سنوات طويلة مرت على الشاعر الفنان ابراهيم داود وهو يبحث فى قصيدة تشبهه، تشبهنا، لا غرابة فيها ولا تغريب وكلها مليئة بالدهشة الطفولية المزروعة فى أرض مصر الغارقة فى العجائب والأحزان، والسعادة القادمة من التوضؤ بالندى فى الحقول التى تكافح لكى تظل طازجة خضراء.عاش ابراهيم داود داخل العرائس الذى ظل يعمل على تجهيزها منذ ديوان تفاصيل الصادر 1989 حتى آخر إنجازاته فى الديوان الصغير العذب «أنت فى القاهرة» « دارميريت للنشر، القاهرة 2015».أحيانا يتمنى أن يغفو فى آخر السطرليبدأ جملة مفيدة يستهل بها ما يريد. الشاعر يعيش قصائده هى جزء من صباحه ومسائه. وعلى ايقاع حياتنا الصعبة المرتبكة، يبحث عن روح الشعر وايقاعه فى الصور والمعانى التى نعايشها، ونتصادم معها وأحيانا نحبها. تحس أن شيئا ما بداخلك يرفض أن يعيش معك، فتبحث عن امرأة مضيئة تأخذك خارج المدينة تساعدك على ترميم الأمانى وتزرع أشجارا معك تعوضك عن الأرض التى فقدتها فى السباق. من 2007 حتى الآن لم يكتب شعرا، كان غارقا فى الصحافة والسياسة، أسيرا للهم الذى حط على البلد. يمشى الناس فى رأسه فى زمن عجوز، كنس الخراب الشوارع، وتغير الناس والقطارات واختفت الحدائق، وأحاطت بالمدينة لافتات مضيئة تعلن أن أسوارا جديدة فى الطريق: توقف الغناء فى مدينتى توقف الصراخ توقف الغزل اللصوص والحراس والدعاة يعرفون كل شىء ثم عاش بروحه وجسده وكلماته تجربة الثورة فى التحرير كلهم هنا الذى كان يحلم والذى كان نائما والذى فاتته صلاة الجماعة والذى اكتشف صوته.. فجأة العيون ترى بوضوح هنا واللغة.. لا شحم فيها ولا صوت يعلو فوق صوت الأمل. تابع قلب الشاعر صعود وهبوط الثورة، عاش فى شاعرية أصيلة قلق وغموض السنوات التالية: وظهرت ابتسامات اللصوص على الشاشات من الصعب أن يتذكر، الذين كانوا هناك خطواتهم لأنهم منذ مساء 11 فبراير 2011 ينتظرون. ولأن الله يحب الطيبين: يصف مشهدنا المعاصر: مدينتى خائفة على السكينه/ وتناشد الغربان أن تبتعد/ القتلة يسنون ضغائنهم على الحدود/ وربما فى المقاهى التى يرتادها الغرباء منا/ القتلة يعتقدون أن مدينتى وحيدة/ وأنها ستتردد/ أو ترتبك ساعة الخطر/ لا يفهمون فى البهجة التى يعزفها الرفض/ فى الميادين. سيسقط لاشك/ سيسقطون/ لأن الله يحب الطيبين، لأن الأحزان التى كانت/ مركونة جنب النهر/ ظهرت لها أسنان/ مدينتى قادرة على القنص/ تعرف شوارعها متى يبدأ الرقص/ ومتى تطيب الجروح/ مساجدها تحرس الطيبة/ فى الأزقة. لم أقل شيئا من عندى. لقد قال ابراهيم داود فى ديوانه الصغير: أنت فى القاهرة. قال كل شىء فى شاعرية وبساطة جميلة. لمزيد من مقالات علاء الديب