لم تكن ثورة 25 يناير، إلا تصحيحا لمسار حياة سياسية أفسدها عدد من السياسيين بالبلاد، وكان على رأسهم القيادى السابق بالحزب الوطنى المنحل أحمد عز وأمين التنظيم، والذى كان يدير العملية السياسية والانتخابية من خلال لجنة السياسات بقيادة جمال مبارك، وتلاحقه تهم فساد سياسى كبيرة. ومنذ عدة أيام قررت اللجنة العليا للانتخابات فتح باب الترشح للسباق البرلماني، وكانت المفاجأة المدوية ترشح عز فى دائرته السادات بالمنوفية، وهو ما أثار علامات من الاستفهام والاستنكار، وأمس كان قرار الاستبعاد له، وتضاربت الأقوال حول ذلك منها عدم تقديمه إقرار الذمة المالية، ولكن أيا كانت الأسباب، فإن القرار أراح صدور وقلوب المصريين، ولكن هل سيظل قرار استبعاده قائما، أم سيتم الطعن عليه وقبوله بالبرلمان القادم. فمن جانبه أكد الدكتور أيمن عبد الوهاب الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية أن أحمد عز من دون شك دمر الحياة السياسية فى مصر، وكان «مايسترو» الانتخابات البرلمانية السابقة فى 2010 والتى أدت إلى اندلاع ثورة 25 يناير 2011، وقد كان قرار استبعاده من المشهد السياسى بعد الثورة من قبل الرئيس الأسبق حسنى مبارك واستبعده من أمانة التنظيم ولجنة السياسات والتى كان يقودها جمال مبارك، فالاستبعاد بدأ على يد مبارك، حيث كان عز المسئول الأول عن ملف الانتخابات، وقد أدين عز بعد ذلك فى عدة قضايا وهو الآن يحاكم عليها، حتى ولم يصدر حكم نهائى فيها. وأضاف أن خطوة تقدم المسئول السابق عن تنظيم الحزب الوطنى المنحل خطوة كانت جريئة، وأثارت الكثير من ردود الأفعال فى جميع الأوساط السياسية، وهنا كان يجب على اللجنة العليا أن تحدد بعض الضوابط فى تقدم المرشحين، إلا أنه قامت بعض الطعون على استبعاد عز من الانتخابات، وهذا كان سيفصل فيها خلال الأيام الماضية، وأعتقد أن استبعاد عز من الانتخابات سيريح الكثير من الناس، رغم أنه كان متوقعا له النجاح فى دائرته بسبب الخدمات التى يقدمها، فعملية الانتخابات فى مصر تدار بشكل مختلف عن بقية دول العالم، فالخدمات والمصالح هما الفاصلتان فى نجاح مرشح من عدمه. فى المقابل يرى المستشار رفعت السيد رئيس محكمة الجنايات سابقا إن مسألة ترشح عز بالانتخابات البرلمانية واستبعاده الآن من قبل اللجنة العليا، ليس تبعا لقانون العزل، لكون إفساد الحياة السياسية هى تهمة سياسية وليست جنائية، لأنه ليس فى القانون الجنائى مسألة إفساد الحياة السياسية، فأى ثورة من الثورات تجب ما سبق من نظام حكم فاسد، ويتم تغيير أى نظام سياسى فى البلاد من خلال الثورة، وبالتالى يتم استبعاد أى قيادة سياسية من النظام الحاكم ، لكن مسألة ترشح قيادة سابقة فى هذا النظام فهو حق لكل مواطن كفله الدستور، ما لم يكن مدانا فى أى قضية جنائية، فالمتهم بريء حتى تصدر إدانته، وعز لم يصدر فى حقه أى حكم جنائى «بات» يمنعه من الترشح، وهذا ينطبق على أى مواطن تقدم للترشح فى الانتخابات البرلمانية، فإذا صدر حكم يمنع فورا من الترشح ويستبعد. وتساءل إذا كان قرار المنع من الترشح كما قيل بسبب عدم تقديمه إقرار الذمة المالية، فهل كل المتقدمين للانتخابات تقدموا بهذا الإقرار؟ لذا والكلام مازال على لسان رئيس محكمة الجنايات فإن عز سيتقدم بطعن على هذا القرار إلى مجلس الدولة، ويتم الفصل فيه خلال 5 أيام فقط، ويكون الحكم نهائيا وواجب النفاذ، إما بقبول عز فى الانتخابات أو استبعاده تماما. فيما أتت ردود الفعل حول استبعاد عز من سباق الانتخابات مرحبة تمامًا وأكدت القوى السياسية أن هذا القرار كان لابد منه، وأن يكون فى صيغة قانونية حتى لا يلجأ المرشح للطعن أمام القضاء الإداري. وأكد محمد سامى رئيس حزب الكرامة أن حالة مثل حالة عز تمثل أكثر الحالات استفزازا لمن يتبع النظام القديم، وان ترشحه بعد ثورتين اعتبر صدمة للكثيرين وكأن شيئا لم يحدث فى مصر. وقال سامى رغم ترشح عز وغيره من فلول نظام مبارك فإن العملية الانتخابية كان ينبغى لها أن تتم ولكن بعد استبعاد عز، توقع سامى أن المجلس القادم لن يكون بالسوء الذى يتوقعه البعض والمصلحة العليا للبلاد لها الأولوية القصوى بعيدا عن الحسابات الحزبية أو الشخصية. وأنه استقبل خبر استبعاد عز بشيء من التفاؤل وان الضمير الوطني موجود خاصة وان حالة عز حالة مستفزة للجميع. فيما قال الدكتور فريد زهران نائب رئيس حزب المصرى الديمقراطى ان استبعاد احمد عز حتى وإن كان شيئا جيدا تماما لكنه لابد أن يستند إلى أسباب قانونية وجيهة،وإلا سيؤدى بالعملية الانتخابية لعوار دستوري. إذ بإمكانه الطعن أمام القضاء الإدارى لو لم تكن الأسباب الخاصة باستبعاده منطقية ومن الواضح أن كثيرين من المحسوبين على الدولة القديمة و الحزب الوطنى لم يتخذ معهم نفس القرار والحل ليس فى الاستبعاد القسرى بل سيكون سياسيًا وبالتأكيد أن الدولة لا تحرص على مشاركة الفلول فى الانتخابات وعدم وجود هؤلاء سيكون أفضل لسير العملية الانتخابية. كما أكد محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية أن عدم مشاركة عز أو استبعاده من الانتخابات البرلمانية القادمة كان متوقعا وذلك باستجابته طواعية وباختياره نتيجة الغضب الشعبى أو من جانب اللجنة العليا التى ستتخذ قرارها من البداية وهى صاحبة الموقف رغم حقه فى الطعن. وأشار السادات إلى أن عز كان سيختفى من سباق الانتخابات، مؤكدا أن عز شخص ذكى لابد أن ينسحب باختياره أمام رفض الجماهير له.