فى اتفاق تسوية نادر بين الديمقراطيين والجمهوريين، رضخ الرئيس الأمريكى باراك أوباما للمطالب الخاصة بحصول الكونجرس على سلطة مراجعة أى اتفاق نووى نهائى مع إيران عقب توقيع الاتفاق الإطارى بين طهران والقوى الكبرى فى 2 أبريل الحالى ، حيث يلقى هذا التطور الأمريكى بعنصر جديد من الشك فى المراحل الأخيرة الحساسة من المفاوضات بين القوى الكبرى وإيران بهدف تحجيم برنامج إيران النووى مقابل تخفيف العقوبات عليها. وينص مشروع القانون ، الذى أقرته لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ مساء أمس الأول، على أن يراجع الكونجرس أى اتفاق نهائى مع إيران خلال 30 يوما بدلا من 60 وحذف منه إلزام أوباما أن يشهد بأن إيران لا تدعم أعمالا إرهابية ضد الولاياتالمتحدة.كما يلزم مشروع القانون المعروف باسم (كوركر-ميننديز) الإدارة الأمريكية بتقديم تقارير منتظمة ومفصلة للكونجرس بشأن عدد من القضايا من بينها دعم إيران للإرهاب وصواريخها الباليستية وبرنامجها النووى ، فضلا عن إرسال نص أى اتفاق نهائى إلى الكونجرس بمجرد الانتهاء منه وحرمان أوباما من القدرة على تخفيف العقوبات الأمريكية على إيران أثناء فترة مراجعة الكونجرس للاتفاق ، وصولا إلى تصويت نهائى على رفع العقوبات التى فرضها الكونجرس مقابل تفكيك إيران لقدراتها النووية.
وفى إشارة لقبول البيت الأبيض للقانون، قال جوش ايرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، إن أوباما يمكن أن يقبل التسويات التى حظيت بدعم من الحزبين الجمهورى والديمقراطى فى "الشيوخ" الأمريكى . وأضاف ايرنست "ما أوضحناه للديمقراطيين والجمهوريين فى لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ هو أن أوباما سيكون مستعداً لتوقيع التسوية المقترحة التى تشق طريقها فى اللجنة".
ومن جانبه، أكد السناتور بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى الكونجرس الذى صاغ مشروع القانون، أن البيت الأبيض وافق على المضى قدما فى المشروع فقط بعد أن اتضح وجود تأييد ديمقراطى قوى له، مشيرا إلى أن اللجنة أقرت مشروع القانون بالإجماع ومن المتوقع تمريره إلى الشيوخ بكامل هيئته ثم مجلس النواب، وقال كوركر: "حدث هذا التغيير فقط عندما رأوا كم أعضاء الشيوخ الذين سيصوتون لصالح المشروع".
وتنامى تأييد الحزبين لمشروع القانون فى الأسابيع القليلة الماضية ليقترب من العدد اللازم لتجاوز أى "فيتو" رئاسى وهو 67 صوتا ، إلا أن أعضاء ديمقراطيين فى الشيوخ نجحوا فى إضافة تعديلات لتخفيف مشروع القانون حتى يلقى قبولا أكبر من البيت الأبيض.
وقال جون كيري، وزير الخارجية الأمريكى :"لم يعد هناك حاليا ما يعوق طريق المفاوضات النووية مع إيران" ، معربا عن تفاؤله بقدرة أوباما على التفاوض حول اتفاق.
وفى تل أبيب، أبدى يوفال شتاينتز، وزير المخابرات الإسرائيلي، رضا الحكومة عن الاتفاق بين أوباما والكونجرس ، وقال :"نحن سعداء بالتأكيد، هذا إنجاز لسياسة إسرائيل ، وكان خطاب (رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو فى الكونجرس حاسما فى التوصل لهذا القانون وهو عنصر مهم جدا فى الحيلولة دون التوصل لاتفاق سيء أو على الأقل فى تحسين الاتفاق وجعله أكثر منطقية".
ومن جانبه ، اعتبر الرئيس الإيرانى حسن روحانى منح الكونجرس الأمريكى سلطة مراجعة أى اتفاق نووى مع إيران شأنا داخليا ، وقال :"نحن فى محادثات مع القوى الكبرى وليس مع الكونجرس"، مشددا على أن طهران لن تقبل اتفاقا نوويا مع القوى الكبرى ما لم ترفع كل العقوبات المفروضة عليها.
وعن الموقف الألمانى ، رفض فرانك فالتر شتاينماير، وزير الخارجية، الحديث عن مكآفات لإيران فى هذه المرحلة، معتبرا أن هذا الأمر سابق لآوانه ، وانتقد القرار الروسى بتسليم أنظمة صاروخية (إس 300) لطهران ، ووصف الاتفاق الإطارى بين إيران والقوى الكبرى بأنه "أساس جيد" لصياغة اتفاق نهائى بحلول 30 يونيو المقبل.
كما شدد باولو جينتيلونى وزير الخارجية الإيطالى على أنه "من المبكر جدا استعادة الروابط الاقتصادية مع إيران"، مشيرا إلى أنه يجب الوصول أولا إلى الهدف المنشود (الخاص بتطبيق الاتفاق الإطاري) قبل أن تسارع الدول إلى إعادة إقامة علاقات مع طهران، وأوضح أن استباق الأمور لن يكون عاملا مفيدا.