وسط اهتمام لافت داخليا وخارجيا، ومخاوف من حدوث انتهاكات تؤثر على نزاهتها، تنطلق غدا الأحد الانتخابات التشريعية التركية التى يعول عليها الرئيس رجب طيب أردوغان لتكريس سلطاته المطلقة. ومن المفترض أن يتوجه نحو 53 مليونا و 765 ألف ناخب إلى صناديق الاقتراع البالغ عددها 172 ألفا و 687 صندوقا موزعة على 81 محافظة لاختيار 550 نائبا. وتجرى هذه الانتخابات بنظام القائمة النسبية، ويتنافس فيها 20 حزبا سياسيا و 165 مستقلا، وتأتى اسطنبول فى مقدمة المدن التى تستحوذ على أكبر عدد من المقاعد وهى 88 مقعدا، تليها العاصمة أنقرة 32 وإزمير 26 وبورصا 18 وأنطاليا 14 وأورفا 12 وديار بكر 11. وكان التصويت للأتراك المقيمين فى الخارج قد انتهى فى 31 مايو الماضى، حيث أدلى 685 ألفا و185 ناخبا بأصواتهم من بين مليونين و876 ألف مقيم فى الخارج يحق لهم الانتخاب، وذلك فى 112 سفارة وقنصلية موزعة على 54 دولة.وتشير التوقعات إلى أن حزب العدالة والتنمية الحاكم لن يتمكن من تشيكل حكومة بمفرده، وإنما هناك احتمالات بتوجه البلاد إلى تشكيل حكومة ائتلافية لأول مرة منذ نوفمبر عام 2002. وأكدت نتائج استطلاع الرأى صعوبة أن يقتنص العدالة والتنمية 276 مقعدا، أى النصف زائد واحد، أى الأغلبية، فى حين أنه فاز بنسبة 49٫8٪ فى انتخابات2011 بعدد مقاعد 326. وقالت مصادر: إن العدالة والتنمية ستتراوح أصواته ما بين 39 إلى 43٪، بعدد مقاعد 271 مقعدا، والشعب الجمهورى 130 مقعدا، وبنسبة 25٫6٪، والحركة القومية 93 مقعدا بنسبة 17٫6٪، وحزب الشعوب الديمقراطية الكردى على 10٫8٪، أى ب56 مقعدا برلمانيا. ولا تتيح هذه النتائج الفرصة للحزب الحاكم لتشكيل حكومة بمفرده، وأما الأهم فهو تحقيق حلم أردوغان المتمثل فى تحويل النظام السياسى من برلمانى إلى رئاسى ينفرد فيه بسلطات مطلقة، وهو ما دفعه أن يقوم خلال الأيام الماضية بجولات محمومة لحث مواطنيه صراحة، فى مخالفة مع الدستور والقانون، على التصويت للعدالة. وتحسبا لعمليات تزوير، طالب زعماء الأحزاب السياسية المعارضة أنصارهم بالتطوع للاشتراك بالإشراف على صناديق الاقتراع بعموم المدن التركية خاصة مع تزايد المؤشرات والمعلومات التى تؤكد على لجوء الحزب الحاكم إلى الاحتيال والتلاعب بنتائج الانتخابات البرلمانية العامة. وكان المدون المشهور فؤاد عونى الذى سبق له نشر تغريدات تحققت معظمها قد أعلن من خلال موقعه على شبكات التواصل الاجتماعى أن حزب العدالة والتنمية يخطط لسرقة 3 ملايين و 480 ألف صوت فى الانتخابات. وقال عونى، الذى يبلغ عدد متابعيه مليون شخص على الرغم من إغلاق حسابه على تويتر أكثر من مرة، إن حزب العدالة والتنمية أسس مجموعات لتنفيذ ذلك فى المدن والأحياء والقرى. وفى الشأن ذاته، قالت شبكة "خبر تورك" الفضائية التركية إن 9 من أعضاء مجلس بلدية بلدة جكورجا التابعة لمدينة هكارى جنوب شرقى تركيا قدموا استقالتهم من حزب العدالة والتنمية للانضمام إلى حزب الشعوب الديمقراطية احتجاجا على سياسة حزبهم السابق ضد الأكراد فى حملته الانتخابية لهذه الانتخابات البرلمانية. من ناحية أخرى، أكدت أمينة أولكر طارهان زعيمة حزب "الأناضول" بتركيا، أن على حزب العدالة والتنمية أن يتوقف عن التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، موضحة أن سياسة الحزب الحاكم مزدوجة المعايير وتنظر لكل شىء ضمن إطار أيديولوجيتها على الرغم من أن أردوغان "بطل فى انتهاك حقوق الإنسان وعدو للديمقراطية والحرية". وذكرت طارهان فى تصريحات خاصة لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط بأنقرة أن للسياسة الخارجية أهمية كبيرة لحماية مصالح البلد وأمن مواطنيها، ولكن سياسة حكومة العدالة والتنمية تقتات على "المظلوميات" وتحاول تنفيذ نفس الشىء فى دول المنطقة وتعمل على تصدير نفس النوع من الأيديولوجية لمنطقة الشرق الأوسط، حيث يرى الحزب الحاكم أنه زعيم أو خليفة للمنطقة، فى حين أن كل المشاكل تنبع من هذا المفهوم الخاطئ الذى يحاول إعادة مفهوم "العثمانية الجديدة" فى المنطقة، مشددة "لا يمكننا أن نضحى بمكاسب الجمهورية العلمانية".