان مصر ومستقبلها ورصيدها البشرى الذى لا غنى عنه ولهذا لا بد من البحث عن صيغة ما للالتقاء مع الشباب في منتصف الطريق .. إن تجاهل الشباب أو تهميشهم جريمة في حق المستقبل وعلى الرئيس السيسى ان يتبنى برنامجا واضحا لمواجهة فكرية مع الإرهاب تبدأ في صفوف الشباب ومنه تنطلق إلى الحياة السياسية في ظل أحزاب حقيقية تحقق أهداف ثورة يناير وحلم الشباب في التغيير والمستقبل .. إن هذه الثلاثية يمكن ان تحقق أكثر من هدف، إنها وسيلة لاستقطاب أجيال الشباب الذين شاركوا في ثورة يناير وتجمعت حولهم ملايين المصريين .. ولا شك ان من بين هؤلاء الشباب عناصر اخطأت ويجب ان تعود إلى صوابها وأحلامها في التغيير. إن الحلول الأمنية في مواجهة الإرهاب تتناسب مع مرحلة العنف والمواجهة ولكنها ليست حلا كافيا او نهائيا ولهذا يجب وضع برامج ثقافية ودينية وفكرية لمواجهة الفكر المتطرف وهو الأب الشرعى للإرهاب .. وهنا لا بد من تشجيع الشباب على العمل السياسى من خلال إنشاء أحزاب جديدة قادرة على ملء الفراغ الفكرى والسياسى بين جموع الشباب .. وهذه المسئولية الثلاثية تقع على عاتق النخبة المصرية التى رفضها الشارع المصرى حتى بعد قيام ثورتين .. إن الحل الوحيد أمام النخبة المصرية لكى تغير مسارها هو ان تستعيد شبابها من خلال الأجيال الجديدة لانها افضل وسيلة لإنقاذ هذه النخبة من الترهل والسلبية وغياب الحلم والهدف. تبقى بعد ذلك مشكلة حقيقية وهى حالة السلبية التى يعيشها الإنسان المصرى في ظل تغيرات كثيرة وعميقة في شخصيته وسلوكياته وقدرته على العمل والإبداع .. إن الرئيس السيسى يملك رصيدا كبيرا من الأحلام ولديه رغبة حقيقية في العمل ولكن أحلام الشعوب تحتاج إلى الإرادة والقدرة على الوصول للهدف .. وهنا يتبقى ان يتكاتف المصريون خلف رئيسهم خاصة اننا على أبواب انجازات يمكن ان تضئ لنا الطريق وتمهد لنا السبيل إلى حياة ومستقبل أفضل .
..ويبقى الشعر
ركبُ الزمان ِ يطوف فى عبراتى وأنا أراكَ تطل من عرفاتِ وأمامكَ التاريخُ يسجدُ خاشعًا والحقُ حولَكَ شامخُ الراياتِ وتودعُ الدنيا بوجهٍ مشرق ٍ فيه الجلالُ .. ونبلُ كلِّ صفاتِ تبكى الجموعُ وأنتَ تهمسُ بينها قد لا أراكم فى الحجيِج الآتى لكننى أودعتُ فى أعناقكم قرآنَ ربى .. سيرتى وحياتى لا لن تضلوا إن تمسكتم به فخلاصُ هذى الأرض ِفى آياتى ويطلُ وجُهكَ خلف ستر ٍ خافتٍ فترى حشودَ الحق ِ فى الصلواتِ وترى الوجوهَ وقد أضاءَ جلالُها والدهرُ يكتبُ أقدسَ الصفحاتِ وتصيحُ فيهم أن غاية َ ديننا طهرُ القلوبِ ورفعة ُ الغاياتِ فجرُ الضمير رسالتى لا ترجعوا للكفر بعدى .. فى ثياب طغاة ِ لا تقربوا الأصنامَ بعدى إنها بيتُ الضلال ِ.. وآفُة الآفاتِ ولتعْبدوا الرحمنَ ربًا واحدًا فعلى هداهُ تفجرتْ صيحاتى الله خالقُ كل شىء فاجمعوا أشلاءَكم بالحق ِ والرحماتِ وحدتُ أشلاءً .. جمعتُ شراذمًا وجعلتُ من طلل ِ الشعوبِ بُنَاتى الظلمَ فى ركبِ الحياةِ ضلالة ٌ والعدلُ نورُ اللهِ فى الظلماتِ والذْمُ فى وجهِ الحياة جريمة ٌ وتميمة ٌ للرجس ِ واللعناتِ والحقُ أولى أن تُصانَ حصونُه ليظلَ تاجَ الأرض ِوالسمواتِ والأرضُ عرضٌ والدماءُ محارمٌ ونقاءُ مال المرءِ بالصدقاتِ حرية ُ الإنسان ِغاية ُ ديننا وطريقُنا فى كل فجر ٍ آتى ونساؤكم فى كل بيتٍ رحمة ٌ تاجُ العفافِ وسَامُ كل فتاةِ والعدلُ دستورُ الحياةِ فإن مضى هَرعتْ حشوُد الظلم ِ بالويلاتِ والحكمُ عدلٌ والشرائعُ حكمة ٌ والنفسُ عندى أكبرُ الحرماتِ أهلُ الكتابِ لهم حقوقٌ مثلنا فى الأمن ِ..فى الأوطان ِ ..فى الصلواتِ اللهُ ساوى الخلق وحد بينهم فى العيش..فى الأنسابِ ..فى الدرجاتِ أما الحياة ُوديعة ٌفى سرها هل يستوى الأحياءُ بالأمواتِ ؟ ويلٌ لأرض ٍ ماتَ فجرُ ضميرها موتُ الضمائِر قمة ُ المأساة ِ