عاتية هي عواصف الزمن.. تجنح بالعمر في صخور الأحزان.. بتعثر خيوط الفرحة في دروب وطئها الفراق والشجن وتفرط عقود الأمان في أبيار الألم والوحدة كان اليوم البعيد في متاهات عمر الأسرة الكبيرة وهلت نسائم أحزانه من بعيد محملة بقسوة المجهول وحصد الموت أرواح الأب وأبنائه السبعة بينما اصيبت الام بفقدان الوعي ولم تر النعوش محمولة علي الاكتاف ليتواري جسد فلذات الأكباد ورفيق العمر خلف الثري، دمر الحادث قلاع فرحة الاسرة وأقتلع العائلة الكبيرة من جذورها، ونجت الأم من الموت بأعجوبة لتنكمش بقية سنوات العمر في برودة الوحدة وتحصي لحظات العمر المتبقية في مماشي الزمن السحيق لتعيش في أكفان المرارة والضياع. انطلق الحزن كريح غادر، وأطاح بالأب وأبنائه السبعة، وحصد ملك الموت أرواحهم في لحظة غادرة، ولم يتبق منهم سوي ذكري أليمة، الحادث أليم وأقسي من أن يوصف لكنه القدر الذي ازهق أرواح اسرة باكملها وطردهم من الحياة حيث صعدت أرواحهم إلي السماء ولم يقترب أحد لنجدتهم وكان الهلاك يحاصرهم من كل جانب، كالنار المختبئة تحت الرماد، وفارقت أرواحهم البريئة الاجساد، ، وهم نيام وكأن القدر اشفق عليهم من آلام سكرات الموت، وكان النوم الاخير لهم. شقة بمدينة النهضة بحي السلام تحولت في لمح البصر إلي مقبرة جماعية ضمت جثث فلذات الأكباد ووالدهم صاحب محل قطع غيار السيارات ووقعت الصدمة علي شقيق الاب الذي اكتشف الحادث الأليم كالصاعقة بينما وصلت أصوات صراخ الجيران والاقارب إلي عنان السماء. بداية المأساة عندما استغلت الام فرصة انشغال ابنائها السبعة في مشاهدة التليفزيون واللعب علي أجهزة الكمبيوتر بينما انشغلت طفلتها الصغيرة في اللهو مع والدها وهرولت للاستحمام إلا أنها اشتمت رائحة غاز تنبعث من السخان فقامت علي الفور بفتح شباك الحمام وهرولت، وهي مجردة من ملابسها للاستغاثة بزوجها إلا أنها سقطت مغشيا عليها أمام الحمام، وتسرب الغاز إلي داخل الشقة، وتسبب في أختناق الزوج علي محمد 52 سنة وأبنائه السبعة أكبرهم 15 عاما وأصغرهم 5 سنوات. أسدل الليل أستاره علي جثث العائلة حتي اشرق الصبح وانتظر شقيق الزوج قيام أخيه الاكبر بفتح المحل الذي يمتلكه اسفل منزله إلا أنه تأخر علي غير عادته واتصل به هاتفيا ثم اتصل علي تليفون زوجته وأبنائه حتي جاء وقت الظهيرة وأرتاب الاخ في تأخر شقيقه عن عمله بالاضافة إلي ان جميع نوافذ الشقة مغلقة ويستحيل استغراق عائلة اخيه في النوم حتي تلك الساعة المتأخرة من النهار. سكن الخوف شقيق الزوج وهرول لشقة اخيه، وطرق الباب دون جدوي فاستعان بالجيران وكسروا الباب وكانت الفجيعة الكبري عندما شاهد أخيه يحتضن طفلته في بهو الشقة، وقد تعانقت أرواحهما وصعدت إلي السماء بينما تسمرت جثتا أميرة ومروة أمام جهاز الكمبيوتر وتم العثور علي بقية الابناء داخل غرفة امام جهاز التليفزيون، وكان المشهد الأشد قسوة هو العثور علي جثة الطفلة منة 8 سنوات وهي ممسكة بقطعة من الخبز في يدها بينما قبض ملك الموت روح الشقيقتين التوأم وهما نيام وتم العثور علي الزوجة عارية أمام الحمام مصابة بغيبوبة حيث تسبب هواء نافذة الحمام الذي قامت الزوجة بفتحه في انقاذها من الموت وتم نقلها إلي المستشفي وهي لاتعلم بوفاة أبنائها السبعة وزوجها. أغتسلت أجساد الابناء السبعة بدماء عيون الاقارب الدامعة وانهزمت الدنيا داخلهم وأكتووا بلوعة فراق أعز الاحباب وكان مشهد النعوش الثمانية وهي تحمل الاجساد لتتواري خلف الثري يكاد يزهق الأرواح ورحلت الأسرة وتركت الام وحيدة تغترف العذاب في بحور الندم. انتقل العميد عبدالعزيز خضر رئيس مباحث فرقة شرق القاهرة إلي الشقة المنكوبة لإجراء المعاينة وتبين تسرب الغاز من سخان الحمام وأن الزوج قام باغلاق فتحة التهوية بالحمام خشية من دخول الفئران والحشرات وان الغاز تسرب اثناء استحمام الزوجة مما دفعها إلي فتح الشباك إلا أنها نسيت اغلاق الغاز مما تسبب في اختناق أفراد أسرتها. وأكد شقيق الزوج عدم وجود خلافات أسرية بين شقيقه المتوفي وزوجته الفاقدة للوعي وأمرت النيابة بدفن جثث المتوفين والاستماع إلي أقوال الزوجة عقب إفاقتها من الغيبوبة.