أهم تصريحات وزير التموين حول تحريك سعر الرغيف المدعم    ننشر أسعار الذهب في بداية تعاملات الخميس 30 مايو    ارتفاع الدولار إلى أعلى مستوى في أسبوعين بسبب الإقبال على أصول الملاذ الآمن    الرئيس السيسي يتوسط صورة تذكارية خلال افتتاح المنتدي العربي الصيني    الجيش الكوري الجنوبي: كوريا الشمالية أطلقت 10 صواريخ باليستية قصيرة المدى    القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير منصتي إطلاق صواريخ للحوثيين في اليمن    الرئيس الصيني: نطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة    الأهلي: كولر رفض 8 ملايين دولار للرحيل عن الفريق    الأهلي: لن نتخلى عن معلول نعتبره مصريا    علاج أول مريض سكري باستخدام الخلايا في سابقة فريدة علميا    سرقة 25 مليون دولار من شركة صينية بطريقة غريبة.. السر في الذكاء الاصطناعي    ضحى بنفسه من أجل إنقاذ زميلته، عائلة الممثل جوني واكتور تكشف اللحظات الأخيرة قبل مقتله    نتيجة الصف الثاني الثانوي الترم الثاني 2024 بالاسم ورقم الجلوس في جميع المحافظات    كارثة تهدد حياة 23 مليون أمريكي بسبب كوفيد طويل الأمد.. ما القصة؟    خالد أبو بكر يهاجم "المحافظين": "التشكيك بموقف مصر لو اتساب هتبقى زيطة"    انطلاق منتدى التعاون الصينى العربى بحضور الرئيس السيسى بعد قليل    هل تجوز الصدقة على الخالة؟ محمد الجندي يجيب    هيئة السلع التموينية: سلمنا 89 مليار رغيف عيش بمنظومة الدعم حتى الآن    ثغرة جديدة في نظام تشغيل ايفون.. تفاصيل    موعد الملاحق.. متى امتحانات الدور الثاني 2024؟    بعد تصريحات «شيكابالا».. «كهربا»: «في ناس مبطلة من 2010 بيروحوا البيت لبابا عشان يجددوا»    اقتحام وسرقة.. جيش الاحتلال يهاجم مدن الضفة الغربية    الطريق إلى يوم التروية.. خطوات الحج 2024 من الألف للياء    تريزيجيه يتحدث عن مصيره بعد اعتزال كرة القدم    حكام مباراتي اليوم الخميس في دور ال 32 من كأس مصر    طريقة عمل البيتزا في المنزل «بخطوات بسيطة ورخيصة وأحلى من الجاهزة»    كهربا: الأهلي غير حياتي وأنا رقم 1    توخوا الحذر.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 30 مايو في مصر (حرارة شديدة)    كهربا: أحب اللعب بجوار هذا الثلاثي في الأهلي    العراق.. سماع دوي انفجار في منطقة الجادرية بالعاصمة بغداد    الحرس الوطنى التونسى ينقذ 17 مهاجرا غير شرعى بسواحل المهدية    تقوية المناعة: الخطوة الأساسية نحو صحة أفضل    ضبط سيدة تبيع السلع المدعومة بالسعر الحر.. نصف طن سكر مدعم و203 زجاجة زيت و800 كيلو عسل    اللواء أحمد العوضي ل"الشاهد": سيناء تشهد طفر غير مسبوقة وتنمية كبيرة    "ديربي القناة".. تعرف على موعد مباراتي اليوم بكأس مصر والقنوات الناقلة    عضو جمعية الاقتصاد السياسي: يمكن للمستثمر الاقتراض بضمان أذون الخزانة    «البوابة نيوز» تهنئ قناة القاهرة الإخبارية على حصدها جائزة التميز الإعلامي العربي    ياسمين صبري: أتمنى أمثل مع توم كروز وليوناردو دي كابريو    وزير الصحة يبحث مع سكرتير الدولة الروسي تعزيز التعاون في مجال تصنيع الدواء والمعدات الطبية    وفاة الفنانة التركية غولشاه تشوم أوغلو    أحمد عبد العزيز يكتب // الإدارة ب"العَكْنَنَة"!    دون خسائر بشرية.. السيطرة على حريق محل لعب أطفال في الإسكندرية    كهربا: لن ألعب فى مصر لغير الأهلي وبإمكانى اللعب على حساب مرموش وتريزجيه فى المنتخب    بعد مراسم مماثلة ل"عبدالله رمضان" .. جنازة شعبية لشهيد رفح إسلام عبدالرزاق رغم نفي المتحدث العسكري    مع زيادة سعر الرغيف 4 أضعاف .. مواطنون: لصوص الانقلاب خلوا أكل العيش مر    «رهينة للمتطرفين».. خطة المعارضة الإسرائيلية للإطاحة ب نتنياهو    وزيرة الاقتصاد التونسي تؤكد ضرورة توفير المناخات الملائمة للقطاع الخاص في البلدان الأفريقية    محافظة القاهرة تشن حملات على شوارع مدينة نصر ومصر الجديدة لرفع الإشغالات    الإفتاء توضح حكم التأخر في توزيع التركة بخلاف رغبة بعض الورثة    الحكومة تعلن الانتهاء من خطة تخفيف الأحمال في هذا الموعد    آخر تحديث لسعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الخميس 30 مايو 2024    حظك اليوم| برج الثور الخميس 30 مايو.. «ابتعد عن المشاكل»    في ذكري رحيله .. حسن حسني " تميمة الحظ " لنجوم الكوميديا من الشباب    استغل غياب الأم.. خمسيني يعتدي جنسيًا على ابنتيه في الهرم    تخصيص 65 فدانًا لصالح توسعات جامعة الأقصر بمدينة طيبة    واجبات العمرة والميقات الزماني والمكاني.. أحكام مهمة يوضحها علي جمعة    ما هو اسم الله الأعظم؟.. أسامة قابيل يجيب (فيديو)    رئيس جامعة المنوفية يعلن اعتماد 5 برامج بكلية الهندسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سماسرة « الثأر»
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 04 - 2015

تجار سلاح ومرتزقة ونواب سابقون و لجان صلح عرفية بالصعيد يستحلون المال الحرام بعد أن ماتت ضمائرهم يقومون بفرض مبالغ مالية ضخمة «إتاوات» على أحد طرفى النزاع أو تحقيق مكاسب سياسية و انتخابية أو مكانة اجتماعية مقابل السماح بإتمام الصلح . .
استغاثات ومناشدات المواطنين تطلب من المسئولين التدخل للقضاء على هذه الظاهرة قبل أن تتفاقم قضايا الثأر ويجنى البعض من ورائها المكاسب ، خاصة مع وجود قرابة 2000 حالة خصومة ثأرية على مستوى الجمهورية،
ومطالبات بضرورة وضع تعديل تشريعى يتيح لولى الدم العفو فى قضايا الثأر مبنياً على المادة الثانية من الدستور كما أنه مطبق فى السعودية وإيران .. أسرار وخفايا عديدة عن الصلح و أسباب فشل حالات عديدة منه نتعرف عليها فى التحقيق التالى ,,,
الثأر ليس مجرد حادث نقرؤه فى الصحف أو حكم بالإعدام أو السجن لمرتكبه وإنما سنوات من الخوف والرعب والتربص وتحرم خلالها العائلات المتنازعة من الراحة الأمان والنوم والفرحة بل والتعليم وتأتى على الأخضر واليابس وتزهق أرواح خيرة شباب العائلتين ويتوقف تماما أى مظهر من مظاهر التنمية , وقد عايشت قضية ثأر بمحافظتى سوهاج استمرت لمدة عامين وباءت محاولات أهل الخير فيها بالفشل واكتشفنا فى النهاية أن السبب تجار السلاح الذى استغلوا نعرة الجاهلية والتعصب القبلى فى الاستمرار فى سفك الدم .
ذكرت تلك الواقعة لمسئول امنى رفض ذكر اسمه والذى لم يستغرب الواقعة و بادرنى قائلا : إن الأمر وصل إلى أن بعض لجان الصلح العرفية نفسهم يتاجرون بالصلح ويهدفون إلى تحقيق مكاسب مادية حتى يتم الصلح وضرب مثالا لذلك بقيام المشاركين فى إحدى لجان الصلح العرفية بملوى وذكرهم لى بالأسماء من واقع شكوى قدمت إليه من الأهالى هناك يشكون فيها من استغلال القائمين على هذه اللجنة لنزاعات المواطنين وطلب مبالغ مالية تتراوح بين 30 ألف و50 ألف جنيه بدعوى أن هذا المبلغ « رهن « لتأكيد جدية الطرفين فى الصلح ولكن المواطنين يفاجئأون بأن اللجنة ترفض رد المبلغ تحت دعوى أنه « حلاوة « إذا تم الصلح أو تحت بند المصاريف إذا فشلوا فى الصلح وعندما لجأ الأهالى إلى الأمن ضغط على اللجنة ورد المبلغ للمواطنين ولكن فى معظم الأحوال يفضل المواطنون السكوت وعدم الذهاب للأمن .
فى هذا الصدد يقول الدكتور صابر حارص أستاذ الإعلام بجامعة سوهاج والمتحدث باسم جمعية المصالحات و فض النزاعات أن التجارة بالدم فى حوادث الثأر تتم عبر سماسرة ووسطاء يتاجرون بالصلح مقابل منافع مادية أو سياسية أو تصفية حسابات قبلية وعائلية مما تؤدى إلى مزيد من إسالة الدماء ..
ويذكر الدكتور صابر خلال مشاركته بإحدى المصالحات فى نزاع خاص بسوق طهطا أن سماسرة المصالحات حولت الصلح بعد أن تم فى نفس يوم النزاع إلى فتنة كبيرة بين بلدين اتسع مداها إلى العصبية الجغرافية وظلت 15 يوما أربكت فيها التهديد المباشر فى مكاتب الأمن ذاتها سواء من أحد أطراف النزاع أو من سماسرة الصلح ذاتهم .
و أن سماسرة الصلح هذه الأيام زادت تحركاتهم لأغراض انتخابية ومنهم من ينتمون إلى الحزب الوطنى المنحل أو قيادات أمنية أحيلت إلى المعاش وتنوى خوض المعارك الانتخابية وهؤلاء السماسرة يخوضون فى المنازعات لتحقيق أهدافهم وليس حبا فى الخير مما يجعل كثيرا من النزاعات يطول مداها وقد وصل الأمر فى بعض النزاعات أن تظهر سماسرة يطرحون إتمام المصالحات مقابل 50 ألف جنيه تذهب لإحدى الشخصيات الفاعلة فى تلك البلدة أو القرية التى يجرى فيها الصلح . والغريب والكلام للدكتور صابر أن الجهات الأمنية لديها علم بهذه الشخصيات المتاجرة بالصلح ولا تستطيع أن تفعل معها شيئا وعندما نطالبها بالتدخل ترفض باستحياء تحت دعوى الحياد المهنى لعمل الشرطة .
وينبه حارص إلى نقطة مهمة تتمثل فى خيانة الصلح من جانب أحد طرفى الصلح بعد إتمامه والتوقيع عليه يقوم بقتل احد أفراد الطرف الثانى وهذا الأمر يتطلب إيجاد حل قانونى وأمنى يردع أى طرف لا يحترم أو ينقض محضر الصلح الذى وقع عليه بحضور المحافظ ومدير الأمن .
موضحا أن لجان المصالحات تلعب دورا لا يمكن للجهات الأمنية أن تقوم به بحكم حيادها المهنى بين أطراف النزاع وهذا الحياد كان كثيرا يدفعها لرفض طلب لجان الصلح الضغط على طرفى الخصومة لقبول الصلح باستثناء الحالات التى تهدد امن المواطنين كما أن أداء المسئول الأمنى يختلف طبقا لخبرة وقوة مدير الأمن فنجد من يضغط على الطرف المعطل والمماطل فيتم الصلح واحتواء الفتنة فى أسرع وقت وهناك مسئولو امن ينسحبوا من إجراءات الصلح أو يؤجلونه أكثر من مرة وتستمر الخصومة لسنوات الأمر الذى يتطلب ضرورة التنسيق المتواصل بين الأمن ولجان الصلح والتى يجب أن تضم ممثلين عن الأزهر والكنيسة ورجال القانون والإعلام والشخصيات العامة المؤثرة على أن تقوم المحافظات بتوفير مكان مستقل تابع لأى جهة حكومية أو خيرية يخصص للجان الصلح فى كل محافظة .
تدخل الأزهر
إيمانا من الأزهر بضرورة إيجاد حلول وبرسالته العالمية والاحترام الشديد لمكانته فى قلوب المصريين قرر الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر فى شهر أغسطس الماضى تشكيل لجنة عليا دائمة للمصالحات هذا ما كشف عنه الدكتور محمد ذكى أمين الدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف ومقرر اللجنة العليا للمصالحات أن اللجنة تعمل على إنهاء الخصومات الثأرية وتضم فى عضويتها 11 من كبار علماء الأزهر بهدف رأب الصدع ومحو آثار الفتن بين الناس وحقن دمائهم والحفاظ على امن واستقرار الوطن ،واللجنة منبثق عنها لجان فرعية بالمحافظات وكل لجنة يرأسها محافظ الإقليم وتضم فى عضويتها رئيس الإدارة المركزية بالأزهر ورئيس لجنة الوعظ والفتوى بالمحافظة ومن خلال اللجان الفرعية يتم التنسيق والعمل والتشاور .
كما أنشأ الأزهر إدارة خاصة باللجنة العليا للمصالحات للمتابعة و أصبح فى حوزتها جميع قضايا الثأر على مستوى الجمهورية , ويقوم الأزهر بإرسال خيرة علمائه ودعاته إلى البلاد التى ينشب فيها الصراع على مدى أيام الأسبوع وهذا عمل لوجه الله بل إن الأزهر يتحمل أعباء مادية لإنهاء الخصومات عن طرفى النزاع مادام ذلك يصب فى مصلحة الحفاظ على أمن واستقرار الوطن .
أضاف الدكتور محمد أن عمل اللجنة مسخر لحقن دماء المصريين مسلمين ومسيحيين وقد توجهنا برعاية فضيلة الإمام الأكبر إلى مركز ملوى بقرية دير أبى حنس بمحافظة المنيا للعمل على إنهاء خصومة ثأرية بين عائلتين مصريتين مسيحيتين بعد تقدم المصلحين والحكماء منهم بطلب إلى الأزهر الشريف يطلبون تدخله لحل النزاع الذى اودى بحياة 5 مواطنين من إخواننا المسيحيين فيما بينهم وعلى الفور توجهت قافلة كبيرة تضم شخصيات علمية ودعوية إلى هناك واللجنة فى طريقها إلى إتمام الصلح .
وأيضا صلح أولاد علام بسوهاج والتى راح ضحيته ستة وعشرون رجلا ومنهم من قتل بالكويت خارج حدود الوطن ومن خلال لجنة المصالحات بسوهاج التى اشرف عليها الأمن وبمشاركة لجنة الفتوى بسوهاج وقد استمر عملهم فى عقد جلسات لتقريب وجهات النظر والتمهيد للصلح ما يقرب من عام وتم الصلح بحضور الإمام الأكبر والمحافظ ومدير الأمن .
و الصلح الذى تم فى قرية برديس بسوهاج بعدما نشبت معركة بين عائلتين قتل بسببها ثلاثة عشر رجلا وحضر الصلح 30 ألف مواطن كان فى مقدمتهم محافظ الإقليم ومدير الأمن ورجال البحث الجنائى وعلماء الأزهر ووعاظه الذين جاءوا من محافظات الأقصر وأسيوط وسوهاج وقنا لمباركة هذا الصلح الكبير.
وأخيرا الصلح بين عائلتى الداودية والهلالية بمحافظة أسوان بعد أن نشبت بينهم الفتن وراح ضحيتها عدد كبير من العائلتين وقد أرسل الأزهر عدة قوافل للصلح برئاسة رئيس جامعة الأزهر بأسوان والوجهاء والحكماء من أهالى أسوان , وقد سهم الأزهر بكل ما يملك لإنهاء هذه الخصومة .
« ألفا» نزاع ثأري
وحول عدد النزاعات الثأرية على مستوى الجمهورية يقول الأمين عام اللجنة العليا للمصالحات بالأزهر إن الصراعات عديدة خاصة فى الفترة العصيبة التى تمر بها البلاد نتيجة الفوضى والهمجية وليس لدينا عدد محدد ولكن المؤشر خطير جدا ويشير إلى أن عدد قضايا الثأر يتعدى ألفى قضية وهذا الأمر يحتم بالضرورة على الشعب خاصة الحكماء والوجهاء وعلماء الدعوى أن يعملوا على تحصين المجتمع من شرور الثأر وآثاره المدمرة والعمل على إنهاء الخصومات على وجه السرعة حتى لا تتسع رقعتها .
وفى هذا الصدد نناشد المخربين ومن يقوموا بنشر الفتن من المنافقين والمستأجرين أن يتوقفوا فورا عن أعمالهم الخبيثة الشيطانية لان الفتنة اشد وأكبر من القتل ولا يدخل الجنة فتان والفتنة نائمة ملعون من أيقظها قال تعالى : « واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب « . وهؤلاء الذين يشعلون نار الفتنة يتسببون فى تعطيل الصلح أو نقضه وصفهم القرآن بالفاسقين وقد حدث ذلك فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بين الأوس والخزرج وكان المنافقون يروجون الفتن ويذكرونهم بما سبق , ونوصى الناس بعدم الاستماع إلى هؤلاء لأن القرآن وصفهم بالفاسدين .
مباركة الأزهر
وحول الصعوبات التى تواجه القائمين على الصلح يقول الدكتور محمود الهوارى عضو اللجنة العليا للمصالحات واحد علماء الأزهر أن أكثر النقاط صعوبة تواجه عمل اللجنة إصرار بعض أطراف النزاع على الأخذ بالثأر وعدم قبول المصالحة سواء فى شكل مادى مرض أو عرف , و جلسات الصلح يمكن أن تستغرق شهورا أو أسابيع وفى بعض الحالات يستجيب أطراف النزاع للصلح مباشرة ولا ينتظرون إلا مباركة الأزهر فقط . الذى يقوم بهذا العمل دون أى مقابل مادى , وأن من يريد التدخل لتحقيق الصلح يجب أن يكون همه الإصلاح وحقن دماء المصريين , أما التجار والسماسرة غير حريصين على الإصلاح وإنما حرصهم الأساسى على تحقيق مكاسب مادية ومعنوية .ٍ
يؤكد الدكتور الهوارى والذى شارك فى عدد كبير من المصالحات أن الأمن له بصمة قوية فى ضبط هذه الأمور بما لديهم من قدرة على التمييز بين الأمين وغير الأمين ولذلك يلجأ للأطراف المخلصة و الفاعلة فى حل النزاعات وتجنب سفك الدماء والقتل وفى ذلك يساند سواء بأدواته أو أدوات غيره ويتدخل لوقف أى تجاوزات إذا لزم الأمر .
مصلحون بالوراثة
على الجانب الآخر نجد عائلات بالصعيد معروفة سخرت كل طاقتها وإمكاناتها للصلح بين أبنائها ورثوا «المهمة « أو كما يطلقون عليه « الشرف « أبا عن جد ومنهم الحاج عاطف حمدى شيخ بلد بمركز أبو تشت محافظة قنا والذى نجح منفردا منذ أيام فى إتمام صلح استغرق قرابة أربع سنوات ونصف بين عائلتين , قال إن الثأر يحرم أهله من الحياة والفرح والسعادة وحتى النوم و يقضى على الأخضر واليابس ويضطر المواطنون لبيع كل ما يملكون لشراء السلاح وهناك من اضطر لبيع منزله الذى يقيم فيه .. ولأول مرة اشعر بحلاوة النوم منذ أربع سنوات ونصف لأن حقن الدم أعلى درجات فعل الخير وطعم النجاح فيه ليس له مثيل .
وبداية الصلح تكون بالحديث والحوار وإنشاء صداقات شديدة مع المؤثرين من أهل المجنى عليه « أصحاب الدم « مع تجنب الحديث مع أهل الجانى فهم على استعداد لتقبل أى شئ فى سبيل الصلح ونتجنب الحديث عن الصلح فى الفترة الأولى ونقف معهم فى القضايا والمحاكم ونتجنب إدخال النساء والأطفال كمدانين فى القضية ونهدئ من اندفاع الشباب وحماسهم فى مطالبتهم بالإسراع فى أخذ الثأر ونستخدم كل أساليب الحوار لإقناع أهل الدم بالعدول عن الأخذ بالثأر بداية بشرح أمثلة للعائلات التى دخلت فى موضوع الثأر وخسرت كل شئ من مال فى شراء السلاح و أتعاب المحاماة وفقدان خيرة شبابها مرورا بالتخويف من شدة العقوبة وهى الإعدام وصولا بالتذكير بآيات العفو التى وردت بالقرآن .
وكانت هذه الجلسات والحوارات تستمر من آذان المغرب حتى صلاة الفجر بشكل يومى وكلما توصلنا معهم للموافقة على الصلح يأتى إليهم احد أقاربهم – أطلق عليهم الحاج عاطف شياطين الإنس – يدمر ما تم بنائه ونجدهم فى اليوم التالى يتراجعون عن الصلح وجلست مع أقاربهم وقلت لهم ما دمتم لا تريدون الصلح تعالوا تقدموا انتم الصفوف فى الأخذ بالثأر فرفضوا وتأكد لأهل الدم أن أقاربهم لا يريدون لهم خيرا وأنهم دعاة فتنة وبعد أن وافق الطرفان على الصلح كتبت وثيقة إلزامية تضمنت عددا من البنود للطرفين حددت فيها طريق الصلح وقع عليها 12 فردا من المؤثرين فى العائلتين وجعلتهم يوقعون على إيصالات أمانة لضمان الجدية فى الصلح بالتعاون مع الجهات الأمنية التى لا تدخر جهدا فى مساندة الصلح .
نرى بعض الأسماء المشهورة والمعروفة تفشل فى إتمام عمليات الصلح ما هى الأسباب ؟
يقول الحاج عاطف والذى اتخذ من أخيه الأكبر مثلا أعلى فى الصلح والذى نجح فى إتمام 12 صلح بين القبائل والعائلات بقنا أن النجاح فى الصلح هو توفيق من الله وإذا دخل فى نفس المصلح الغرور والكبر بان الصلح تم من عنده فقط سوف يفشل وإذا كان هدف القائم على الصلح تحقيق مكاسب مادية أو اجتماعية أو معنوية فلن يتم الصلح
كما يحدث من جانب عدد كبير من المرشحين لانتخابات المجالس النيابية والذين يتدخلون فى الصلح لتحقيق مكاسب انتخابية فيكون تدخلهم له تأثير عكسى ويضر بعملية الصلح , وقد يرتضى أهل القتيل بالصلح ويكون السبب فى تعطيل الصلح طرف آخر من أبناء العمومة وفى احدى الحالات استمر الثأر 12 عاما وفى النهاية اكتشفنا أن السبب أخت القتيل التى كانت ترفض الصلح وذهبنا إليها أكثر من مرة دون جدوى ولم يتم الصلح إلا بعد وفاتها , وقد يرجع السبب إلى استعجال من جانب القائمين على الصلح الذين يجب أن يتحلوا بالصبر الشديد ويمكن أن يستمعوا لنفس الحوار « مرة وعشرة « , كما أن هناك مصلحين يدخلون فى أكثر من صلح فى وقت واحد فيتم تشتيت المجهود والوقت وتكون النتيجة الفشل والأمر يتطلب التركيز فى صلح واحد .
ينبه الحاج عاطف إلى نقطة فى غاية الحساسية وهى أن على المصلح أن يخاطب الأطراف باللغة التى يفهمونها ومحببة لديهم وبالطريقة التى يرغبون فيها واحترام عاداتهم وتقاليدهم وضرب مثالا لذلك أن أهل القتيل كانوا يجلسون على كنب وكراسى وكان يجلس هو على الأرض ويحتضن قدم من يحاوره من أهل القتيل ويستحلفه بكلام الله وحديث الخير فيستمع له ويلين قلبه . وهناك لجان صلح القائمون عليها يطلبون الشهرة فيكونون سببا فى زيادة الخصومة وفشل المصالحات عندما يعلمون أن لجنة أخرى أو شخصا أخر سوف ينهى الصلح .
التكييف القانونى
الثأر مجموعة من القيم البالية الموروثة تصل إلى حد العقيدة واليقين فى عقل وقلب من يقع تحت طائلته فتحصد أرواح خيرة الشباب وتنشر البغضاء فى المجتمع فتأتى على أركانه ولا يمكن مجابهتها إلا بمخلوط من الدين والقانون ونشر ثقافة المحبة والتى حثت عليها جميع الأديان هكذا يرى المستشار عبد الله سلام بمحكمة الجنايات موضحا أن التشريع المصرى لم يعالج مسألة الثأر بنص خاص صريح وظاهر وإنما احتوت نصوصه كنظرة شمولية .
من يقوم بالقتل أخذا لثأره لماذا يحصل على عقوبة أشد بكثير عن خصمه رغم أن الحالتين قتل ؟
يقول المستشار سلام إن بداية الثأر جريمة فى حالات كثيرة يمكن تكييفها من قبل المحكمة ضرب أفضى إلى الموت طالما لم تستظهر الأوراق نية القتل العمد طبقا لنص المادة 336 من قانون العقوبات ويعاقب مرتكبها بالأشغال الشاقة أو الحبس من 3 سنوات إلى 7 سنوات ,
أما جريمة القتل أخذا بالثأر يتوافر فيها القتل العمد و سبق إصرار أو ترصد أو القتل بالسم والحرق أو الاقتران والارتباط بجريمة أخرى كظرف مشدد وقد تصل العقوبة إلى الإعدام شنقا ومحكمة الموضوع هى الأقدر وذات السلطة العليا فى تقدير العقوبة طبقا لظروف كل جريمة والظروف المحيطة لكل متهم من حيث حداثة السن والثقافة والغاية والغرض وعما إذا كانت تنم عن شخصية إجرامية خطرة بطبعها لا يمكن تقويمها أم انها عوارض ظروف اجتماعية
ولكن ما هى حدود قدرة القاضى فى المساعدة فى إنجاح عمليات الصلح ؟
يقول المستشار سلام القانون المصرى لم يعالج ظاهرة الثأر ولكن النصوص الواسعة والقواعد القانونية يمكن أن تعالج بعض الشئ منها مبدأ تفريد العقوبة طبقا للمادة 17 من قانون العقوبات التى تتيح للقاضى أن ينزل بالعقوبة درجة أو درجتين وفقا لظروف كل جريمة وقد يكون من هذه الظروف التصالح ما بين المتهم والمدعى بالحق المدنى ويترتب على ذلك انه يمكن أن تأخذ المحكمة بعين الاعتبار بذلك الصلح طالما ظهرت من الأوراق أن شخصية المتهم ليست ذات خطورة إجرامية على المجتمع .
هل التصالح يمكن إن يسقط العقوبة تماما ؟
يقول المستشار سلام انه كأصل عام يترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية فى الجرائم المنصوص عليها على سبيل الحصر المادة 18 من قانون العقوبات ومنها الضرب وخلافه وليس من بينها جرائم القتل إذ أن القتل أمر جلل وجريمة خطيرة تنال من سلامة المجتمع ولا يقتصر ضررها على أهل القتيل وإنما وجب أن يكون هناك رادع عام من مصلحة المجتمع أن تقوم به الدولة لذلك لا يترتب على الصلح إلغاء العقوبة .
ما هى الإجراءات القانونية التى يمكن اتخاذها لمعالجة ظاهرة الثأر ؟
يمكن استخدام ذلك فى المادة الثانية من الدستور كمادة حاكمة والدلوف منها إلى استحداث نص تشريعى يمكن ولى الدم النزول أو التنازل عن معاقبة المتهم وفى أى مرحلة من مراحل الدعوى أين كانت حتى لو كانت قبل التنفيذ مباشرة وأين كانت العقوبة حتى لو كانت الإعدام وأن يتم ذلك فى إطار قانونى مستحدث يكون قوامه الرأى الراجح من الفقه وذلك مطبق بالفعل فى دول عديدة منها السعودية وإيران ومنها واقعة شاهدناها الشهر الماضى فى إيران عندما حكم على شخصين بالإعدام شنقا وتم تنفيذ العقوبة فى احدهما وفى أثناء تنفيذ العقوبة فى الثانى قام ولى الدم باستعمال سلطاته لوقف العقوبة عنه .
قانون الثأر
الثأر هو أن يقوم أقارب القتيل بقتل القاتل نفسه أو أحد أقاربه انتقاما لأنفسهم دون أن يتركوا للدولة حق إقامة القصاص الشرعى وهو من أخطر ما يهدد أمن واستقرار وسكينة المجتمعات والعدو الأول للتنمية والتطوير .
والمطالبة بالثأر لها ضوابط معروفة خاصة فى الصعيد فالأبناء هم الأحق بالقصاص لدم أبيهم يليهم الأخوة الأشقاء فالأخوة غير الأشقاء وإذا لم يكن للقتيل أبناء وإخوة فحق المطالبة بالدم ينتقل إلى أبناء العم الأشقاء ومنهم إلى أبناء العمومة غير الأشقاء والثأر لا يلزم سوى أقارب الدم أى من ناحية الأب ولا علاقة لأقارب الأم بعملية الثأر وإن كان الأمر لا يخلو من الدعم والمساعدة ولا يسقط حق الثأر بالتقادم حتى لو ظل القاتل سنوات طويلة مختفيا او خلف القضبان وأهالى الصعيد لا يعتبرون السجن بديلا عن الثأر فحق الدولة غير حقهم وقانونها غير قانونهم لأنهم يرون أن القبر أضيق بكثير من الزنزانة . كما أن الثأر كظاهرة يرتبط بعادة اقتناء السلاح فى الصعيد فالصعيدى يضع البندقية فى منزلة الابن وغالبا ما لا تفارق كتفه إلا عند النوم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.