ثار أصحاب الحزب وأعضاؤه على الرجل ، وصار حديثا شهيا على الأرائك وفي المنتديات العامة والخاصة، وسمعنا بفصله، مع أن سيد مصطفى رئيس كتلة حزب النور في مجلس الشعب أكد أن البلكيمي لم يفصل، إنما تقدم باستقالته من الحزب والبرلمان ولم يتخذ الحزب قرارا بشأنهما بعد! وما فعله الرجل دخل به موسوعة جينز للكذب، أراد تجميل أنفه وما لأنفه سبب، بل لعقله تحمل التبعة، فقد أطلق خياله وألف قصة اعتداء عليه لم تخل من السطو، وإن خلت من الحقيقة، ولم لا؟ فالشرطة لم تعد بقوتها والكل سيصدق لأن الشرطة مقصرة! ولأننا نعيش عصرا مزدهرا للجريمة، حيث المطالبة بغلق الداخلية، لم يفعل الرجل إلا البلاغ، فهل منع الرسول صلى الله عليه وسلم تجميل الأنف؟ أم أبى الدين على الرجال أن يتزينوا! ازدواجية بشعة نحياها جميعا، ليست أنف البلكيمي فقط، التي اضطرته للكذب باعتبارها عورة. المجلس كله انقلب على وزير الداخلية متهمين أحد ضباطه بدفع المتظاهرين لاقتحام المجلس، مطالبين بتطهير الداخلية ونحن معهم بالطبع ولكن هل من الممكن أن ينصهر التطهير؟ ألم يسترع انتباههم أن ثلاثة من شهداء الشرطة سقطوا في 48 ساعة؟ ألا يستحق هؤلاء الإشادة، أو قل أن نقف دقيقة حدادا في المجلس، أم أن الحداد صار ضمن نظرية الازدواجية التي نحياها في مصر؟ (ومش أي حد نقف له) أو نتصور معاه؟ فصار تطهيرا يحتاج للتعقيم أولا، أم ترانا لم نجد في الشرطة شيئا يدعونا للفخر أم وجدنا ولكننا نخشى الإفصاح؟ ومن نخشى وقد فقد التطهير الدسم؟ ثم ما الضرر الذي سيعود علينا نحن المصريين إن أشدنا بجهاز الأمن الوطني الذي يضم بين جنباته شرفاء كثيرين، ضحوا بأنفسهم في سبيل الوطن، قديما وحديثا، وكان آخرهم الرائد الشهيد أحمد عبد الواحد عمارة،فهل كان عمارة من الفلول أم يكفي أن عائلته وأصدقاءه علموا بموته؟ من قتل برصاص مجرم أثناء اقتحام القوات للمكان الموبوء بالمنوفية، ألا يستحق هذا المواطن المصري تكريما دسما ليس خاليا من التصوير هو وغيره من شرفاء هذا الوطن، الذين يخرجون من بيوتهم ولا يعودون، ثم ما الذي يضير مجلسا الشعب والشورى من تكريم هؤلاء ، هل يرفضون تكريم من قتل في سبيل أن يوفر لي ولك ولهم الأمان الذي مات؟ ما المطلوب من ضباط الشرطة بالضبط حتى يعود مجتمعنا كما كان آمنا، لن يعود باتهامهم جميعا فهم ككل فئات المجتمع، فيهم الصالح وبهم الفاسد، منهم من يريد صورا ومنهم من لا يريد!! أم صرنا كلنا أبرياء والمتهمون فقط هم الضباط؟ أي عبث هذا الذي نحياه وأي ازدواجية ممقوتة صرنا مستمتعين بها، وما حزب النورعنا ببعيد، لقد أخطأ أحد نوابه أم كنتم تحسبونهم لا يخطئون؟ كلنا يخطئ وكلنا يحياها تلك الازدواجية، وكلنا صرنا أبطالا، ولا أدري كيف، المهم أننا أبطال لا نسمع إلا أصواتنا، فالمجتمع المصري يوافق على تجميل الأسنان أما الأنف ففيه اختلاف مذاهب؟ لذلك كذب العضو، وتبرأ الحزب وتبرأنا جميعا ومعنا كل الحق، ولكنني أهمس في أذنك يا صديقي، ما الذي دفع صاحب الأنف للكذب؟ سامحك الله أنا لا أبرر له خطأه، بل أعد سؤالي ما الذي دفعه للكذب؟ أنا أم أنت أم المجتمع؟ هو ما حدث مع اختلاف الظروف والملابسات التي أدت بزينب بطلة الروائي الكبير محمد حسين هيكل، هذه الظروف أدت لسقوطها في بئر الرذيلة، تلك الظروف التي لم يحاكمها ولم يقض عليها المجتمع ، الفقر والمرض والجهل، ولم يقتص منها افراده، بل اقتصوا جميعا من زينب، التي أجبروها على الانتحار،وتركوا مثلث الرذيلة قائما يسعى أعني الفقر والمرض والجهل ولم يحاولوا مرة واحدة أن يقتصوا ممن سبب الجرائم، ولا ممن سبب الخراب أو أجج النيران، الأعجب من ذلك تلك حالة الرومانسية الحالمة التي يعيشها التحرير ومحمد محمود، والمدهش عودة المطالب الفئوية وبضراوة، ألا تتفق معي أنه هدوء مقصود ؟ أم أن اللهو الخفي يدبر أمرا جديدا؟ ثم عادت بالسلامة تزف لنا البشرى من جديد، مطالب فئوية أشد وطئا، أتبديل للمواقع هذا أم أن مصر على موعد دائم مع الانهيار الاقتصادي، والأحلك من هذا وذاك، تصريح وزير المالية بأن عجز الموازنة لن يتجاوز 144 مليار جنيه ، ما الذي يقصده ب ( لن يتجاوز)؟ أوبعد هذا الرقم هناك عجز ذو رقم أعلى ولذلك يطمئننا الوزير؟ ليست إذن مشكلة وطننا مع البلكيمي وأنفه، ولا مع الضابط المتهم بالتحريض على اقتحام البرلمان، بل مشكلتنا الحقيقية الازدواجية في كل الأمور، وتوثيقا للتطهير الذي يريدون هاجموا وزير الداخلية بضراوة يحسدون عليها، لدرجة أشفقنا فيها على الرجل، ثم فوجئنا بمشهد سينمائي أحلى بكثيرمن مشاهد زمن الفن الجميل! فقد كانوا يتسابقون للتصوير معه!! هل من تعليق؟ [email protected] المزيد من مقالات أيمن عثمان