يحتفل المسلمون 1.656 مليار مسلم، يمثلون 23.5% من إجمالى سكان العالم البالغ عددهم 7.200 مليار نسمة، (من بين هؤلاء المسلمين 217 مليونا بالهند و160 مليونا بالصين)غدا بالذكرى ال 1488 لمولد سيد الأنام ، وخاتم النبيين والمبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا محمد الذى تلقى الوحى القرآنى من ربه الذى أدبه فأحسن تأديبه ، فجاء هداية للبشر أجمعين ، خاصة فى هذه الأيام التى انتشر فيها الفساد وظلم الأقوياء فيها الضعفاء ولم يرع الأغنياء فيها الفقراء بل تاجروا فى أقواتهم وحاجاتهم، كما حيكت المؤامرات وشنت الحروب لحرمان الشعوب من ثرواتها وخيراتها، وظهرت الحركات والتنظيمات والجماعات الإرهابية والمتطرفة التى نسبت نفسها الى الإسلام وهى ليست منه فى شيء وهو منها براء، وانحرفت به عن رسالته السامية واهدافه النبيلة وقيمه الخيرة فباتت تتهدد المشكلات والأزمات البشر والأوطان معا. ففى الثانى عشر من ربيع الأول عام الفيل الموافق حينذاك 20 إبريل عام 571 ميلادية، ولد محمد بن عبد الله الذى ينتهى نسبه الى سيدنا أسماعيل، فكان أسعد يوم أشرقت فيه الشمس، فقد ولدته أمه بعد وفاة والده ببضعة أشهر فنشأ يتيماً، ثم تموت أمه وعمره ست سنوات ثم جده عبد المطلب وعمره ثمانى سنين فتولى عمه أبو طالب تربيته ليعمل بالرعى وهو صغير ثم بالتجارة ، ولما شاعت أمانته خطبته السيدة خديجة سيدة قريش التى كانت تعمل بالتجارة، وتستأجر الرجال فى مالها وتضاربهم بشئ تجعله لهم، فتزوجها وهو فى ال 25 من عمره بينما هى بلغت الأربعين ، فكان أمينا على مالها ووفيا لها بعد موتها، حتى إن عائشة أم المؤمنين قالت: «ماغرت من امرأة مثل غيرتى من خديجة لكثرة ثناء الرسول عليها» . ويروى أنه فى يوم مولده اهتز إيوان كسرى وسقطت منه 14 غرفة وخمدت نيران فارس التى كان يعبدها المجوس ولم تخمد قبل ذلك بألف سنة، وفى الثالثة من عمره جاءملكان عليهما ثياب بيض ب «طست» من ذهب مملوء بالثلج ، فأخذاه وشقا صدره وأخرجا من قلبه علقة (مضغة) الشيطان وغسلا قلبه بالثلج حتى انقياه، ويروى أيضا إن راهبا اسمه «بحيرا «بأرض بصرى بالشام كان على علم بما بشرت به التوراة والإنجيل بقدوم النبى أحمد ، قد خرج من صومعته على غير عادته، مستقبلا قافلة التجارة القادمة من مكة وضمت أبا طالب وابن أخيه محمد (12 سنة) وأقام لأعضائها وليمة ، وبعد أن تأكد من علامات النبوة التى ظهرت على محمد حيث كانت تظلله الغمامة وتنحنى له الشجرة لتظله، وشاهد خاتم النبوة أسفل كتفه، طلب من عمه العودة به الى مكة محذرا من خطر اليهود عليه، فعاد به عمه وهو يقول : «لن يفارقنى ولن أفارقه» . وعندما اختلفت قبائل قريش وتناحرت على من يحمل الحجر الأسود عند إعادة بناء الكعبة ، قبلوا بحكم وحكمة الأمين محمد وهو من الخامسة والثلاثين من عمره، حيث أتى بثوب ووضع الحجر الأسود به وطلب من كل قبيله أن تمسك بطرف من الثوب الذى رفعه هو ثم وضع الحجر الأسود للبناء عليه ويروى ايضا أن الرسول وأصحابه عندما كانوا فى طريق هجرتهم الى المدينة مروا على خيمة امرأة اسمها «أم معبد» وسألوها هل عندها من لحم أو لبن يشترونه منها ؟ فلم يجدوا شيئا من ذلك إلا شاة هزيلة عجفاء لاتدر لبنا فاستأذن الرسول أن يحلبها ومسح على ضرعها حيت فاضت باللبن الوفير الذى شرب منه أصحابه، وكان هو آخرهم حيث قال قولته الشهيرة «ساقى القوم آخرهم». إننى أدعو المسلمين وهم يحتفلون بهذه الذكرى العطرة لرسول الله الذى كان قرآنا يمشى على الأرض، وأن يتخذوها منطلقاً للتمسك بدين الله واتباع سنة رسوله وإذكاء روح الإسلام الوسطى حتى لا يخسروا أكثر مما خسروا، فبسبب ضعفهم وفرقتهم وتكالب وتآمر أعدائهم عليهم وقعوا فى فخ الحروب المذهبية والطائفية والفتنة حتى بين أبناء الوطن الواحد، حيث يكاد يقول هؤلاء الأعداء «تقاتلوا.. منا السلاح (بعد أن تدفعوا ثمنه كاملاً) ومنكم الدم والمصابون والأرواح.. ولكم الفرقة والضعف والتفكك.. ولنا ولإسرائيل السيطرة والهيمنة « فهل يدرك ذلك النشطاء والنخبة الذين مللناهم وأحاديثهم عبر الشاشات وأثير الإذاعات؟ كما ادعو المصريين جميعاً فى هذه المناسبة وتلك المرحلة الصعبة الى المزيد من حشد طاقاتهم فى العمل والانتاج والإخلاص لخدمة ورفعة شأن وطننا الغالى مصر، التى كرمها الله بذكرها فى القرآن فى 24 موضعاً منها خمسة بصريح اللفظ والباقى دلت عليه القرائن ، كما كرمها الرسول حيث قال : «ستفتحون مصر إن شاء الله، فأحسنوا الى أهلها واستوصوا بقبطها خيرا فإن لهم ذمة ورحما وصهراً.. «إذا فتح الله عليكم مصر من بعدى، فاتخذوا منها جنداً كثيفاً، فهم خير أجناد الأرض وهم فى رباط إلى يوم القيامة». لمزيد من مقالات فرحات حسام الدين