إنه قداسة البابا شنودة الثالث المولود باسم/ نظير جيد في إحدي قري أسيوط أهداه الله لشعب مصر ليعيش علي أرضها, ويتفاعل مع شعبها, ويبادله الحب والسلام, وهو لا نظير له لأنه كان يتمتع بصفات عديدة قلما تجمعت في رجل الدين, فقد تميز بالوطنية المصرية الأصيلة, وكان حكيما متزنا لبقا مؤمنا بالوحدة الوطنية, وكان مؤلفا وكاتبا للشعر والفلسفة, وكان موسوعة في التاريخ والمعلومات ناهيك عن خفة الظل التي عرفت عنه. وهو لا نظير له لأنه أول رجل دين مسيحي تعلن فيه مصر الحداد الرسمي يوم جنازته, وتنكس فيه أعلام مصر علي الوزارات والمصالح الحكومية والسفارات المصرية خارج الوطن, ولا نظير له لأنه أول رجل دين مسيحي ينعيه فضيلة شيح الأزهر الشريف, ولا نظير له لأنه أول رجل دين مصري ينعيه الرئيس الأمريكي أوباما والبابا بنيديكت السادس عشر بابا الفاتيكان وكثير من دول العالم, ولا نظير له لأنه استطاع أن يجمع بين الحب والتقدير من جميع الطوائف المسيحية, وأن ينال احترام القوي السياسية علي اختلاف ميولها.
ولا دهشة في هذا فقد حصد البابا ثمار ما زرعه علي أرض مصر الطيبة طيلة تسعة عقود, لقد زرع البابا شنودة الثالث بذور المحبة والتسامح والتآخي بين أفراد الشعب من مسلمين ومسيحيين, فكان يعمل علي تفعيل الحوار الإسلامي المسيحي, وتصدي بكل شدة لكثير من محاولات زرع الفتنة الطائفية والوقيعة بين فرعي النسيج الوطني الواحد, وكان موقفه الحازم عدم زيارة القدس مادامت تحت الاحتلال الإسرائيلي دليلا واضحا علي وطنيته الصادقة. ويذكر له دعواته السنوية للإفطار الرمضاني في قاعة الكنيسة البطرسية. وقد بدأت قنوات اتصال البابا شنودة بالشعب المصري في بداية حياته البابوية منذ أكثر من أربعين عاما من خلال عموده الأسبوعي في جريدة الجمهورية, وكانت مقالاته الأسبوعية علي هذه الصفحة من جريدة الأهرام كل يوم أحد تستقطب القارئ دون النظر إلي انتماءاته الدينية, وكان البابا شديد الاهتمام بمشكلات الشباب ودور المرأة, وكان يسعي للمحافظة علي استقرار الأسرة, وعدم تفككها إيمانا منه بأن الأسرة السليمة هي الخلية الأولي لبناء مجتمع صالح. وكان لعبارته الشهيرة أن مصر وطن يعيش فينا صدي إيجابيا كبيرا في نفوس كل مصري, وبعد أن رحل عن عالمنا بقي أن نقول إن ذكراه العطرة ستظل هي أيضا تعيش في قلوبنا, لأنه كان بالحقيقة لا نظير له...!