يضرب المرء كفا بكف مما نعيشه يوميا من أحداث غريبة وأفكار مغلوطة تزيد الأمور سوءا، وأحدثها ما أقدمت عليه الدكتورة بثينة كشك وكيلة وزارة التربية والتعليم بالجيزة بحرق 82 كتابا فى فناء مدرسة فضل الحديثة بالهرم بدعوى أنها تدعم الإرهاب والعنف، وليست موجودة فى القائمة التى سمحت بها الوزارة للمكتبات المدرسية، إذ تم تسريبها دون المرور على اللجنة المُكلفة بالمراجعة، وأن التعليمات الأمنية تقضى بإعدام الكتب الخارجة عن المألوف وليس فرمها، ومن هنا كان اللجوء لحرق الكتب المضبوطة بعد التأكد من مخالفة مضمونها مبادئ الإسلام المعتدل، أما الهدف الأساسى من حرق الكتب داخل المدرسة فهو إثبات ضبطها، ولتكون عبرة لحظر أى أفكار متطرفة. وقد جرت عملية حرق الكتب مصحوبة بأغان وطنية مثل (يا أغلى اسم فى الوجود، والنشيد الوطنى، وتحيا مصر) ورفع الحاضرون العلم المصرى، وتم توفير وسائل الأمان من طفايات حريق وجرادل رمل وأفراد أمن فى أثناء الإعدام والحرق! والحقيقة أن هذا التصرف الذى أقدمت عليه وكيلة الوزارة يتنافى مع العقل والمنطق، ويصادر الفكر، وقد جعلت نفسها حكما وجلادا فى الوقت نفسه، وهو ما دعا الدكتور محب الرافعى وزير التربية والتعليم، أمام ردود الأفعال الغاضبة، إلى أن يعلن رفضه التام لواقعة حرق الكتب، وإحالته الدكتورة بثينة كشك، ومن شاركوا معها إلى التحقيق، من منطلق أن محاربة الفكر المتطرف لا تكون أبدا بحرق الكتب، وإنما بأسلوب تربوى يستهدف تربية النشء على نبذ العنف والتطرف والإرهاب. إن غياب رؤية واضحة لوزارة التربية والتعليم فيما يتعلق بالمناهج والامتحانات، وحتى الثقافة العامة يستلزم تشكيل لجنة وزارية تختص بإعادة النظر فى فلسفة التعليم بمصر، والأمر مطروح على المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء. لمزيد من مقالات أحمد البرى