إن الشعوب لا تثور علي حكامها إذا أخطأوا.. فإنها تعرف أن الحاكم بشر, وهو غير معصوم من الخطأ! وهي تتسامح معه إذا أخطأ مرة ومرتين وعشر مرات.. فإن الشعوب أوسع صدرا مما يتصور الكثيرون! إنها لم تثر مرة واحدة علي خطأ وقع.. ولكنها تثور علي جرائم ترتكب.. والجريمة الكبري التي تثير الشعب علي الحاكم هي أن يكون لصا, أو يتستر علي عدد من اللصوص! والجريمة الثانية التي يثور لها الشعب هي عندما يكون الحاكم سفاحا أو طاغيا أو ظالما, بل هي في بعض الأحيان تبرر ظلمه الأول, وتسميه حزما! فإذا استمر في ظلمه كرهته وثارت عليه. والشعب عادة يحب أن يثور في حدود القانون! إنه يفضل أن يغير حاكمه بالطرق الدستورية, فإذا مزق الحاكم الدستور, وكمم الأفواه,اتجه الشعب تحت الأرض.. وعندها يتآمر ليتخلص من حاكمه بعد أن عجز عن التخلص منه فوق الأرض! والحاكم الذكي هو الذي يفتح النوافذ للشعب, حتي لا تنحبس صرخاته, وتتحول إلي كراهية وحقد وتآمر! وهو الذي لا يغلق الأبواب الدستورية لاستبداله, إذا ما ضاق به الشعب, وقرر الخلاص منه.. إنه يترك باب الدستور مفتوحا ليخرج منه. وكل حاكم فتح النوافذ والأبواب أطال مدة حكمه! فإن الأنفاس المختنقة تخرج من النوافذ والأبواب المفتوحة, وتفسح مكانا للهواء الطلق.. أما الأنفاس الحبيسة فإنها تتحول إلي غازات حارقة تؤدي دائما إلي الإنفجار. فالحريات ليست شهادة تأمين لشعب بقدر ما هي شهادة تأمين للحاكم. إنها العباءة التي تحمي صدره من الرصاص وخرطوم المطافئ الذي يطفئ النار قبل أن تحرق الحاكم وتحوله إلي رماد! [email protected] المزيد من أعمدة محمود المناوى