عيار 21 يسجل الآن رقمًا جديدًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم السبت بعد الارتفاع بالصاغة    متحدث الوزراء: هناك تخفيف لأحمال الكهرباء في العاصمة الإدارية مثل المحافظات    حزب الله يستهدف 6 مواقع لجيش الاحتلال في القطاعين الشرقي والغربي من جنوب لبنان    محمد بركات: أثق في قدرات الأهلي أمام مازيمبي اليوم    إياد نصار عن سبب ابتعاده عن السينما: الكوميديا السهلة لا تناسبني.. ولا أقدم عملا تافها    فودة وجمعة يهنئان أسقف جنوب سيناء بسلامة الوصول بعد رحلة علاج بالخارج    تمهيد الاجتياح وتغطية امريكية.. الاحتلال يكثف قصف رفح بعد مجازر النصيرات في اليوم 196    بعد سنوات من الغياب.. «مراكز متقدمة للجامعات المصرية فى «الآداب والعلوم الإنسانية»    الوداع الحزين.. ليفربول خارج الدورى الأوروبى    شعبة المخابز: مقترح بيع الخبز بالكيلو يحل أزمة نقص الوزن    الإفتاء: التجار الذين يحتكرون السلع و يبيعونها بأكثر من سعرها آثمون شرعًا    بيان عاجل من الجيش الأمريكي بشأن قصف قاعدة عسكرية في العراق    طريقة عمل تارت الجيلي للشيف نجلاء الشرشابي    ميدو يكشف احتياجات الزمالك في الميركاتو الصيفي    سفيرة البحرين بالقاهرة: زيارة الملك حمد لمصر تأكيد على التكامل الإستراتيجي ووحدة الصف بين البلدين    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    الوزيرة فايزة أبوالنجا    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار البيض بالأسواق اليوم السبت 20 أبريل 2024    داعية إسلامي: خدمة الزوج والأولاد ليست واجبة على الزوجة    وزير الخارجية الإيراني: سنرد على الفور إذا تصرفت إسرائيل ضد مصالحنا    بجوائز 2 مليون جنيه.. إطلاق مسابقة " الخطيب المفوه " للشباب والنشء    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي    3 إعفاءات للأشخاص ذوي الإعاقة في القانون، تعرف عليها    GranCabrio Spyder| سيارة رياضية فاخرة من Maserati    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 إبريل 2024 بعد الانخفاض الأخير    ملف رياضة مصراوي.. إغماء لاعب المقاولون.. رسالة شوبير.. وتشكيل الأهلي المتوقع    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    بركات قبل لقاء الأهلي: مباراة مازيمبي وبيراميدز شهدت مهازل تحكيمية    يوفنتوس يواصل فقد النقاط بالتعادل مع كالياري.. ولاتسيو يفوز على جنوى    دوري أدنوك للمحترفين.. 6 مباريات مرتقبة في الجولة 20    "شقهُ نصُين".. تشييع جثة طفل لقي مصرعه على يد جاره بشبرا الخيمة (صور)    حالة الطقس اليوم.. حار نهارًا والعظمى في القاهرة 33 درجة    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    فحص السيارات وتجديد الرخصة.. ماهى خدمات وحدات المرور المميزة فى المولات    "محكمة ميتا" تنظر في قضيتين بشأن صور إباحية مزيفة لنساء مشهورات    حريق هائل بمخزن كاوتش بقرية السنباط بالفيوم    وزارة الداخلية تكرم عددا من الضباط بمحافظة أسوان    نشرة منتصف الليل| الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة.. وهذه ملامح حركة المحافظين المرتقبة    300 جنيها .. مفاجأة حول أسعار أنابيب الغاز والبنزين في مصر    بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    حدث بالفن| وفاة صلاح السعدني وبكاء غادة عبد الرازق وعمرو دياب يشعل زفاف نجل فؤاد    نسرين أسامة أنور عكاشة: كان هناك توافق بين والدى والراحل صلاح السعدني    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر| فيديو    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    بعد اتهامه بالكفر.. خالد منتصر يكشف حقيقة تصريحاته حول منع شرب ماء زمزم    حزب "المصريين" يكرم 200 طفل في مسابقة «معًا نصوم» بالبحر الأحمر    خالد منتصر: ولادة التيار الإسلامي لحظة مؤلمة كلفت البلاد الكثير    أعظم الذكر أجرًا.. احرص عليه في هذه الأوقات المحددة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    تجليس نيافة الأنبا توماس على دير "العذراء" بالبهنسا.. صور    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    وزير دفاع أمريكا: الرصيف البحري للمساعدات في غزة سيكون جاهزا بحلول 21 أبريل    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى كتاب « اختطاف الثورة ..وثائق المؤامرة من 25 يناير حتى 30 يونيو» لعاطف الغمرى
واشنطن مهدت «الربيع العربى» لتمكين الإخوان من حكم الدول العربية
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 01 - 2015

كلما قرأت تفاصيل جديدة عن «25 يناير 2011» وحجم الضغوط والمؤامرات التى تعرضت لها «المحروسة» يتجدد شعوري بالهلع والدهشة.
أحوال اقتصادية عايشناها وظلت تزداد سوءا يوما بعد يوم، ومطالب فئوية واعتصامات شاركت فيها كل فئات الشعب من القضاة والمعلمين حتى الصم والبكم، والنظام والمنتفعون به يندفعون بغرور وجنون وحرفية عالية لإلباس مشروع التوريث ثوب الدستورية، لدرجة دفعت الدكتور سعيد النجار العالم الاقتصادى الكبير ونائب رئيس البنك الدولى ومعه مجموعة من الخبراء والسياسيين فى جمعية «النداء الجديد» الى الشروع فى رفع قضية أمام المحاكم للدفع بعدم دستورية وشرعية الرئيس الأسبق حسني مبارك لحنثه بالقسم على أن «يحترم الدستور والقانون» خلال الفترة الطويلة التى قضاها فى الحكم، والتعديلات الدستورية التى شوهت النظام الجمهوري وسعيه لنقل الحكم لابنه «بشكل» ديمقراطى بإضعاف الحياة الحزبية وسد الأفق أمام تداول السلطة، وقد ألح الدكتور النجار فى رفض هذا المسعى حين اجتمع جمال مبارك مع المجلس المصرى للشئون الخارجية والذى عقده فى أحد نوادى القوات المسلحة، لكنه فوجئ بطلب الدكتور سعيد النجار بالحرف: «أرجو أن تبلغ والدك أن البقاء فى الحكم كل هذه السنوات مخالف للدستور والقانون»، وبعد هذا الاجتماع بأيام انتقل الدكتور سعيد النجار إلى رحمة الله عام 2004!
ووسط هذه الحالة من التردى والغضب المصرى، كانت هناك قرون استشعارأمريكية تتابع الأوضاع أولا بأول وتنتظر الفرصة التى رصدت لها القوى البشرية والكوادر المدربة لقلب الأوضاع وخطف الثمرة التى باتت دانية القطوف وإلقائها فى حجر الإخوان المسلمين.حتى تبقى مصر «تحت السيطرة»!
.. حقائق مروعة عن العملية التى اسماها جون كيرى «اختطافHijacking»من داخل قاعة صغيرة بمبنى الخارجية الأمريكية، ووضعوا لتنفيذها الخطة «ايهA» بناء على توقعاتهم لأعداد المتظاهرين وكيف أنها عدلت الى الخطة Bوالتى تشمل حزمة من الضغوط والممارسات لاختطاف الثورة وتسليمها للإخوان .. أسرار وتفاصيل يكشف عنها بالوثائق الكاتب الصحفى عاطف الغمرى فى كتابه الجديد "اختطاف الثورة .. وثائق المؤامرة من 25 يناير حتى 30 يونيو"، والتى ينفرد الأهرام بنشرها ..
الجدل الدائر يكاد يطوى الصفحة المضيئة والزاهية لما جرى فى 25 يناير، كونها صحوة وطنية، بعثت فى نفوس المصريين شعورا دافقا بقيمتهم، وقدرتهم على تغيير واقعهم وإصرارهم على أن تستعيد مصر روحها، وأن ينفضوا عن أنفسهم وصفا ألصق بهم طوال عشرات السنين. بأنهم "شعب لا يثور" ، مستسلم لواقعه البائس، حتى ولو كان رافضا له فى أعماقه..
واستحق المصريون وصف قادة العالم لما جرى فى 25 يناير 2011، بأنه نبت تراث حضارى عمره آلاف السنين، فى أرض مصر التى ألهمت الدنيا.
وفى هذا الكتاب، يكشف عاطف الغمرى بالمستندات سحابات التشويه المتعمدة بعد توالى تصريحات رؤساء دول وحكومات فى الغرب، يعبرون عن فرط انبهارهم بثورة المصريين، ووصف بعضهم لما جرى فى 25 يناير 2011، تشابكت الخيوط، واختلطت الوقائع فى بعضها وانزاحت الفواصل، بين ما كان قد سكن العقل، وبين ما تلتقطه العين، وما يلح على الأذن، فتشتت الأفكار، .. ذلك كله أوجد جدلا تواصل فى عامى 2013 و 2014، حول ثورة 25 يناير 2011، وهل كانت ثورة حقيقية؟ ووصل الحال بالبعض أن يوصمها بأنها "صناعة أمريكية"، وتلحق بها فى التصنيف نفسه، بقية الثورات فى دول عربية أخرى. كان الغرب أول من أطلق عليها (انتفاضات الربيع العربى (Arab spring uprising . وتجاوزت الشكوك حدود النظرة التى كان يملؤها الريبة من البعض تجاه البعض، إلى أن أصبح منهم من يكاد يشك فى نفسه!.
أمام هذه الصورة التى رسمت بخطوط شديدة التعقيد، قدم عاطف الغمرى ومن خلال مراجع ومصادر أمريكية وغربية متعددة، لها وزنها وتخصصها فى مجال الحصول على معلومات موثقة، تحليلا وتفكيكا للخيوط التى تشابكت وتعقدت، وكونت لاحقا الصورة الغائمة، والسؤال الحائر ما الذى كان يجرى فى الخفاء قبل الصدمة؟، و ما هى خلفيات ما جرى فى 25 يناير 2011؟
حكام ترضى عنهم أمريكا
لقد وضعت الولايات المتحدة، بالفعل خططا لتغيير الأنظمة فى الدول العربية، - هذا صحيح – والترتيب لوصول حكام إلى السلطة ترضى عنهم. ورسمت خططا تمهد لزعزعة الأوضاع تدريجيا لبلوغ لحظة إسقاط الأنظمة. وتجنبا لظهور يد أمريكية فى صناعة المشهد، فقد تفاهمت مع جماعات وأفراد يلعبون دور الوكلاء، وهى متوارية وراء الستار، وفى يدها تحريكهم.
كانت أبرز صور تحريك الأحداث الدعوة للخروج فى مظاهرات احتجاجية يوم 25 يناير 2011، ربما تكون قلة محدودة شاركت فيها من الوكلاء الذين جهزتهم الولايات المتحدة لكن المؤكد أيضا أن غالبية من أطلقوا هذه الدعوة للمظاهرات الاحتجاجية، دفعتهم إليها مشاعر وطنية خالصة، وهم من الشباب الرافض لحكم استبدادى، بلغ به الشطط إلى حد الإعداد لمشروع التوريث للابن، واستمرارية نفس النظام بممارساته المنزوع عنها أى قدرة على النهوض بالبلاد، وحل مشاكلها المتراكمة، وما تسببت فيه سوء إدارته للدولة، من تدهور الحالة المعيشية، وانهيار كامل فى منظومة إدارة الدولة، والإساءة لكرامة الإنسان فى مصر.
هؤلاء وأولئك من خططوا من الخارج لتظاهرات تخدم مصالحهم، ومن قدموا لهم أنفسهم أدوات تنفذ هذه الخطط. لم يدر فى خاطرهم أن تصل الاستجابة لدعوة التظاهر، فى هذا اليوم، إلى إشعال ثورة لأن خروج أكثر من عشرين مليونا من مختلف الطبقات، فى جميع مدن وقرى مصر، وفى نفس اللحظة، تلبية لنداء الخروج للتظاهر، قد حولها إلى ثورة شعب متكاملة الأركان، تجسدت هويتها فى توافق مبهر، فى الثمانية عشر يوما الأولى، حول معانى وحدة جموع المصريين، بلا أى تنازع بين هويات، أو أيديولوجيات، أو مطامع، تمزق نسيج هذا التوافق الوطنى الفريد.
أمريكا بين نقيضين
هنا – كان ما أسماه هنرى كيسنجر" مأزق أمريكا" الذى وضعها بين نقيضين – إظهار ترحيبها بحدث جماهيرى لشعب يطالب بالديمقراطية، وحقه فى الحياة الكريمة، والثانى خوفها من احتمالات مجئ نظام حكم يتبع سياسات ليست على هوى المصالح الإستراتيجية الأمريكية فى المنطقة، ومن ثم فإن عليها كما أوصى كيسنجر البحث عن وسيلة للخروج من هذا المأزق.
إن خطط التغيير فى مصر وفى غيرها، كانت تجهز من قبل 25 يناير 2011. وتمت من أجلها اتصالات وترتيبات، وتجهيز، عناصر محلية لتتولى إطلاق الشرارة الأولى، بطريقة تأتى إلى كرسى الحكم بمن ترتضيهم الولايات المتحدة، وبناء على تفاهمات مسبقة معهم.
ولما أطلقت الشرارة، بالدعوة للخروج فى مظاهرات احتجاجية، كانت التوقعات بناء على ما سمى الخطة «A» ، أن يستجيب لنداء التظاهر أعداد قد تتراوح بين مائة و مائتى ألف، وهو حجم يمكن السيطرة على حركته، وعلى مطالبه، وأجندته، التى سيكون من السهل التحكم فيها، عن طريق بعض عناصر من النشطاء سوف يتصدرون المشهد ويقودونه، وحين خرجت الملايين إلى الشوارع والميادين تحولت الصورة، إلى ثورة الملايين، مما أربك حسابات أمريكا.
عندئذ حدثت المفارقة فهناك من رتب للخروج مدفوعاً بالمؤامرة وهناك من خرجوا تلقائيا وغريزياً، وهم ينشدون صالح الوطن ومستقبله.
المؤامرة أعدت تفاصيلها من قبل 25 يناير بسنوات، وإن جاءت فى صورة مشاريع وسياسات بدت وكأنها منفصلة عن بعضها. لكنها لا يمكن أن تكون كذلك فى حسابات دول تدير سياساتها فى العالم وفق استراتيجيات، وتعمل وفق خطط وآليات تنفيذ.
عقب تولى جورج بوش الابن السلطة فى عام 2001، ومعه جماعة المحافظين الجدد، الذين يوصفون حسب المصطلحات السياسية فى الولايات المتحدة بأنهم صهاينة Zionists زمن حيث تفكيرهم، حتى ولو كان بعضهم ليسوا يهودا]، كلف مركز البحوث «معهد أمريكان أنتربرايز»، الذى يوصف بقلعة المحافظين الجدد، أحد أبرز وأهم خبرائه مايكل لادين، بوضع خطة مدتها عشر سنوات، لتغيير دول المنطقة من داخلها. ونشرت تفصيلات الخطة فى مجلة بوليسى ريفيو Policy Review التى يصدرها المعهد.
الشرق الأوسط الكبير فى مذكرة سرية!
تفاصيل أخرى للمؤامرات أفصحت عنها مبكرا الكتابات المنشورة لريتشارد كراوتهامر، أحد أبرز الدعاة والمنظرين لفكر حركة المحافظين الجدد، والقائل بأن الهدف من غزو العراق (عام 2003)، لم يكن مقصودا به العراق فحسب، بل الدخول إلى العالمين العربى والإسلامى بكامله، للقيام بعمليات تغيير شاملة من داخله - سياسية، ثقافية، واجتماعية.
وفى هذا السياق جرى إعداد مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذى أعلنه جورج بوش عام 2004، وشاركت فى صياغته مجموعة المحافظين الجدد الذين لا تخفى كتاباتهم وبرامجهم المنشورة إصرارهم على تغيير المنطقة، وتفتيتها، وبث الانقسامات فى مجتمعاتها، وإعادة رسم الخريطة الإقليمية للمنطقة، بما يضع إسرائيل فى مركز خريطة المنطقة.
ثم جاءت اللحظة الفارقة فى أغسطس 2010،يومها أصدر الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعليمات لمساعديه فى إطار ما عرف ب «توجيه لدراسة رئاسية»، بإعداد مذكرة سرية، حول احتمالات وقوع حالات عدم الاستقرار فى العالم العربى. ووصف مسئولون بإدارة أوباما هذه الدراسة بأنها انتهت إلى أن العالم العربى مهيأ لثورات شعبية، إذا لم تسرع الأنظمة الحاكمة بإجراء تغييرات سياسية كبيرة وشاملة.
المذكرة كشفت عنها فى عام 2011 مجلة «نيويوركر» ورصدت مؤشرات عن احتمال حدوث انتفاضات فى مصر على وجه الخصوص، وقدمت المذكرة السرية للرئيس مقترحات عن الكيفية التى يمكن بها دفع الأنظمة فى هذه الدول نحو إجراء تغييرات سياسية، والطريقة التى يمكن أن يتعامل بها البيت الأبيض مع مصر، ودول عربية أخرى،وكيفية الموازنة بين حماية المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة، وبين الرغبة فى تفادى حدوث عدم استقرار واسع النطاق فى حالة الوقوف ضد مطالب المحتجين.
مصادر ودراسات أمريكية متعددة تناولت هذه المذكرة بالتحليل، بعد أن كشفت عنها المجلة الشهيرة منها ما كتبه مارك لاندلر فى صحيفة «نيويورك تايمز» فى فبراير 2011، وقال: إن مسار الأحداث يثبت أن خطة تمكين الإخوان المسلمين من حكم مصر، كان استراتيجية واعية ومتعمدة من إدارة أوباما، وضعت من قبل انطلاق الربيع العربى، ولم تكن المشكلة عندئذ من وجهة نظر أمريكا فى كيفية التعامل مع التغيير فى دول المنطقة، بل كانت فى إعطاء دفعة لحدوث التغيير.
بشهادة جون كيرى الإخوان سرقوا الثورة
داخل قاعة صغيرة، بمبنى وزارة الخارجية الأمريكية فى واشنطن، وفى يوم 20 نوفمبر 2013، عقدت جلسة محدودة، تحت مسمى «منتدى الأمن الدولى»، رأسها جون كيرى وزير الخارجية، الذى قال للمجتمعين : «الإخوان المسلمون اختطفوا الثورة من المصريين الذين قاموا بها Hijacked Egypts Revolution،
وهذه الكلمة نفسها «اختطاف Hijacking» وردت فى كتابات أكثر من عشرين مؤلفا ودارسا لأحداث الثورة فى مصر من كبار الخبراء والمتخصصين، من الولايات المتحدة، وأوروبا، وكندا.
38 اجتماعا لأوباما من 25 يناير إلى 11 فبراير
ويكشف عاطف الغمرى فى كتابه عن خطة اختطاف الثورة فى مصر، وبقية انتفاضات الربيع العربى – كما وصفوه – وكيف كان يتم إعدادها للتنفيذ منذ يناير 2011، وكانت الخطة تحمل اسم Hijacking of The Arab Spring مع التركيز على مصر بصفة أساسية.
كانت بداية وضع الخطة خلال الثمانية عشر يوما الأولى فى ميدان التحرير من 25 يناير وحتى 11 فبراير، فى هذه الفترة الزمنية القصيرة، عقد الرئيس أوباما 38 اجتماعاً مع مساعديه لمناقشة ما يجرى فى مصر أولاً بأول،وهو ما أحصته تقارير مراكز بحوث أمريكية.
المصادر الرسمية فى واشنطن أقرت بأنهم فوجئوا بالثورة فى مصر بالصورة التى انطلقت بها، وبأهدافها المصرية الخالصة، ووجدوا أنفسهم غير جاهزين للتعامل معها بالشكل الذى تمت به، وتأكد ذلك من توجيه لجنة المخابرات بالكونجرس اللوم لإدارة أوباما، وللمخابرات المركزية، لفشلها فى توقع هذه الأحداث.
أمريكا وجدت نفسها فى مأزق، وهو الوصف الذى استخدمه هنرى كيسنجر، فكيف توازن بين تأييدها لثورة تنادى بالديموقراطية، وبين مصالحها الإستراتيجية، واحتمال تأثير هذه الثورات على مصالحها.
نظام بالوكالة فى مصر
كانت أمريكا مشغولة بكيفية الخروج من المأزق، وتعددت الخيارات المطروحة، بعضها كان يرجح فكرة تطويع الثورات العربية، عن طريق إعادة صياغة الأوضاع فى دولها، بما يضمن عدم خروجها عن طوق السيطرة الأمريكية، وهو ما توج بنظام محمد مرسى الذى وصفه سوشوفسكى بأنه نظام بالوكالة عن أمريكا فى مصر.
وكانت هناك مؤشرات على التوجه نحو أجندة الاختطاف:-
صحيفة نيويورك تايمز نشرت فى 18/3/2013، مقالا كتبه بارى روبن قال فيه: الآن نستطيع أن نتأكد من أن دفع أوباما للإخوان نحو السلطة تم باستراتيجيةواعية ومتعمدة.
واشنطن بوست فى مارس 2011، قالت إن إدارة أوباما تتخذ خطوات تميز بين مختلف الحركات الإسلامية، أى بين الإخوان، وتنظيم القاعدة. وكانت أمريكا تعرف أن الإخوان سيصلون إلى الحكم، لكن وصولهم للحكم لم يأت نتيجة جهود ذاتية للإخوان، بل كان للإدارة الأمريكية الدور الأكبر فى ممارسة الضغوط، وتهيئة الأوضاع التى تمهد لهم طريق الوصول إلى الحكم.
البرقيات الثمانى .. والخطط البديلة
تسريب الوثائق الأمريكية إلى بعض الصحف الأمريكية، تحدثت عن أن الخطط التنفيذية لتغيير النظام فى مصر، كانت جزءا من التحرك على الأرض للتغيير بنفس الطريقة الأدوات فى بقية الدول العربية، وأنها بدأت تتخذ شكلا جديا فى عام 2010، والتى تتمثل فى:
المذكرة السرية.. فى أغسطس 2010 ، أصدر أوباما تعليمات بإعداد مذكرة سرية حول أى احتمالات لحدوث اضطرابات، وعدم استقرار فى الدول العربية إذا لم تتحقق إصلاحات سياسية وإلى جانب هذه المذكرة تكونت ما سميت «مجموعة عمل عن مصر»، وكانت مستقلة عن الحكومة، وكان دنيس روس مستشار أوباما للشرق الأوسط، حلقة الصلة بين الجانبين، الرسمى وغير الرسمى.
البرقيات الثمانى السرية.. المرسلة من السفيرة الأمريكية فى القاهرة إلى وزارة الخارجية فى واشنطن. إلا أن طرح الفكرة سبق ذلك بكثير، وبالتحديد فى عام 2001، عندما كلفت الإدارة الأمريكية مايكل لادين أحد أبرز الخبراء والمفكرين السياسيين، والعضو البارز فى معهد أميركان انتر برايز، بإعداد خطة تطبق على مدى عشر سنوات، لتغيير العالم العربى كله من داخله.
ثم تأكد هذا التفكير فى عام 2003، على لسان الرئيس جورج بوش وهو يعلن قبل أسبوع من غزو العراق، عن تصوره للهدف الأبعد، وهو أن يكون العراق بعد تغييره، نموذجاً يطبق فى باقى دول المنطقة.
- الانتقال إلى الخطة B بعد فشل الخطة A.. هذه الخطوات هى حلقات فى تتابع زمنى، لسلسلة واحدة مترابطة، كانت تضع نصب عينى المسئولين عن تنفيذها، الوصول إلى التغيير فى مصر فى 25 يناير 2011. – [أى بعد عشر سنوات بالتحديد من وضع خطة التغيير من الداخل]. كانت الخطة الأمريكية لهذا اليوم تحمل أسم الخطة «A»، لكن الأحداث اتخذت لنفسها مساراً آخر أحبط كافة خطوات الخطة «A»، بعد نزول حوالى عشرين مليونا من المصريين إلى الشوارع، فكان ما كان هو ثورة جماهيرية متكاملة الأركان. لها تصور يخصها، وتوجه يعبر عنها فانقلبت الحسابات الأمريكية رأسا على عقب وأصيبت إدارة أوباما بالارتباك، ودب الانقسام فى صفوفها وبنهج تآمرى، بدأت تفكر فى وسائل أخرى
أمريكا دعمت سراً شباباً مصريين منذ 2008
فى 28 يناير 2011 نشرت صحيفة «ذا تلجراف» البريطانية تقريراً وصف بأنه سيكون مفاجأة للذين يتابعون السياسة الخارجية الأمريكية، عبر مراحل تطبيقها على مدى 300 سنة. وذلك عندما كان التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، والتحريض على إحداث القلاقل فى المجتمعات، وتغيير الأنظمة، وتأييد الانقلابات العسكرية، وقالت ذا تلجراف فى تقريرها، أن الوثائق السرية الأمريكية، أوضحت أن الحكومة الأمريكية دعمت سراً عناصر مصرية لتلعب دوراً محركاً من وراء انتفاضة المصريين فى يناير 2011، ولتشارك فى خطط لتغيير النظام، وهو الدور الذى بدأته هذه العناصر من الشباب فى عام 2008، أى قبل ثلاث سنوات من أحداث 2011.
كما أن السفارة الأمريكية فى القاهرة ساعدت أحد هؤلاء الشباب بصفة خاصة للسفر إلى الولايات المتحدة وحضور مؤتمر للنشطاء والسياسيين برعاية أمريكية عقد فى نيويورك، وحرصت السفارة على إخفاء شخصيته عن المصريين: وعند عودته من الولايات المتحدة إلى القاهرة فى ديسمبر 2008، أبلغ هذا الناشط دبلوماسيين أمريكيين، أن تحالفا من جماعات معارضة، قد رسم بالفعل خطة لإسقاط نظام مبارك، وقيام حكومة ديموقراطية فى عام2011.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن قوات الأمن المصرية ألقت القبض على هذا الناشط، لصلته بالمظاهرات التى بدأت فى مصر عام 2011. ولم تكشف الصحيفة عن اسمه فى تقريرها. هذه المعلومات سبق أن كشفت عنها برقيات دبلوماسية سرية أمريكية، كانت وثائق ويكيليكس قد سربتها، وتكشف عن ممارسة مسئولين أمريكيين ضغوطاً على الحكومة المصرية، للإفراج عن بعض هؤلاء النشطاء. كان من المعروف علنا أن الولايات المتحدة، تؤيد نظام حكم مبارك. ولكن الوثائق التى سربت، أظهرت المدى الذى وصلت إليه الإدارة الأمريكية فى تقديم المساعدة لبعض النشطاء السياسيين المعارضين لمبارك.
من هو الناشط من 6 ابريل المتعاون مع السفارة
واحدة من هذه البرقيات الدبلوماسية السرية، أرسلت فى 30 ديسمبر 2008، من السفيرة مرجريت سكوبى، وقالت بالنص أن جماعات من المعارضة، وضعت خططاً سرية «لتغيير النظام»، وحددت تاريخاً للتنفيذ فى سبتمبر من نفس العام.
وهناك مذكرة أرسلتها سكوبى إلى وزيرة الخارجية فى واشنطن، وعليها كلمة «سرى للغاية» ويقول عنوان البرقية ناشط من حركة 6 إبريل يزور الولايات المتحدة وتغيير النظام فى مصر». وقالت أن هذا الناشط وهو من حركة 6 إبريل، أبلغنا أن قوى متعددة معارضة، اتفقت على الإسهام فى وضع خطة مكتوبة، لانتقال السلطة فى مصر، تتضمن إيجاد رئاسة ضعيفة، ورئيس وزراء وبرلمان يتمتعان بسلطات أقوى، قبل إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة فى 2011.
وتساءلت سكوبى فى برقيتها عما إذا كانت مثل هذه المؤامرة Plot غير الواقعية، يمكن أن تنجح، أو أن يكون لها وجود. ومع ذلك فإن هذا «الناشط» الذى كان على اتصال بالدبلوماسيين الأمريكيين، قد تلقى دعماً واسعاً من مسئولين فى واشنطن لحملته من أجل الديموقراطية.
نشطاء أمريكا شوشوا على صورة شباب الثورة
تكشف ثماني وثائق سرية أرسلتها السفيرة الأمريكية فى القاهرة مرجريت سكوبى، تكشف مجتمعة عن بعض ما كان يجرى وراء الستار، من اتصالات، ولقاءات للسفيرة، مع عدد من الذين اعتلوا المشهد السياسى فى 25 يناير 2011، وقدموا أنفسهم كنشطاء سياسيين، لعبوا أدوارا قيادية فى ثورة المصريين فى 25 يناير.
الوثيقة الأولى:
أرسلت من السفارة الأمريكية بالقاهرة يوم 28 يناير 2011، إلى واشنطن تكشف عن المدى الذى وصل إليه التأييد الأمريكى لعدد من النشطاء ليندسوا وسط انتفاضة المصريين. وتعبر الوثيقة عن ارتياحها لاشتراك ناشط من حركة 6 إبريل (حذفت اسمه) فى اجتماعات ائتلاف قمة الحركات الشبابية. وقد تحدث هذا الناشط عن كيفية اعتقاله فى القاهرة من قبل جهاز أمن الدولة فور عودته إلى مصر، ونحن قد ضغطنا من أجل إطلاق سراح اثنين من أعضاء الحركة كان قد تم اعتقالهما.
الوثيقة الثانية:
إن الناشط من حركة 6 إبريل [حذفت اسمه]،قال إنه تمكن من الالتقاء مع نشطاء من دول أخرى، وشرح لهم أهداف حركته للتغيير فى مصر. وأبلغنا هذا الناشط أن النشطاء الآخرين (من دول أخرى) فى هذا الاجتماع، عرضوا تنظيم مظاهرات عامة فى بلادهم، تأييداً للتغيير الديموقراطى فى مصر.
الوثيقة الثالثة:
الناشط المصرى [حذفت اسمه] أبلغنا أن رجال أمن الدولة احتجزوه، وقاموا بتفتيشه بمطار القاهرة عقب عودته من الولايات المتحدة يوم 18 ديسمبر. وإنهم صادروا وثيقتين كانتا فى حقائبه، ومذكرة عن مشاركته فى اجتماع نيويورك. وتتضمن المذكرة شرحاً لمطالب حركة 6 إبريل، للانتقال الديموقراطى فى مصر، وتفاصيل لقاءاته بالكونجرس.
الوثيقة الرابعة:
ذكرفيها الناشط أسماء الذين التقى بهم [حذفت أسماؤهم]. وإنه دعى للتحدث فى يناير الماضى، أمام جلسة استماع بالكونجرس عن الحريات الدينية والسياسية فى مصر. وأن الناشط أوضح لنا اهتمامه بهذه الدعوة، ولكنه ذكر إنه ليس متأكداً،مما إذا كان يستطيع توفير التمويل اللازم للقيام بهذه الرحلة.
الوثيقة الخامسة:
شرح الناشط [حذفت اسمه] كيف إنه حاول إقناع الذين تحدث معهم فى واشنطن، بالضغط لتنفيذ إصلاحات أساسية فى مصر من خلال التهديد بالكشف عن الحسابات غير القانونية لرجال مبارك فى الخارج، وتجميد هذه الحسابات.
الوثيقة السادسة:
ذكر الناشط [حذفت اسمه] إن عدداً من قوى المعارضة من أحزاب الوفد، والناصريين، والكرامة، والتجمع، وأيضا كفاية، والإخوان المسلمون، وحركة الاشتراكيين الثوريين، قد اتفقوا على دعم خطة غير مكتوبة للانتقال إلى الديموقراطية البرلمانية، ووجود رئيس بسلطات أكبر، قبل موعد الانتخابات الرئاسية.
الوثيقة السابعة:
قال الناشط [حذفت اسمه] إن الحكومة اعتقلته مؤخراً عدداً من أعضاء حركة 6 إبريل. وأن الحركة تنوى الدعوة للإضراب يوم 6 إبريل 2009[هذه الوثيقة توضح أن اتصالات قيادة 6 إبريل كانت قائمة من قبل25 يناير 2011].
الوثيقة الثامنة:
تعليق من السفارة: لم يقدم الناشط [........] أى خطوات محددة لخريطة طريق، نحو هدف 6 إبريل غير الواقعى، باستبدال النظام الحالى، بديموقراطية برلمانية قبل إجراء الانتخابات الرئاسية عام 2011. وإن معظم أحزاب المعارضة، ومنظمات العمل المدنى، تعمل من أجل إصلاح تدريجى، وواقعى، فى إطار النظام السياسى الحالى، وإن كانوا متشائمين تجاه فرص نجاحهم. وأن الرفض التام من جانب الناشط [.......] لمثل هذه التصورات تضعه خارج المسار الرئيسى للناشطين والسياسيين المعارضين.
التمكين للإخوان لمصلحة إسرائيل !
أثناء مرحلة وضع أفكار التغيير على الورق، وطرحها للمناقشة داخل الأجهزة المختصة. بدأت تظهر بعد مجئ جورج بوش إلى الحكم، ومعه أقطاب حركة المحافظين الجدد، الذين يقودون سياسة الخارجية، خطوط إستراتيجية تمهد لإعادة هيكلة الخريطة الإقليمية للشرق الأوسط.
ومثلما سبق أن قال ويليام كيلر الذى كان رئيساً لتحرير صحيفة نيويورك تايمز، إن إسرائيل موجودة دائماً فى مركزية تفكير المحافظين الجدد، حينما يخططون لقرارات السياسة الخارجية، فقد أكدت هذا المعنى صحف كبرى فى الولايات المتحدة عندما نشرت تسريبات لجنرالات من البنتاجون، كانوا معارضين للحرب فى العراق، قالوا إن الهدف من الحرب ليس العراق فى حد ذاته، بل إعادة رسم الخريطة الإقليمية للمنطقة بكاملها، بما يضع إسرائيل فى قلب هذه الخريطة لتكون الدولة المحورية فى المنطقة. عبر مراحل صياغة هذه الخريطة من ترتيبات نقل الفكرة إلى مرحلة الحركة، ثم التنفيذ، كانت الولايات المتحدة – ومن خلال جهاز المخابرات المركزية – تنسق مع تنظيم الإخوان المسلمين، بشأن ما ستعهد به إليهم، من أدوار أساسية، فى خطة التغيير فى مصر، وفى بقية الدول العربية، مقابل التمكين لهم من الحكم، والضغط لصالح وصولهم إلى السلطة.
كانت أقدام إدارة أوباما قد بدأت تغوص فى جوف المأزق.. مأزق صنعه البدء بتخطيط من جانبها للإمساك بزمام أحداث ما سمى بالربيع العربى، وتوجيهها بالطريقة التى تخدم مصالحها الإستراتيجية الاقتصادية فى المنطقة، وانتهى إلى مفاجأة اتخاذ الأحداث فى مصر لنفسها مساراً ثورياً،وصل ذروته في 30 يونيو يحمل أجندة وطنية خالصة. عندئذ أخذت تتبلور ملامح فكرة اختطاف الثورة.
و قد استقرت الخطة على اختيار تنظيم الإخوان وكيلاً لها.. وكتب البروفسور والتر رسل ميد وهو من كبار الخبراء السياسيين الأمريكيين، دراسة بعنوان «فشل الإستراتيجية الأمريكية فى الشرق الأوسط» يقول: إن أوباما أخطأ فى قراءة وتقدير قدرات هذه الجماعات ونضجها السياسى. فلم تكن جماعة الإخوان، ومحمد مرسى، مؤهلين فى هذا الوقت للحكم. وقد فشلوا فى فهم حدود التفويض الممنوح لهم بالحكم، وعجزوا عن إدارة الاقتصاد، وإدارة الدولة بلا كفاءة.
وحسب ما جاء فى وثيقة حكومية عالية المستوى: فإنه فى حالة ظهور بوادر احتمال سقوط أى نظام يحكم، فإن السياسة الأمريكية لابد أن تعمل بطريقتين: احداهما علنية، والأخرى من وراء الستار، لمنع قيام أى نظام حكم معاد للمصالح الأمريكية، وضمان السلام الإقليمى، ورفاهية السكان المحليين
الاطاحة بالأصدقاء
ثمة دلائل على أن إدارة أوباما أقرت مبدأين لسياستها فى مطلع عام 2011.
الأول: الإسهام فى الإطاحة بأصدقاء لها، قبل أن يفعل ذلك غيرها، وبهذه الطريقة تستفيد من وقوفها مع ما تراه الجانب الصحيح.
الثانى: إن الولايات المتحدة لا يهمها فى الحقيقة من هو الطرف الذى سيتولى السلطة، لأنه سيكون عندئذ أفضل بالنسبة لها من سابقه. وستكون أمريكا أكثر قبولاً لديه. وعلى ذلك ستكون المصالح الأمريكية مصانة.
.....................................................................................
سألت الأستاذ عاطف الغمرى فى نهاية هذا العرض المثير فى كتابه لعملية اختطاف الثورة:إذا كانت هذه مبادئ السياسة الأمريكية.. فلماذا كان الاختطاف؟
يجيب: إذا كان للولايات المتحدة أهدافها التى تخصها من التغيير فى الدول العربية؛ والتى ظلت تسعى لتحقيقها من قبل 2011 بسنوات، فإن شعوب المنطقة، خاصة فى مصر، كانت لديها تطلعات قوية من أجل هذا التغيير. لكن لأسباب مختلفة لدى الجانبين، فإن هذه الأسباب كانت متناقضة ومتصادمة، ولا يمكن أن تلتقى أبداً عند نقطة واحدة. ولم تستطع أمريكا كقوة عالمية تمتد مواقع مصالحها الإستراتيجية فى مختلف القارات، أن تعزل شعورها بالورطة فى الشرق الأوسط، لذلك ظلت عيون خبراء الإستراتيجية، وصناعة قرار السياسة الخارجية الأمريكية، تراقب وتتابع عن كثب، ما يجرى تحت السطح فى الدول العربية، وإن كانت العيون لم تغفل عن أمارات ظاهرة فوق السطح. واتفقوا جميعاً على أن تغييراً يأتى من جانب أصحاب عقول واعية، ومن وسط حركة الجماهير، سوف ينهى زمن إمساك الولايات المتحدة بكل خيوط تحريك الأحداث فى الشرق الأوسط، وهو ما وصفه لاحقاً «كارل بيلدت» وزير خارجية السويد، عقب انطلاقة الثورة فى تونس ثم فى مصر، قائلا إن ما جرى هو بمثابة موجات من الصدمات، انطلقت عبر المنطقة، هزت أعمدة، كان مسلماً بطول بقائها واستقرار نفوذها السياسى.
- وفى هذا الشأن تحدثت دراسة لجامعة جون هوبكنز، عن أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة، كانت تركز بعد انتهاء الحرب الباردة، على التأثير فى تكوين وتشيكل أنظمة الحكم داخل الدول، خاصة فى الشرق الأوسط، مع استعدادها للتغاضى عن سلوك حكومات هذه الدول داخل بلادها. ويضمن هذا النفوذ لها درء أى تحركات تهدد مصالحها فى المنطقة، ويمنحها سهولة الحركة لصياغة الأوضاع بالصورة التى ترضاها.
يكشف كتاب "اختطاف الثورة وثائق المؤامرة من 25 يناير حتى 30 يونيو"، أن ما رصدته عيون الأجهزة المختصة فى الولايات المتحدة، نبهها إلى أن حدوث التغيير على يد جماهير، تعيد القرار للشعوب. فى وقت لم يعد فيه النفوذ الأمريكى فى كامل لياقته القديمة، هو أمر ينبغى أن تتحسب له، وتنظر فى كيفية التعامل معه. خاصة وإنه لا يتصدى فقط للهيمنة الأمريكية، لكنه أيضا يعرقل توجها إستراتيجيا مهما لإدارة أوباما، حين قررت التوجه بإستراتيجيتها نحو آسيا والمحيط الهادى، وهى المنطقة التى تمثل التحدى القادم لها، بعد صعود الصين، كقوة عالمية مما يعدل ميزان القوى العالمى. وطبقاً لرؤية السياسى المخضرم ليسلى جلب الذى شغل لسنوات منصب رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية: بدا من حركة الاحتجاجات الشعبية الجماهيرية فى مصر، إن أى حزب معارض لا يستطيع الزعم بأنه يتقلد قيادة هذه الحركة، وهو شئ ألقى كبار المسئولين فى إدارة أوباما، فى موقف من الارتباك الشديد. فلم تكن لديهم أى فكرة، عن طبيعة هؤلاء المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشوارع فى 25 يناير، وعما إذا كانوا جماعات فوضوية من الغوغاء، بلا قدرة تنظيمية تسمح لهم بالعمل السياسى، وبتولى الحكم، أم أنهم قوى منظمة تتحين الظروف التى تسمح لها بالقفز على السلطة. وهل هم من أصحاب الاتجاهات المناهضة للغرب ولإسرائيل.. ثم يقول جلب: «البيت الأبيض أصبح فى موقف يتراوح بين أن يركب فوق ظهر النمر، أو أن يعيده إلى القفص».
وكما فاجأ الشعب المصرى العالم بالملايين التى خرجت فى 25 يناير وكذلك الأجهزة الأمريكية التى كانت تتابع الأوضاع أولا بأول وتنتظر الفرصة التى أعدت لها الكوادر المدربة لقلب الأوضاع وخطف الثمرة وإلقائها فى حجر الإخوان المسلمين للحكم بالوكالة..فاجأهم أيضا برفض الوصاية على إرادة الشعب والدولة الوطنية المصرية فى ال 30 من يونيو فلم يجد «السوبر مان» الأمريكى أمامه إلا أن يمشى ولو مؤقتا خلف إرادة النمر المصرى الذى كسر القيود ورفض قفص الإخوان.
هذا فصل من وثائق المؤامرة التى تصدر خلال أيام فى كتاب «اختطاف الثورة وثائق المؤامرة من 25 يتاير حتى 30 يونيو» عن مركز الأهرام للنشر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.