لغط كبير دار خلال الأيام الماضية حول رفع سعر تذكرة مترو الانفاق، وكثرت الشائعات حول السعر المنتظر، لكن أحدا لم يلتفت الى تصريح للمهندس هانى ضاحى وزير النقل بشأن الخسائر التى يحققها المترو سنويا والتى قدرها ب180 مليون جنيه.. ومن المعروف ان المترو ينقل ما لايقل عن 2 مليون راكب يوميا، وبالتالى تكون مسألة الخسارة محل تعجب ودهشة، وبحاجة إلى فحص وتفسير. «الاهرام» حصلت من خلال مصدر مسئول بالشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، على بيان بإيراداته ومصروفاته خلال عام ، من يونيو 2013 حتى 1يوليو 2014.. لنجد ان العجز وصل الى 153 مليون جنيه. عرضنا الارقام المجردة على الخبير الاقتصادى د. صلاح جودة ، لنحصل على تحليله لما تحمله من دلالات.. أولا فيما يخص الايرادات فكانت 516.7 مليون جنيه، وهى عبارة عن : 447.5 مليون جنيه قيمة التذاكر المباعة ، و36,2 مليون جنيه قيمه الأشتراكات، اى أن إجمالى ايرادات اليوم الواحد كما يقول جودة هو مليون وأربعمائة ألف جنيه، وإذا كان عدد من يستخدم المترو يومياً نحو مليونى مواطن، وتذكرة المترو قيمتها جنيه، وبالتالى يكون هناك فرق فى الإيرادات يومياً لايقل عن 600 ألف جنيه، وهو ما يرجعه جودة الى الإهمال فى تحصيل الإيرادات، وعدم وجود رقابة صارمة على التزام الركاب بشراء التذاكر. ويضاف الى مصادر الدخل 33 مليون جنيه قيمة إيرادات متنوعة (إعلان تصوير فيلم تأجير محل...)، وهنا يرى جودة تقصيرا كبيرا من الشركة بشأن زيادة الدخل من الإعلانات . أما بالنسبة للمصروفات فقيمتها 670 مليون جنيه، عبارة عن 459 مليون جنيه للمرتبات والاجور، و85.9 مليون جنيه لقطع الغيار، و67.3 مليون جنيه للكهرباء، و13.3 مليون جنيه للنظافة، و 12.3 مليون جنيه للأمن، و32.3 مليون جنيه للحراسة والشرطة، وهنا يعلق د. صلاح جودة بأن هناك بنودا يجب ترشيدها مثل قطع الغيار والنظافة و الحراسة، و بشىء من الادارة الرشيدة للموارد والانفاق، يمكن أن يحقق المترو ارباحا ، خاصة وكما يقول جودة ان هيئة المترو احد روافد هيئة سكك حديد مصر، وهى تمثل اغنى الهيئات لانها تمتلك حوالى 93مليون متر2 أراض حرم السكك الحديدية، وهناك اراض أخرى يمكن استغلالها تجارياً عن طريق انشاء مولات، وتوجد خردة فى هيئة السكك الحديدية بقيمة تتراوح بين 10 و 12مليار جنيه كما يمكن استغلال عربات القطارات فى الاعلانات سواء من الخارج او الداخل، واخيرا فان ورش السكك الحديدية تسطيع ان تسهم فى أعمال الصيانة لمعظم السكك الحديد بالدول الرفريقية والعربية.. لذلك كله يجب ان نستغل مواردنا، قبل التفكير فى الطريق السهل وهو زيادة سعر التذكرة. تكلفة تشغيل مرتفعة د. اسامة عقيل أستاذ الطرق والمرور بكلية الهندسة - جامعة عين شمس يتفق مع جودة فى ان سبب المشكلة بالاساس هو عدم الاستغلال الجيد لامكانات المرفق الذى يرتاده يوميا على الاقل 2 مليون راكب ، اذ من الممكن تقديم خدمات تجارية وترفيهية لهم تدر عائدا مهولا ،يغطى الخسارة بمراحل، فلو ان كل راكب دفع جنيها واحدا مقابل احدى تلك الخدمات ، سيتم تجميع نحو 700 مليون جنيه فى العام. الامر الثانى هو عدم وجود اعلانات بالقدر المناسب، والدخل الذى تدره على شركة المترو بسيط للغاية. الامر الثالث هو وجود تسرب واضح من ماكينات الدخول والخروج، خاصة مع تعطل معظمها. اذا تم اخذ النقاط الثلاث السابقة فى الاعتبار لما كانت هناك خسارة، ولما كانت هناك حاجة لرفع سعر التذكرة، واذا كانت الحكومة ترغب فى رفعها، فعليها اولا ان توفر بديلا آخر بتكلفة مناسبة للمواطن الذى كان يعتمد على المترو فى التنقل ،فالدولة ملزمة بتوفير وسيلة مواصلات بسعر ملائم للمواطنين كى يذهبوا الى اعمالهم يوميا، والموظفة التى تعتمد على المترو يوميا فى الذهاب الى عملها تدفع 60 جنيها فى الشهر ، واذا افترضنا ان سعر التذكرة اصبح الضعف فهذا يعنى ان عليها تحمل دفع 120 جنيها شهريا، فالى اى مدى ستكون تلك الزيادة محتملة ومقبولة ؟! اعتقد ان قرار رفع سعر التذكرة غير سليم او مدروس بشكل جيد. ويشير عقيل الى أزمة حقيقة تعانى منها مرافق الدولة عموما وليس المترو فقط وهى ان مصروفات تشغيلها مرتفعة جدا مقارنة بمثيلتها فى دول العالم، وهو ما يقلل كفاءتها الاقتصادية ، فنجد على سبيل المثال ان هناك عددا من العمال والموظفين يفوق العدد المطلوب ، وبالتالى يستهلكون نسبة كبيرة من الايرادات، فعلى سبيل المثال لدينا خطا مترو وربع خط، سنجد ان فى الخارج يعمل بها نحو الف شخص، بينما لدينا 15 ألف شخص، وللأسف القانون لن يمكن القائم على المرفق من التخلص من هؤلاء العمالة الزائدة. ويتابع عقيل: هناك مشكلة أخرى وهى ان عمليات الصيانة غائبة، وبالتالى عندما يقرر القائمون على المرفق اجراءها تتكلف الكثير، لان المشكلات متراكمة منذ سنوات، وكل ما ذكرته يعنى فى النهاية غياب الادارة الرشيدة للمرفق. على الجانب الآخر، أردنا الحصول على تعليق من المهندس على الفضالى رئيس الشركة المصرية لادارة وتشغيل المترو وحاولنا التواصل معه مرارا دون جدوي، بينما اعتذر محمد حسن مدير عام ايرادات الركاب عن الحديث أكثر من مرة، لكن بشكل غير مباشر.