النماذج الناجحة فى مصر للمشاركة بين القطاعين العام والخاص فى مشروعات البنية الأساسية، جعل هذه المشاركة ضرورية فى مجال العمل البيئي، لاسيما فى السنوات العشر الأخيرة، نتيجة عدم كفاية الاستثمارات، والضغوط المتزايدة على الميزانيات الحكومية، بالإضافة إلى القلق العام تجاه عدم كفاءة بعض الخدمات التى تقدمها المؤسسات، والوكالات الحكومية. لقد بدأت وزارة الاستثمار المصرية منذ عام 2006 فى تبنى إستراتيجية شاملة لتشجيع المشاركة بين القطاعين العام والخاص بهدف التوسع فى الاستثمارات الخاصة بمشروعات البنية الأساسية مثل المياه والنقل والصحة والتعليم. وتضمنت هذه الإستراتيجية وضع إطار تشريعى ومؤسسى يهدف إلى تيسير سبل تنفيذ هذه المشروعات بالمشاركة بين القطاعين العام والخاص. وفى دراسة بعنوان: «الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص فى مجالات المياه»، أعده الدكتور عمار فتحى موسي، بقسم إدارة الأعمال بكلية التجارة بجامعة مدينة السادات، عرض ملامح البرنامج القومى المصرى للمشاركة مع القطاع الخاص فى مجالات المياه. وتطرق البحث إلى إستراتيجية الدولة لتشجيع وزيادة مشاركة القطاع الخاص فى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية خاصة فى مجال خدمات المنفعة العامة، إذ أخذت الحكومة المبادرة لتقديم برنامج مشاركة القطاع الخاص فى مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة. وتهدف هذه المشاركة إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة إلى المواطنين، ورفع العبء الواقع على كاهل ميزانية الدولة دون التأثير فى قدرتها على تقديم الخدمات بأسعار اجتماعية عادلة، وصنع فرص عمل جديدة، وتشجيع الاستثمار، والاستهلاك مما يؤدى إلى زيادة معدل النمو، وجذب الاستثمارات الأجنبية مباشرة. ومن أهم مشروعات المشاركة فى مجالات المياه والصرف الصحى مشروع مع القطاع الخاص يتضمن إنشاء محطات معالجة مياه الصرف الصحى بالقاهرة الجديدة، وهو أحد المشروعات النموذجية الرائدة فى هذا المجال، إذ قامت من خلال وزارة الإسكان والمرافق والتنمية بدعوة القطاع الخاص للدخول فى مشاركة مع القطاع العام؛ لتصميم وبناء وتمويل وتشغيل وإدارة محطة معالجة مياه صرف صحى بطاقة إجمالية قدرها 250 ألف متر مكعب فى اليوم لمعالجة مياه الصرف الصحى بمدن: القاهرة الجديدة ومدينتى والمستقبل. وبلغت قيمة العطاء المقدم من التحالف الفائز نحو مليارين و646 مليون جنيه. وكذلك تم الاتفاق مع إحدى الشركات المتخصصة على تمويل دراسة الجدوى المبدئية لمحطة تحلية مياه البحر بمدينة الغردقة التى تقدر طاقتها الإجمالية ب40 ألف متر مكعب لثلاثة أيام، لتغذية مدينة الغردقة بالمياه اللازمة. وسيتم بناء المحطة على مرحلتين: الأولى توفر 20 ألف متر مكعب كل ثلاثة أيام، والثانية توفر الكمية نفسها. وبالنسبة لمحطة تحلية مياه البحر بشرم الشيخ يهدف المشروع إلى تمويل وتصميم وإنشاء وتشغيل وصيانة محطة تحلية مياه البحر هناك بطاقة إجمالية تبلغ نحو 20 ألف متر مكعب، وكذلك مشروع محطة معالجة مياه الصرف الصحى ب «أبو رواش» الذى يهدف إلى تصميم وتمويل ورفع القدرة الاستيعابية للمحطة من 1.2 مليون متر مكعب إلى 1.6 مليون متر مكعب يوميا. ويؤكد د. عمار أن هذه النماذج المتعددة من المشاركات بين الحكومة والقطاع الخاص تعكس نجاح الدولة فى جذب استثمارات ضخمة لوضع، وتنفيذ حلول عاجلة لمشكلات بيئية وتنموية ضرورية، بحيث تسهم فى رفع العبء عن الموازنة العامة، مما يدفع فى اتجاه تعزيز هذه المشاركة بين الحكومة والقطاع الخاص فى المستقبل.