إعادة استخدام مياه الصرف الصحى أو الصناعى يحتاج لمعالجة دقيقة لتحويله إلى عناصر فعالة غير مضرة بالبيئة، وفى هذا الإطار أجرى مركز العلوم لتحديد ومعالجة المخاطر البيئية بجامعة الأزهر دراسات عدة على يد باحثين متخصصين بالمركز للاستفادة المثلى من مياه الصرف، باستخدام أساليب مختلفة كتكنولوجيا الحفز الضوئي، وتكنولوجيا النانو. يقول الدكتور مصطفى عمارة رئيس المركز إن مياه الصرف الصحى والصناعى ما هى إلا خليط بيئى قادم من المنازل والمصانع دخلت عليه مركبات أخرى سامة وخطيرة، وهى بمثابة مغذيات للبكتريا لذلك ركزت الأبحاث فى المركز على تحديد مواطن الخطورة فى ذلك المكون المائى والطرق المستهدفة من تلك التركيزات المضرة، بالإضافة إلى الأبحاث التى تجرى للإسهام فى حل مشكلة المياه الجوفية سواء كانت ذات ملوحة عالية أو متوسطة. فقد أجرى مصطفى أحمد على الباحث بالمركز دراسة لمعالجة مياه الصرف الصناعى الملوثة بالمواد الكيميائية الخطيرة باستخدام تكنولوجيا الحفز الضوئي، وهى تقنية تستخدم عوامل حافزة نانومترية حساسة للضوء (مثل أوكسيد الزنك) وتلك العوامل الحافزة محضرة معمليا للمياه الملوثة، فعند تعرض المياه مع العامل الحفاز للأشعة فوق البنفسجية يمتص العامل الحفاز الطاقة الضوئية ليبدأ سلسلة من التفاعلات الكيميائية، وتتحلل المركبات الكيميائية الملوثة، وتصبح عناصر أقل ضررا أو عديمة الضرر.وفى الدراسة تم أيضا تطوير هذا العامل الحفاز لكى يستجيب إلى ضوء الشمس بحيث يمكن إجراء هذه المعالجة لمياه الصرف الصناعي، اعتمادا على طاقة متجددة لكى تقل تكاليف المعالجة، وبالتالى تصبح ممكنة ويسيرة للمصانع والشركات. ولرفع كفاءة المياه الناتجة من بعض محطات معالجة مياه الصرف الصحى والصناعى أجرى الدكتور أحمد محمد عبد الرازق الباحث بالمركز دراسة شملت خمس محطات صرف صحى فى محافظات الوجه البحرى لمتابعة المياه الناتجة عن تلك المحطات لمدة عامين والواردة لها من الصرف الصناعي. واستخدم الباحث طريقة الفينتون، وهى طريقة تضم خليطا من المركبات الكيميائية إذ إنها معالجة بيولوجية لإزالة النيتروجين والفوسفور لتحسين خواص المياه خاصة مياه الصرف الصناعى لمصانع السجاد والنسيج، إذ تبين أن عدم إزالة النيتروجين والفسفور من مياه الصرف يزيد من المشكلات البيئية خاصة عند إلقائها فى المصارف مما يساعد على نمو النباتات والحشائش والفطريات بغزارة، ويقل الأوكسجين الذائب فى المياه، وتموت الثروة السمكية، ومع نقص الأوكسجين تتحول المياه إلى حالة لا هوائية، وبالتالى تكون بيئة خصبة لانتشار البكتريا، والفيروسات. ويضيف أحمد عبد الرازق أن نظام المراحل الأربع مع الاسترجاع مرتين لمعالجة المياه يسهم فى زيادة كفاءة المعالجة إلى نحو 99% مع ضرورة صيانة أحواض المزج بالكلور لعدم وجود الرواسب التى تقلل كفاءة عملية التعقيم . تحلية بالأغشية وفى سياق متصل، أقام الدكتور محمد السيد عبد الفتاح الباحث بالمركز دراسة لتحلية المياه الجوفية بمنطقتى القصير وسفاجا بالصحراء الشرقية من خلال تحضير مادة فعالة من أغشية «بولمرية» مكونة من طبقتين لكى تكون بمثابة طبقة حاملة مع توفير الخواص الميكانيكية لها لتتحمل الضغوط العالية عند إجراء عملية التحلية لرفع كفاءتها فى نسبة احتجاز الأملاح، وكمية المياه المحلاة، إذ وُجدت المياه الجوفية فى خمسة خزانات هى: الخقب الرباعى والحجر الرملى الأوسط والحجر الرملى والحجر الجيرى الكرياتى وصخور القاعدة المتشققة. وقد اختيرت العينات لتحليل الطبقات الصخرية الحاملة للمياه، وقياس عمق المياه، وتبين أن 53% من المياه الجوفية بمنطقتى القصير وسفاجا شديدة الملوحة، و42% متوسطة الملوحة، و5% مياه عذبة موجودة فى عين واحدة بمنطقة وادى سمنة. كما تبين أن تكوينات العينات المالحة هى كلوريد الصوديوم مما يعكس تأثير عمليتى الغسيل والإذابة للأملاح البحرية، وأن المياه الجوفية بالمنطقة كلها مياه أمطار متأثرة بالأملاح البحرية. وقد أوصى الباحث فى الدراسة بتركيب محطات تحلية تعمل باستخدام أغشية الضغط الأسموزى المنعكس، خاصة فى المناطق التى تُوجد بها مياه متوسطة الملوحة للآبار العميقة؛ لأنها أقل تكلفة من تحلية المياه عالية الملوحة أو مياه البحر المالحة .