السعادة هى الشعور بالاسترخاء والرضا والقناعة وحب الناس والتفاؤل.. إلخ، والأهم من ذلك كله هو الايمان بالقدر خيره وشره والذى هو من عند الله الواحد الذى خلقك فسواك فعدلك فى أى صورة ما شاء ركبك.. والسعادة بين يديك تتحقق إذا أرجعت وفوضت كل عمل أو تحرك فى حياتك إلى الله عزوجل بمعنى ان تكون فى تواصل مطلق مع الله تبغى مرضاته وتتطلع إلى لقائه ويكون مشوار حياتك فى معية الله فكل عمل تقوم به من صنع الله واليه يعود «قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين» «يا أيها الانسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه». هذه هى فلسفة الإيمان الحق حيث التواصل المطلق بخالقك وخالق الكون والوجود، وأنك خلقت لكى تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك وهو عز وجل يهدى من يشاء ويغفر الذنوب جميعا إلا الشرك به، وهو سبحانه الرحمن الرحيم الذى وسع برحمته كل شيء، وعليك أن تؤمن إيمان اليقين المطلق بأن سعيك فى حياتك الدنيوية سوف يرى وأنه موصول بحياتك فى الدار الآخره، وما الموت إلا محطة انتقال فى رحلة الوجود الأبدية مع تحول فى التكوين المادى لكيانك إلى شكل آخر أرفع وأطهر وأسمى عندما تصعد الروح إلى بارئها بعد الوفاة، وأنت فى حياتك الدنيوية لك حرية الحركة لكى تسعد نفسك وتحافظ عليها.. «وكل انسان ألزمناه طائره فى عنقه» ويقول المثل الشعبى «عقلك فى راسك تعرف خلاصك» ولقد جعل الله سبحانه عاطفة الحب الفطرية تملأ قلبك وهى عاطفة دائمة ومطلقة وموصولة بالله فى صورة حب الكون والوجود ولكل مخلوقاته من بشر وشجر وحجر فكيف يكون الحب بيننا نحن البشر والدماء تسيل والخراب يعم والظلم يسود فى انحاء المعمورة وكيف يكون وقد غابت عنا مشاعر الرحمة والتراحم والمودة والتلاحم الانسانى واستشرت فى نفوسنا كل ألوان وصفات القبح والتوحش والأنانية والعدوانية، وقد سلكنا طريق العداوة والبغضاء وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق، وطوعنا ديننا الحنيف للعدوان وخراب الأرض بدلا من إعمارها وقتل النفس بدلا من إحيائها؟.. وكل ذلك بغطاء من الباطل والبهتان ودعاوى التدين الزائف وبمبررات عقائدية زائفة ليست من شرائع السماء والدين منها براء. وبعد أن كنا نتراحم بالحب والمودة ونتبادل المشاعر الرقيقة الطيبة ونتهادى بالورود فى المناسبات والأعياد الجميلة، وكان اللون الأحمر رمزا لهذه الأحاسيس المرهفة، تحول هذا اللون رمزا إلى الدماء التى تسيل كل يوم وقد تعودنا عليها ولم تصبح مشاهدته تحرك ساكنا حيث تبلدت المشاعر وماتت الاحاسيس وتحجرت القلوب التى فى الصدور والكلمة الحالكة حجبت عنا رؤية مستقبل مشرق واستشرت حالة الكآبة على نفوسنا ولم نعد نسمع سوى الصراخ والعويل على هؤلاء الشهداء الذين سقطوا وضحوا بحياتهم فداء للوطن والسؤال «متى الخلاص» فلا يسعنا إلا أن نلجأ إلى الله «ياحى ياقيوم برحمتك نستغيث». د. يسرى عبدالمحسن أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة