رنة مميزة على تليفونى المحمول تعلن وصول رسالة تحمل أخبارا جديدة. "صدور بيان الأزهر العالمى". قفزت تلك الرسالة القصيرة على شاشة تليفونى المحمول إيذانا بوصول خبر هام جديد. وسارعت على الفور بالإطلاع على "بيان الأزهر العالمى" الصادر عن مؤتمر الأزهر حول مواجهة الإرهاب والتطرف الذى دعا إليه الأزهر الشريف وعقد بالقاهرة على مدى يومى 3و4 ديسمبر 2014 برئاسة فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب ومشاركة رؤساء المذاهب الإسلامية المختلفة ورؤساء كنائس الشرق وفى مقدمتهم صاحب القداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ، كما حضره علماء مسلمون ومسيحيون من مختلف دول العالم. الدعوة إلى المؤتمر جاءت كمبادرة من الأزهر الشريف لتحديد المفاهيم ومراجعة والتدقيق فى المقولات التى أساء المتطرفون والجهات الخارجية التى تدعمهم وتحركهم توظيفها فى عملياتهم الإرهابية التخريبية داخل المجتمعات الإسلامية بوجه عام وداخل الدول العربية ومصر على وجه التحديد. لقد كان المؤتمر محاولة ناجحة من الأزهر لرفع الصوت الإسلامى الحقيقى المعتدل المتجرد عن الهوى عاليا فى وجه الصخب المفتعل لدعاة الفتنة والقتل والسرقة بإسم الدين والكتب السماوية. وجاء بيان "الأزهر العالمى" بمثابة إعلان للحرب على الحالة غير المسبوقة من التوتر والإضطراب وإنعدام الأمن والإستقرار وإنتشار الفتن الناجمة عن ظهور تنظيمات ومنظمات وجيوش تعتمد على إرهاب الآمنين لتحقيق أهدافها الخاصة التى لا علاقة لها بدين أو أخلاق. لقد أطلق العدو الذى هجم على أمتنا وأوطاننا قذائفه الفكرية فنسف عقول البعض وحول البعض الآخر إلى قتلة وسفاحين مأجورين. ومن هنا رد الأزهر والكنيسة بتوجيه قذائف "فكرية" مضادة تستند إلى صحيح الدين والأخلاق والأعراف والعلم. لقد ضم "بيان الأزهر العالمى" عشر نقاط كانت كل منها بمثابة القذيفة الموجهة إلى قلب أعداء الأمة والدين والخير. فقد أطلق البيان قذيفته الأولى التى قالت بأن: "كلَّ الفِرَقِ والجماعاتِ المُسلَّحةِ و"المليشيات" الطائفيَّةِ التي استعملت العنفَ والإرهابَ في وجه أبناء الأمةِ رافعة زورًا وبهتانًا راياتٍ دينيةً، هي جماعاتٌ آثمةٌ فكرًا وعاصيةٌ سلوكًا، وليست من الإسلامِ الصحيحِ في شيءٍ". وتم توجيه القذيفة الثانية إلى أصحاب المخططات الخارجية التى تستهدف تفتيت الأمم والدول العربية على أسس طائفية حيث قال البيان : "التأكيدُ على أنَّ المسلمين والمسيحيين في الشرقِ هم إخوةٌ، ينتمون معًا إلى حضارةٍ واحدةٍ وأمةٍ واحدةٍ، عاشوا معًا على مدى قُرون عديدة، وهم عازِمون على مُواصلةِ العيشِ معًا..". وأضاف : "إنَّ التعرُّضَ للمسيحيين ولأهل الأديان والعقائد الأخرى باصطناع أسبابٍ دِينيَّةٍ هو خُروجٌ على صحيحِ الدِّينِ وتوجيهاتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وتنكرٌ لحقوقِ الوطنِ والمواطنِ." كما تم توجيه قذيفة ثالثة فى وجه من يريدون إستدعاء مشاهد خروج يهود موسى من مصر بهدف إشعال نار الكراهية والفتنة ونشر الشر : "إنَّ تهجيرَ المسيحيين وغيرِهم من الجماعاتِ الدِّينيَّةِ والعِرقيَّةِ الأخرى جريمةٌ مُستَنكرةٌ، نُجمِع على إدانتِها؛ لذلك نُناشد أهلَنا المسيحيين التجذُّرَ في أوطانهم، حتى تزولَ موجةُ التطرُّفِ التي نُعاني منها جميعًا". كما حذر من يتلاعبون بصورة الإسلام فى الغرب بهدف تشويهه والنيل منه. ودعا إلى لقاء حوارى عالمى للتعاون على صناعة السلام وإشاعة العدل. وقدم البيان رؤية إيجابية لسبل علاج عمليات "غسل الأدمغة" التى تعرض ويتعرض لها الشباب العربى المسلم من قبل دعاة الشر ومروجى التكفير. ووجه البيان دعوة إلى العالم العربى ليتعاون فى كافة المجالات وعلى كافة المستويات لحماية البلاد العربية. و"طالب المؤتمر بقوة العلماء والمراجع الدينية فى العالم العربى والإسلامى بتحمل مسؤولياتهم أمام الله والتاريخ فى إطفاء كل الحرائق المذهبية والعرقية وبخاصة فى البحرين والعراق واليمن وسوريا." وتم إختتام البيان بقذيفة نافذة فى قلب كل إرهابى مخرب حيث قالت :"إن المؤتمر يؤكد على أن الشرق بمسلميه ومسيحييه يرى أن مواجهة التطرف والغلو وأن التصدى للإرهاب أيا كان مصدره وأيا كانت أهدافه هو مسؤوليتُهم جميعًا." وباختصار أكد البيان ب"قذائفه الفكرية" الموجهة أن المسلم والمسيحى يد واحدة فى الإيمان والأخلاق وعمل الخير وهى الرسالة الحقيقية التى بعثتها إليهم السماء. لقد بدأت مرحلة جديدة فى "الحرب الفكرية". دارت تلك الأفكار فى ذهنى فنحيت تليفونى المحمول جانبا ونظرت إلى الأفق فى صمت.