ما بدر من رئيس الوزراء الاسرائيلى نيتانياهو فى المسيرة الحاشدة قبل أيام فى باريس يجب ألا يمر علينا مرور الكرام. . وينبغى أن نتوقف عنده بالتحليل والفهم لنعرف كيف نفكر نحن.. وكيف هم فى إسرائيل يفكرون. لقد تحين نيتانياهو فرصة اجتماع الدنيا فى قلب باريس، وانشغال كل وسائل الاعلام العالمية بتغطية الحدث، وأطلق تصريحه الشهير بدعوة يهود فرنسا إلى الهجرة إلى إسرائيل. قال لهم: «إسرائيل هى وطنكم!».. والواقع أن المتمعن فى تصرف نيتانياهو بعمق يجب أن يتوقف عند مغزى عبارة رئيس الوزراء الاسرائيلي. إن الرجل فى الحقيقة لم يكن يعنى اليهود بكلامه، بل كان يستهدف «غير اليهود». لقد أراد نيتانياهو تثبيت الأكذوبة التى قامت عليها إسرائيل بأن فلسطين أرض يهودية، وهى الأكذوبة التى ظل الصهاينة يخدعون العالم بها طوال المائة سنة الأخيرة. إن نيتانياهو يعرف جيدا مدى تعاطف الشعب الفرنسي، والسياسة الرسمية الفرنسية، هذه الأيام، مع قضية الشعب الفلسطيني. وهو يدرك أن الأكذوبة الصهيونية التاريخية لم تعد تنطليِ على كثير من الأوروبيين، فقال لنفسه: ولماذا لا استغل هذه المناسبة وألعب لعبة الخداع من جديد، خاصة والأوروبيون غاضبون الآن من المسلمين، ومن بينهم العرب؟ وطبعا، أثارت تصريحات نيتانياهو غضب الحكومة الفرنسية، لكن الرجل لا تعنيه الحكومة، إذ الحكومات تأتى وتروح.. إنما يعنيه العقل الجمعى الأوروبي، الذى ظل مخدوعا فى الأسطورة الصهيونية.. وبدأ الآن يضيق. إن نيتانياهو نظر إلى جواره فرأى أبو مازن يسير فى الصف الأول.. بما يعنى أن الدنيا سوف تتذكر القضية الفلسطينية، فقال لنفسه: تعالوا نذكرهم بقضية اليهود. وينبغى ألا ننسى أن اسرائيل تسير الآن بخطى متسارعة لتكون دولة قومية لليهود وحدهم.. وليذهب العرب الفلسطينيون إلى الشتات! طيب.. إذا كانوا هم فى إسرائيل يلعبون بذكاء هكذا، ولا يتركون فرصة إلا وانتهزوها لتحقيق المكاسب، فلماذا لا نكون نحن العرب أذكياء أيضا، ونذكر العالم بأن أحد أسباب الارهاب، الذى تفشى وانتشر، هو ما حاق بالفلسطينيين من ظلم طوال السنين؟ لماذا لا نذكرهم بما جرى فى غزة مؤخرا ولم يرمش للضمير الأوروبى جفن؟ لماذا لا نقول لهم: ياناس إن الحقائق لا تتجزأ، والارهاب هو الإرهاب، سواء ارتكبته داعش، أو دفع ثمنه أطفال فلسطين؟ لمزيد من مقالات رأى الاهرام