أسعار الخضروات اليوم الثلاثاء الموافق 11/6/2024 في سوهاج    أسعار التصالح في مخالفات البناء بأحياء شبرا والشرابية والساحل.. اعرف المتر بكم    البورصات الخليجية تغلق على تباين.. والمؤشر القطري يصعد للجلسة التاسعة على التوالي    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال رصف طريق الحصفة بالرياض    أمريكا تتعهد بتقديم مساعدات جديدة للفلسطينيين بقيمة 404 ملايين دولار    شولتس: السلام في أوكرانيا سيتطلب موافقة بوتين على سحب القوات    «ناسا» تكشف عن المكان الأكثر حرارة على الأرض.. لن تصدق كم بلغت؟    بعد خماسية اليابان.. كوبر يستقيل من تدريب منتخب سوريا    كوبر يتقدم باستقالته بعد الهزيمة القاسية لسوريا أمام اليابان    ندوة تثقيفية لمنتخب مصر للكرة الطائرة حول مخاطر المنشطات    مدرب بلجيكا: دي بروين يتلقى إشارات في الملعب من طائرة دون طيار    بدائل الثانوية العامة 2024: خيارات جديدة للطلاب بعد الشهادة الإعدادية    اندلاع حريق في قصر فرساي ورجال الإطفاء يخمدونه بسرعة    محمود الجارحي يكتب: سفاح التجمع.. على أعتاب حبل المشنقة    التموين: ضبط 11 طن دقيق خلال يوم    قبل طرحه بالسينما.. محمد إمام يشوق الجمهور لفيلمه الجديد "اللعب مع العيال"    عبدالقادر علام: التفرد والتميز ضمن معايير اختيار الأعمال فى المعرض العام 44    تعرف على أهمية يوم عرفة في الإسلام    بريطانيا: ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة يصيب سوق الوظائف بالوهن مجددا    إنييستا: تعاقد برشلونة مع صلاح كان ليكون مميزا    قبل أيام من عيد الأضحى.. تفتيش 81 منشأة غذائية وضبط 22 جهة تعمل بدون ترخيص في الإسكندرية (صور)    عيد الأضحى في المغرب.. عادات وتقاليد    يورو 2024 - الإصابة تحرم ليفاندوفسكي من مواجهة هولندا    "التنظيم والإدارة" يتيح الاستعلام عن القبول المبدئي للمتقدمين في 3 مسابقات    «الدفاع الروسية» تكشف أسباب تحطم طائرة "سو-34" خلال طلعة تدريبية    5 أعمال ثوابها يعادل أجر الحج والعمرة.. تعرف عليها    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    الأعلى للإعلام يستدعي الممثل القانوني ل أمازون مصر    هيئة الرعاية بالأقصر تكرم 111 فردا من قيادات الصف الثاني بالمنشآت التابعة لها    أهم النصائح والإرشادات للحاج للمحافظة علي صحته خلال تأدية المناسك    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    رئيس الضرائب: المصلحة تذلل العقبات أمام المستثمرين السنغافوريين    مصرع 39 شخصا في غرق مركب تقل مهاجرين قبالة سواحل اليمن    رئيس هيئة الدواء: حجم النواقص في السوق المصري يصل ل7%    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    حكم كثرة التثاؤب أثناء الصلاة وقراءة القرآن.. أمين الفتوى يوضح    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    أول تعليق ل حسام حسن بعد تعادل منتخب مصر وغينيا بيساو    بالصور- محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    تطوير مستشفى مطروح العام بتكلفة مليار جنيه وإنشاء أخرى للصحة النفسية    مجد القاسم يطرح ألبوم "بشواتي" في عيد الأضحى    للمرة الأولى بالحج..السعودية تدشّن مركز التحكم والمراقبة لمتابعة حركة مركبات بمكة المكرمة    المجلس الوطني الفلسطيني: عمليات القتل والإعدامات بالضفة الغربية امتداد للإبادة الجماعية بغزة    رئيس جامعة بني سويف يرأس عددا من الاجتماعات    «الصحة» إدراج 45 مستشفى ضمن البرنامج القومي لمكافحة المقاومة لمضادات الميكروبات    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    رضا البحراوي يُحرر محضرًا ضد شقيق كهرباء بقسم المعادي    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    محاولات للبحث عن الخلود في "شجرة الحياة" لقومية الأقصر    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    الدولار يقترب من أعلى مستوياته في شهر أمام اليورو    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    موعد ومكان تشييع جنازة وعزاء الفنانة مها عطية    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    أحمد كريمة: لا يوجد في أيام العام ما يعادل فضل الأيام الأولى من ذي الحجة    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسييس محاكمة مبارك؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 12 - 2014

أدَّى التركيز على الحلقة الجديدة مما سُمِّىَ محاكمة القرن إلى صدمة هائلة بين شباب الثورة لأن حلمهم بالحكم بالإدانة قد تبدد. ويحكم القاضى بالورق، كما يُقال، ومع أن الورق واحد فقد حكم القاضيان بحكمين متناقضين أحدهما بالمؤبد والآخر بالبراءة.
ويعنى هذا أن القضاة يتقيدون بالورق ولكنْ من خلال تقديراتهم التى يمكن أن تختلف وحتى تتناقض فى فَهْم كلٍّ من القوانين والوقائع. وهنا منفذ لأمل أحبطه الحكم بالبراءة على غير المتوقع فأصيب الشباب بالصدمة والذهول والغضب. غير أن أمل الإدانة لم يكن ليستبعد تسييسا يُرجِّح كفة البراءة. وكان التسييس المتوقع هو تدخُّل الدولة بصورة تُضعف أمل الإدانة. وقد جرى فَهْم التسييس وعدم التسييس بطريقة بعيدة عن المعنى الصحيح للتسييس، أىْ كأنه بالضرورة تدخُّل مباشر من السلطة وخضوع من القضاء. ويبدأ التسييس من البداية وليس من القاضى الأخير. ففى مصر تسيطر السلطة التنفيذية وحدها على سلطة الدولة، وتضع القوانين التى تلتزم السلطة القضائية بتطبيقها، ولا تقوم «السلطة التشريعية» إلا بإصدارها. وهذا هو التسييس الأول والرئيسى للقضاء عبر الدستور والقانون.
ويتمثل تسييس آخر فى تبعية السلطة القضائية للدولة من خلال رئاسة رئيس الجمهورية للمجلس الأعلى للقضاء، وتبعية القضاء لوزارة العدل.
وفى مجال تطبيق هذه القوانين تتمثل سيطرة السلطة التنفيذية فى أن أجهزتها هى التى تُقدِّم أو تُخفى أو تزوِّر أو تطمس أو تفرم الأدلة، وتقوم النيابة التابعة للسلطة التنفيذية بتكييف القضية للوصول بها إلى تبرئة ساحة رجال الدولة أو إلى إدانة كباش فداء. وبعد كل هذا يأتى دور القاضى وقد يظهر هنا فارق صغير أو كبير بين قاضٍ وقاضٍ. ويحلم الشباب بدستور ينص على فصل السلطات على أساس الديمقراطية واستقلال القضاء. غير أن فصل السلطات مستعصٍ فى البلدان الرأسمالية المتقدمة ومن باب أولى فى بلدان الرأسمالية التابعة. وإنما ينبغى العمل الدءوب فى سبيل تحقيق ديمقراطية شعبية من أسفل ليس فقط فى فترة الثورة الشعبية بل قبلها وفى أثنائها وبعدها. ومادامت قوى الثورة أضعف بما لا يُقاس من قوى الثورة المضادة فإنها لن تحصل على أكثر من مكاسب جزئية، وإنْ كانت الثورة الشعبية المصرية بالذات قد حققت لأسباب ظرفية واستثنائية مكاسب هائلة منها تفادى الحرب الأهلية التى تطارد أشباحُها كل ثورة شعبية وبداية التحرُّر من كابوس الدولة الدينية. ولا مهرب لقوى الثورة الشعبية من أن تطوِّر قوتها الفكرية والشعبية والتنظيمية كشروط إلزامية لتحقيق أهدافها.
وتقوم الأجهزة الأمنية بإتلاف أدلة القضية وتتولى النيابة العامة تكييفها بحيث لا تنتهى إلى إدانة، وهذا هو ما ستقوم به النيابة من جديد بعد طعنها على حكم المحكمة، بينما يتخذ القضاء موقف الصمت إزاء تكييف النيابة للقضية، وهكذا جاء الحكم صادما فقوبل بالاحتجاجات الغاضبة من جانب شباب الثورة، ويحاول الإخوان المسلمون والسلفيون أن يصطادوا فى الماء العكر. واختارت الدولة، من خلال النيابة العامة تكييف القضية على هذا النحو المعيب؛ وقضت باستبعاد مقاضاة مبارك بشأن وقائع قتل المتظاهرين، وعللت ذلك بأن قرار اتهام وزير الداخلية ومساعديه قبل ستين يوما لم يشمله. وتجاهلت أن ظهور شريك جديد فى جريمة لا يحُول دون إضافته إلى قرار الاتهام فصار من الممكن تفادى محاكمة مبارك على القتل، مع أن قاضى المحاكمة الأولى حكم عليه بالمؤبد بلا تردُّد رغم قرار الاتهام السابق. إننا فى الحقيقة إزاء جريمة كاملة الأركان لمؤامرة استهدفت تبرئة مبارك ونظامه وعصابته. ومع أن الدولة ظلت تلهج بالثناء على العدالة الانتقالية، قررت استبعادها لحصر المحاكمة فى القضاء العادى، واقتصرت القضية على أسبوع واحد، من 25 يناير إلى 31 يناير، مع أن مبارك ظل رئيسا لمصر طوال أكثر من عشرة أيام أخرى تواصَلَ فيها القتل واشتدّ. وتم تفادى المحاكمة السياسية لنظام مبارك على فساده ونهبه لأموال الشعب واستبداده البوليسى. وبدأت احتجاجات واسعة فى الجامعات المصرية على حكم البراءة، ويحاول الإخوان توظيفها لمصلحة قضية الخلافة الإسلامية. وأعتقد أن هذه الاحتجاجات ستكون قصيرة العمر، لأن السكوت الطويل على استبعاد المحاكمة السياسية، وعلى ترجيح البراءة فى محاكمة الإعادة، وعلى البراءات والإفراجات المتواصلة لرموز عهد مبارك، لا يبشر بصحوة ثورية عميقة مفاجئة.
ومن اللافت أن محاكمة الإعادة اكتفت بإدانة سياسية بلاغية، على عكس المحاكمة الأولى التى رتبت على إدانتها السياسية لنظام مبارك حكما عليه بالسجن المؤبد. ومن اللافت أيضا أن قضاة المحاكمتين، رغم تيقُّنهم ككل مواطن من أن القضية مطبوخة بصورة مهينة للشعب وللقضاء، لم يرفضوا المشاركة فى هذه المهزلة دفاعا عن استقلال القضاء وكرامته. ويتمثل الموقف الصحيح فى اعتقادى فى المطالبة بإعادة محاكمة مبارك وفقا لمقتضيات العدالة الانتقالية، لتشمل المحاكمة ثلاثين عاما من نظام مبارك الذى كاد يهدم الدولة ويدفن الشعب تحت الأنقاض، ولا سبيل لتحقيق مستويات من استقلال القضاء سوى النضال ضمن نضالات الديمقراطية الشعبية من أسفل.
لمزيد من مقالات خليل كلفت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.