إدارة اقتصادية جديدة    طلب إحاطة بشأن رفع بعض المدارس الخاصة للمصروفات بنسبة 100%    البنك المركزي الأوروبي يقرر خفض سعر الفائدة 0.25%    التحالف الوطنى للعمل الأهلى ينظم احتفالية لتكريم ذوى الهمم بالأقصر    البنك المركزى: 113.6 تريليون جنيه قيمة التسويات اللحظية بالبنوك خلال 5 أشهر    تراجع مبيعات التجزئة الإيطالية بنسبة 0.1% خلال أبريل الماضي    مصدر رفيع المستوى: حماس سترد على مقترح الهدنة خلال أيام، وتلقينا إشارات إيجابية    النمسا: إنقاذ 40 مواطنا بعد انحراف قطار عن مساره وخروجه عن القضبان    تصفيات كأس العالم، بوركينا فاسو لم يعرف طعم الفوز على منتخب مصر    محافظ أسوان يكرم أبطال نادي ذوي الاحتياجات الخاصة لحصدهم العديد من الميداليات الذهبية    تعليمات عاجلة من تعليم القاهرة لرؤساء مراكز توزيع أسئلة امتحانات الثانوية العامة    تجديد حبس طالب 15 يوما بتهمة قتل عاطل بسبب هاتف محمول فى المرج    تعذر رؤية الهلال.. مركز الفلك يعلن أول أيام الأضحى 2024    التحقيق مع عاطل هتك عرض طفل في الهرم    قبيل عرض الثالث.. تركي آل الشيخ يلمح لجزء رابع من فيلم ولاد رزق، ما القصة؟    أفضل دعاء يوم عرفة.. ردده لغفران ذنوبك وعتق رقبتك من النار    كم عدد أيام الذبح في عيد الأضحى؟.. اعرف التوقيت الأفضل    تفاصيل مناسك يوم التروية والمبيت في مني    للمساعدة في أداء المناسك.. نصائح هامة للحجاج لتناول وجبة غذائية صحية متكاملة    فحص 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار في المنيا    عضو بالبرلمان.. من هو وزير الزراعة في تشكيل الحكومة الجديد؟    نجم الإسماعيلي: الأهلي هياخد الدوري وشجعته في نهائي أفريقيا    القليوبية تحصد المراكز الأولى فى لعبة الكاراتية على مستوى الجمهورية    حسام البدري: تعرضت للظلم في المنتخب.. ولاعبو الأهلي في حاجة إلى التأهيل    رئيس الوفد فى ذكرى دخول العائلة المقدسة: مصر مهبط الديانات    تخريج 6 دفعات من معهد المحاماة ومشروع تدريبي لنقابة المحامين للعدالة الإلكترونية بالوادي الجديد    تراجع أسعار الفول والزيت والدواجن واللحوم اليوم الخميس (موقع رسمي)    أول ظهور لوزيرة الثقافة بعد وفاة والدتها في افتتاح معرض "بديع صنع الله"    انخفاض 10 درجات مئوية.. الأرصاد تكشف موعد انكسار الموجة الحارة    تباين أداء مؤشرات البورصة بعد مرور ساعة من بدء التداولات    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الجمعة 7-6-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    ليلة في حب سيدة المسرح العربي.. تفاصيل تكريم سميحة أيوب بدار الأوبرا    الخشت يعلن أسماء الفائزين في مسابقة وقف الفنجري    قبل ساعات من زفافهما.. 3 أعمال جمعت جميلة عوض وزوجها أحمد حافظ    تركي آل الشيخ: أتمنى جزء رابع من "ولاد رزق" ومستعدين لدعمه بشكل أكبر    في احتفالات اليوم العالمي للبيئة.. لقاءات متنوعة لقصور الثقافة بالسويس    الأحد.. دار الأوبرا تنظم حفلا ضمن سلسلة كلثوميات لفرقة عبد الحليم نويرة    وزير الري: تراجع نصيب الفرد من المياه إلى 500 متر مكعب (تفاصيل)    مقابل وديعة دولاية.. مبادرة لتسهيل دخول الطلاب المصريين بالخارج الجامعات المصرية    إسبانيا تبدي رغبتها في الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    أبوالغيط يتسلم أوراق اعتماد مندوب الصومال الجديد لدى جامعة الدول العربية    رئيس جامعة المنوفية يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    كيفية تنظيف مكيف الهواء في المنزل لضمان أداء فعّال وصحة أفضل    لحجاج بيت الله.. نصائح مهمة للحصول على وجبة غذائية صحية    أمين الفتوى: لابد من أداء هذه الصلاة مرة واحدة كل شهر    قبل عيد الأضحى.. ضبط أطنان من الدواجن واللحوم والأسماك مجهولة المصدر بالقاهرة    "تخيلت نفسي على دكة الزمالك".. البدري يكشف لأول مرة ما فعله مع أمير مرتضى ورد صادم    بوريل يستدعي وزير خارجية إسرائيل بعد طلب دول أوروبية فرض عقوبات    جواب نهائي مع أشطر.. مراجعة شاملة لمادة الجيولوجيا للثانوية العامة الجزء الثاني    وزيرة الثقافة تشهد الاحتفال باليوم العالمي للبيئة في قصر الأمير طاز    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    رئيس شؤون التعليم يتفقد لجان امتحانات الثانوية الأزهرية بالأقصر    إصابات في قصف مسيرة إسرائيلية دراجة نارية بجنوب لبنان    هشام عبد الرسول: أتمنى تواجد منتخب مصر في مونديال 2026    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المحافظ جاى 000!!؟    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    وزير الخارجية القبرصي: هناك تنسيق كبير بين مصر وقبرص بشأن الأزمة في غزة    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأبعاد السياسية- الأمنية: توسيع خيارات إقليمية ودولية

تشكل مظاهر تنامى العلاقات المصرية الروسية على مختلف الأصعدة أهمية حيوية بالنسبة للجانبين معا، ذلك أن ما يشهده إقليم الشرق الأوسط من تطورات مختلفة باتت تجعل من فاعل دولى كروسيا حاضرا فى التفاعلات الخاصة بالمنطقة وكأنه لاعب إقليمى، بما يدفع مصر فى إطار إعادة صوغ نمط مصالحها الخارجية أن تعمل على إنهاء حالة الصعود والهبوط (السياسات الموسمية) التى وسمت العلاقات المشتركة على مدى عقود خالية.
وذلك عبر اتباع سياسات متزنة تقوم على تعزيز المصالح لا تدشين المحاور، وهى وإن تقوم بذلك فثمة عوامل محفزة على تحقيق الغايات المتبادلة للطرفين والمرتبطة بالسعى المشترك لتعزيز الأدوار الخارجية ومواجهة التحديات المركبة وتعظيم المنافع المشتركة، تطبيقاً لإستراتيجية Win to Win.
أبرز العوامل المحفزة على ذلك قد ترتبط بالمشكلات التى تجابهها الدولتين على الصعيد الاقتصادى والأمني، والرغبة فى بناء النفوذ وتعظيمه فى محيط مجاور يتسم بالتوتر إن لم يكن بالصراع، وذلك فى ظل ضغوط دولية متنوعة الأدوات ومتصاعدة الحدة لإعادة تكيف سياسات الدولتين. وعلى الرغم من أن بعض ملامح الحرب الباردة باتت تعود تدريجياً إلى الإقليم، فإن الرغبة المشتركة المعلنة تتعلق بالحاجة لتوسيع هامش المناورة، وإنهاء فكرة العلاقات «الباردة» فى السلم و»الساخنة» فى وقت الحرب، والتأكيد على أن خيارات تعميق التعاون لا ترتبط بفكرة «التقارب الاحتجاجى» الموجه للقوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، والتى إن ارتبطت علاقاتها مع الدولتين بمصالح متعددة، فإن هذا لا ينفى وجود مظاهر لتوترات متصاعدة.
التوجه شرقا
إن سياسات مصر الخارجية والخاصة بالتوجه شرقا ومراكمة الشركاء وبناء الجسور مع الحلفاء القدامى، وتعظيم العلاقات مع القوى الصاعدة دوليا، خصوصاً فى القارة الآسيوية، إنما يأتى انطلاقا من إتباع إستراتيجية Maximum Cooperation، والرغبة فى تخطى عقبات البعد الحغرافى فى مواجهة التحديات الإقليمية وبعض الضغوط التى تمارس من قبل بعض القوى الدولية، بما يضمن تعظيم استقلالية القرارات السياسية، ولا سيما أن الدولتين تحظيان بطموح قيادى مشابه يعزز الرغبة فى توثيق العلاقات الثنائية وذلك فى إطار إعادة صوغ الأدوار الخارجية، وبناء القدرات الوطنية على الصعيد السياسى والاقتصادى والعسكرى.
يفسر ذلك زيارة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إلى القاهرة، فى وقت تشتد فيه التوترات متزايدة الحدة فى منطقة شرق أوروبا بسبب الأزمة الأوكرانية، ومن قبلها زيارتى الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى موسكو، حيث جاءت الأولى (حينما كان وزيرا للدفاع) قبيل بدء الانتخابات الرئاسية، وشهدت دعم الرئيس الروسى لضيفه المصرى لخوض تلك الانتخابات، فى لافتة أوحت بالمراهنة الروسية على المتغير القيادى لإحداث نقلة نوعية فى نمط العلاقات المشتركة، وهو ما أوضحته خطوة منح القائد المصرى أرفع وسام عسكرى روسى، وكذلك الزيارة الثانية، والتى شكلت بدورها الزيارة الدولية الأولى للرئيس المصرى خارج إطار المنطقة العربية، واستقبلته خلالها المقاتلات الحربية بمجرد دخوله الأجواء الجوية الروسية فى رسالة رمزية أخرى عكست طبيعة النقلة النوعية المنتظرة من قبل الجانبين، كما أنها حددت نطاقها.
التعاون العسكرى
سبق ذلك وتزامن معه رسائل رمزية عديدة، منها وصول الطراد الصاروخى الروسى «فارياج» إلى ميناء الإسكندرية فى أول زيارة لسفينة حربية روسية إلى الميناء منذ عام 1992، وقيام القيادة الروسية بإقامة معرض لبعض المنتجات العسكرية فى مطار مدينة سوتشى فى مستهل زيارة الرئيس المصرى لروسيا، وهو الأمر الذى أعطى انطباعا بانفتاح روسى كامل لدعم القدرات العسكرية المصرية، بما مهد الطريق لعقد صفقة اعتبرتها تقديرات أمنية الأكبر بين الدولتين منذ 41 عاما قدرت بما يتراوح بين مليارين وأربعة مليارات دولار وشملت طائرات ميج 29 ومنظومة الدفاع الجوى S -300.
وقد تمثلت أهمية هذه الصفقة ليس وحسب فى شقها العسكرى والمتعلق بالحصول على منظومة أسلحة متطورة، جسدت القدرة على اقتناص الفرصة لتحديث منظومة الدفاع الجوى، التى تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا الروسية، وإنما أيضا فى إثبات القدرة على الفعل السياسى فى مواجهة التحديات التى يفرضها تجميد الولايات المتحدة الأمريكية لبعض الصفقات والمساعدات السنوية، سواء فى شقها الاقتصادى أو العسكرى، بما يثبت قدرة الحفاظ على الكفاءة القتالية ومجابهة التحديات الأمنية التى باتت تجابهها الدولة المصرية إن على الساحة المحلية أو الإقليمية.
ويبدو أن هذه المعطيات إلى جانب محركات أساسية أخرى ساهمت فى التوجه المصرى حيال طرح بدائل أخرى كانت روسيا عنوانها فيما يخص الجانب العسكرى، أولها تمثل فى وجود معاهدة شراكة استراتيجية للتعاون العسكرى والتقنى، بين مصر وروسيا تم توقيعها فى عام 2009، وثانيها، أن الصفقات العسكرية بين البلدين لم تتوقف خلال السنوات الماضية، خصوصاً بعد اتباع مصر إستراتيجية «التطبيع العسكرى المتدرج» مع روسيا منذ منتصف تسعينيات القرن الخالى، بما جعلها تحتل المرتبة الثانية بين شركاء مصر فى مجال التعاون العسكرى. ثالثها، استمرار العمل بنحو 30 فى المائة من الأسلحة الروسية فى القوات المسلحة المصرية، والبعض منها بات بحاجة للتحديث. رابعها، الرغبة المصرية فى التوسع فى مجال التصنيع والتصدير للمعدات العسكرية، على أن يشمل التعاون نقل الخبرات التكنولوجية وتدريب الكوادر المصرية. خامسها، القدرة على تعظيم المكاسب عبر الاستفادة من الانخفاض النسبى لتكلفة الأسلحة الروسية بالمقارنة بمثيلتها الغربية فى المواصفات بما يتراوح ما بين 40 إلى 50 فى المائة.
البرنامج النووى
إن النظرة الايجابية المتبادلة الدافعة لتوثيق الروابط المشتركة، دفع ب «اقتناص» الفرصة لدعم العلاقات فى مختلف المناحى، ولا سيما فى مجال القدرات النووية، التى تبغى مصر امتلاك الصبغة المدنية منها لتنويع مصادر الطاقة عبر توثيق العلاقات مع روسيا، وهو ما يفسر ضم الوفد الروسى المرافق للرئيس بوتين مجموعة من المتخصصين من وكالة الطاقة النووية الروسية «روس أتوم».
ووفق أحد التقديرات فمن المرجح أن تسند عملية البناء بالأمر المباشر لموسكو توخيا لسرعة الإنجاز فى ظل الحاجة المصرية المتفاقمة للطاقة، وبالنظر إلى التكلفة التنافسية للمشروعات الروسية، والميزة النسبية لموافقة القيادة الروسية على المشاركة المصرية بالتصنيع التدريجى للمفاعلات، بل ومشاركة أحد العلماء المصريين فى تصميم المفاعلات، هذا فضلا عن عدم الممانعة على نقل بعض أوجه التكنولوجيا النووية، وتدريب الكوادر المصرية، وهو الأمر الذى لا يتوافر مع أطراف دولية أخرى، تتقن وضع العديد من القيود، ولا تقدم من الخبرات إلا ما يختص بتشغيل المفاعلات.
هذا إضافة إلى سابقة نجاح الروس فى صفقات مشابهة مع عدد من الدول كالصين، والهند، وفيتنام، وتركيا. وقد جاء إنشاء الأخيرة لأول مفاعل نووى فى إطار صفقة مع روسيا تضمنت موضوعات تجارية شتى، وتبادلات لسلع بعينها، فيما يشبه «نظام المقايضة»، وهو ما يخرج بناء المفاعل النووى من قيود العروض التقليدية، فى ظل الاستعداد الروسى لتسهيل التوصل إلى صفقات، بما فى ذلك توفير الدعم المالى، إذا اقتضى الأمر. ويأتى ذلك مدعوما وعلى جانب مواز بالرغبة المصرية والاستعداد الروسى لدعم عملية بناء القدرات المصرية فى مجال المسح الفضائى للمناطق الحدودية بالأقمار الصناعية، بما يدعم قدرات مصر الأمنية.
مكافحة الإرهاب
يتأسس ذلك على أن التعاون الأمنى فى مجال مكافحة الإرهاب يحظى بأولوية نسبية لدى الجانبين فى ظل ما تشهده الساحة المحلية المصرية والساحتين الإقليمية والدولية من تزايد وتيرة العمليات الإرهابية وتصاعد نوعيتها لتعكس تنامى قدرات الجماعات المتطرفة، بما يدفع بالعمل المشترك على دعم الجانب المصرى بمعدات متطورة للمراقبة والرصد والتنصت والرؤية الليلية وغيرها من المعدات اللازمة لمكافحة الإرهاب وحماية الحدود، وثمة توجهات للعمل على أن يشهد العام الحالى تدريبات أمنية مشتركة تتعلق بالطرق والأساليب الحديثة لمواجهة المجموعات الإرهابية والإجرامية العابرة للحدود، وذلك فى محاولة للاستفادة من الخبرات الروسية التى تراكمت فى هذا المجال على مدى سنوات خلت.
الرؤية حيال سوريا
وعلى جانب آخر، فإن توثيق العلاقات الأمنية والسياسية والعسكرية مع موسكو لا يضمن وحسب دعم روسيا ودول الاتحاد الأوراسى لنيل مصر لمقعد غير دائم فى مجلس الأمن (2016-2017)، وإنما توسيع الخيارات الإقليمية أمام مصر، فروسيا التى تحولت بفعل ارتباطها بملفات الأمن الإقليمى لتغدو أحد الفاعلين الأساسيين فيما يخص قضايا الأمن الإقليمى، قد يشكل تعميق الروابط والصلات معها إتاحة هامش مناورة أكبر فى مواجهة التحديات التى يفرضها بعض الفاعلين الإقليمين كتركيا، خصوصاً فى ظل تباين وجهات النظر بين البلدين حيال العديد من القضايا، وعلى رأسها القضية السورية، حيث تتوجس روسيا من نمط المواقف التركية الداعمة لتيارات العنف السياسى.
وفى المقابل من ذلك، فيبدو أن ثمة توافق مصرى- روسى على منهجية الحل المفترض للتعاطى مع الأزمة السورية، انعكس مؤخرا فى انعقاد لقاءين تشاوريين للمعارضة السورية فى مصر وروسيا، وذلك بدعوى من مجلسين كل منهما يرتبط بوزارتى الخارجية فى الدولتين، حيث المجلس المصرى للشئون الخارجية، ومعهد الاستشراق الروسى، وهو الأمر الذى أوضحه البيان الختامى للقاءين، حيث بدأ أنهما متشابهين، لجهة الدعوة إلى عقد مؤتمر موسع للمعارضة السورية.
وعلى الرغم من أن الهدف من ذلك حلحلة القضية السورية وطرح تصورات مغايرة لإنهاء الصراع المسلح عبر حلول سياسية، تدفع بعدم استئثار قوى إقليمية بعينها بتوجيه المعارضة السورية، بيد أن ثمة اختلافات بدت ملحوظة فى تكتيكات الجانبين، على الأقل فى شقها المعلن، حيال طبيعة إدارة العلاقات مع المعارضة السورية ونمط «المعارضة» المراد تشكيله من جراء استراتيجيات مد الجسور المتبعة حيال تيارات وقوى المعارضة السورية.
ومن هنا تبرز أهمية زيارة الرئيس بوتين للقاهرة، كونها قد تساهم فى توحيد التكتيكات اللازمة لتعميق التعاون المشترك سواء على الساحة المحلية أو الإقليمية أو الدولية، بما من شأنه تعزيز مصالح الجانبين، والتى ستظل مرتبطة بدورها بالقدرة الروسية على الاستجابة لكافة الاحتياجات المصرية خصوصاً فى شقها العسكرى دون تردد أو تلكؤ خشية من تكرار سيناريوهات الماضى والتحول إلى محض ورقة ضغط فى مواجهة قوى دولية أخرى.
ويبدو أن روسيا ستعمل على ذلك فى ظل الرغبة لدعم قدرات مصر المختلفة والتعاون معها استخباراتيا للحيلولة دون انتقال تيارات العنف والإرهاب إلى شمال القوقاز وغيره من الأقاليم المسلمة فى روسيا، فضلا عن الحاجة إلى تمتع قطعها البحرية بمزايا نسبية فى الموانئ المصرية (خصوصا الإسكندرية ومرسى مطروح)، هذا إضافة إلى النظر إلى مصر كأهمية حيوية لضمان الأمن الغذائى فى ظل ما تعانيه من عقوبات غربية.
موازنة نفوذ
يتتوازى ذلك مع رغبة روسيا فى موازنة الاهتمام الصينى بدعم قدرات مصر اقتصاديا، عبر منح مصر مزايا نسبية فيما يخص صفقات السلاح وتدشين مشروعات مشتركة وعرض تقنيات زراعية ومعدات مصانع ومحطات كهرباء، والمساهمة فى مشروعات قومية لتغدو رمزا للصداقة المشتركة (على شاكلة خزان أسوان). ويبرز فى هذا السياق أهمية إدراك امتدادات ذلك على نمط العلاقات المصرية الخارجية مع بعض القوى الدولية الأخرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، فالتوجه غربا ليس كالتوجه شرقا (اقتصاديا نحو الصين وعسكريا نحو روسيا) من حيث التكلفة، ولكن العائد فى الحالتين وفى ظل الأوضاع الدولية السائدة سيرتبط بمهارة القدرة على التحرك فى الاتجاهين معا (شرقا وغربا) وبنفس الحيوية والثقة، وقد لا يكون ذلك هينا، ليس قياسا على القدرات المصرية، وإنما ارتباطا بالحساسيات الدولية، وهو ما يجب أن يعمل على مداواته صانع القرار المصرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.