منذ أكثر من 25 عاما كان المذيع المصري يتحلى بقدر كبير من الرصانة الصوتية والأخلاقية وكان جل مهامه أن يبلغ المشاهدين بمواعيد الفقرات والمسلسلات والبرامج ولا ينسي أن يطعم أداءه هذا بابتسامة ساحرة وطلة بهية. الأهم من هذا كله انه كان حريصا علي تقديم برامج هادفة تستضيف أشخاصا كي يحدثوننا عن موضوع الحلقة»أي والله كان الضيف زمان بيجي عشان يتكلم ويقول كل اللي في نفسه». لان»والعياذ بالله»المذيع بغض النظر عن مرجعياته المهنية وخبراته اللولبية سواء كان صحفيا او ممثلا او مخرج اوسباكا او أي حاجة في أي حته فانه يطل علينا كي يفرضا رأيه بكل بجاحه وسماجة واستفزاز»زي ما تكون الحلقة تخليص حق مع المشاهدين»ويتفنن هذا الحنجري ويبدع في جلب»دمي»عفوا ضيوف كي يكيل لهم الاتهامات والسباب إذا لزم الأمر ومفيش مانع من طرد بعضهم علي الهواء مباشرة وكله في سبيل الإعلانات والتفرد والريادة. المدهش ان لفظ إعلامي الآن أصبح لا يختلف كثيرا من حيث المضمون عن لفظ»مسجل خطر»لان الأول أصبح دوره ينحصر في سب وقذف وترويع الوزير والسيد الدكتور المحافظ ومدير الأمن وطبعا المخضرمون منهم يستعرضون مهاراتهم الصوتية واللغوية في وصلات الردح والشرشحه المطعمتين بإشارات يدوية إذ تلعب الأصابع فيها دورا مكملا للنبرة الصوتية في التنكيل بالحكومة وسنينها السودا وإذا ثبت أنهم اخطئوا لا سمح الله فإنهم يلجئون إلي السلاح التقليدي ألا وهو حرية الإعلام وحرية التعبير»والابتداع»عفوا الإبداع. وفي النهاية يقولون ان البلد مفيهاش ديمقراطية!!! «طب بأمارة أيه؟» إعلامنا الموقر وقنواتنا الغراء تقدم وجبات دسمة من قلة الآداب والدعارة الفكرية وفنون الجنس المحرم وحكايات الشعوذة والدجل بدءا من ضرب الزبيب وجلب الحبيب وانتهاء بكشف المستور والمفجور من حكايات العناتيل في بلاد المحروسة وعندما يتستفيق احدهم وتظهر عليه ملامح النخوة والرجولة والعياذ بالله يخرج علينا بأحدث صيحات العلاج الجنسي كما لو أن مصر الكنانة كل مشاكلها وقضاياها جنس ودعارة وعهر اجتماعي وإنساني. إنني أتمني ونحن علي عتبات عام جديد ان نطوي صفحة 2014 بكل مافيها من خير وشر ونفتح صفحة جديدة ليس فيها إعلام العهر والدعارة .