يُروى أن شابا سوريا ذهب للعمل بالولايات المتحدة ، فوقع فى حب فتاة نصرانية ، وقرر الزواج منها فلم يستطع لأن والده قال : ( أنا لا أريد أن يتزوج ابنى إلا من مسلمة ) . فرد الابن : ولكن ذلك لا حرمة فيه . فكان جواب الأب : أعلم تماما أن المسلم يحل له الزواج من كتابية (نصرانية أويهودية ) وقد تزوج سيدنا حذيفة بن اليمان رضى الله عنه من يهودية ، وأعلم أن العكس غير صحيح ، وأن زواج مسلمة بنصرانى أويهودي يعتبر زنا ، ولكنى لن أوافق على هذا الزواج. تفتق ذهن الشاب عن فكرة ، وهى دعوة الشابة للدخول فى الاسلام ، وبالفعل أحضر لها كتبا ( انتقاها بصدق ) بهذا الشأن ، فطلبت أن يتركها ثلاثة أشهرلا يكلمها حتى تنتهى من قراءة الكتب . وبعد انتهاء المدة رفع سماعة الهاتف ، وسألها فقالت : أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستبشر جدا ، وسألها متى نتزوج ؟ فكانت الإجابة المدوية : لن أتزوجك . فقال متسرعا : هل تعرفتِ على أحد غيرى ؟ فقالت بفخر وعزة ومعرفة بدينها : حرامٌ على امرأة مسلمة أن تعرف رجلا فى الحرام . فسأل عن السبب ، فقالت : لأن ما أنت عليه فى حياتك لا علاقة له بما فى الكتب التى تؤمن بها !!! تذكرنا هذه القصة الحقيقية بمقولة للمستشرق اليهودى ليوبولد فايس (1900- 1992م )الذى أسلم وتسمى ( محمد أسد ) نقلها عنه تلميذه مراد هوفمان ( ألمانى أسلم كان مسئولا عن الاعلام فى حلف شمال الأطلنطى ( الناتو ) في بروكسل من عام 1983 حتى 1987) : الحمد لله أننى أسلمت من قراءة كتب المسلمين قبل أن أتعرف على المسلمين . وكان ليوبولد فايس ( درس الفلسفة والفن ، وعمل مراسلاً صحفياً في الشرق العربي والإسلامي ، وأقام مدة في القدس والتقى فى القاهرة شيخ الأزهرالإمام مصطفى المراغي ، ثم بدأ بتعلم اللغة العربية في أروقة الأزهر ، وهو لم يزل بعدُ يهودياً ، ثم عمل رئيساً لمعهد الدراسات الإسلامية في لاهور وألف كتابى (الإسلام على مفترق الطرق) و(الطريق إلى مكة) ، وترجم معاني القرآن الكريم وصحيح البخاري إلى اللغة الإنجليزية ) كان يرى أن هناك فجوةً كبيرة بين واقع المسلمين المتخلف وبين حقائق دينهم المشّعة . ولو أننا تمعنا فى دلالات القصة ومقولة ليوبولد فايس وأسقطناها على واقع معاملاتنا اليومية فى الطرق والأسواق والمتاجر وأماكن العمل والمصالح الحكومية ، وفى علاقات الجوار والزمالة والقرابة والزواج ، وعلى الخلافات الفكرية والسياسية ، وعلى سلوكيات المعلم والتلميذ والمهندس والطبيب والموظف والسائق وحارس العمارة والضابط والسياسى والاعلامى والداعية وغيرها من الوظائف ، فماذا سنجد ( إن كنا منصفين ونبغى الاصلاح حقا ) ، وبماذا ستحكم علينا الفتاة الأمريكية ؟ وكان الشيخ الشعراوى رحمة الله عليه يقول : لوأن كل سفير لدولة اسلامية اعتبر نفسه سفيرا للاسلام وليس سفيرا لحكومة بلاده لتغيرت نظرة الغربيين كثيرا عن الاسلام . ولكن المواطن الغربى يرى سفير الدولة الاسلامية يشرب الخمر مثله ، وزوجته ترقص عارية مع كل من يطلب الرقص كما يفعل الغربى ، ولا يراه يصلى فرضا من الفروض الخمسة ، ولا يصوم شهر رمضان ، ويكذب ويخادع ويراوغ باسم الدبلوماسية والاتيكيت ، فلا خلاف بين الغربى وسفير الدولة الاسلامية إلا فى الاسم فقط . عندئذ تترسخ فكرة معينة عن المسلم ، فإذا وجد الغربى شخصا آخر ملتزما بدينه الصحيح كان فى نظره متشددا وارهابيا ورجعيا وكارها للغرب وللانسانية جمعاء . ولا يقتصرالانفصام فى الشخصية بين سلوكيات المسلم اليومية وبين ما هو موجود فى كتاب الله عز وجل وسنة خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم على العوام والدهماء فقط ، بل يصل الأمرإلى القائمين على أمر الدعوة ( ذهب كاتب هذه السطور لمديرية أوقاف كبيرة ،فوجدتهم يدخنون السجائر، والموظفون يتصرفون كما لو كانوا فى موقف للميكروباص فى ميدان رمسيس ، ومديرالمديرية يَصلُح لأى عمل غير الدعوة إلى الله عزوجل ) . وزاد الطين بلة أن زميلا لى خبيرا بأحوالهم قال : ( لا تتعجب إنهم لا يُصَلُون أصلا ) . [email protected] لمزيد من مقالات عبدالفتاح البطة