لا بد للمسلم أن يستبشر في كل أحواله، معلنا رضاه بقسمة مولاه، متخذا من بلائه مطية لبلوغ مرماه، فعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله لخير، إن أصابته سراء فشكر كان خيرًا، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرًا، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حال المؤمن الصابر الراضي بقضاء الله تعالى. وقديما قال الشاعر الجاهلي لبيد بن ربيعة في معلقته: فاقنعْ بما كتَبَ المَليكُ فإنّما *** قَسَمَ الخلائقَ بيننا علاّمُها ومن هنا فإن المرض هو بلاء يبتلي الله تعالى به الإنسان لينظر هل يصبر أم يجزع؟ وهو اختبار إيماني وتمحيص من الله تعالى للعبد، هل سيسلم بقضاء الله وقدره ويرضى به فيرضى الله عنه ويكتب لك الفوز العظيم والثواب الجزيل، أم ييأس ويقنط من رحمة الله فيخسر الثواب، ويفقد العافية، ويفوته رضا مولاه جل وعلا. من فضل الله علينا أن ديننا لم يترك لنا شيئًا إلا وحدثنا عنه أو أعطانا مفاتيح العلم به، وكثيرًا ما نخطئ في أمور كثيرة حين ننظر إلى الأسباب المادية المحسوسة ونحتكم إليها دونما أن نحتكم للمعايير الإيمانية التي هي أقوى سلاح في يد المسلم، فمن صميم عقيدتنا أن الدواء لا يشفي والطبيب لا يشفي، ولكن الشافي الحقيقي الذي بيده الشفاء هو الله تبارك وتعالى، وما الطبيب والدواء إلا مجرد أسباب نأخذ بها وأمرنا بها رسولنا الكريم، ونحن مسئولون أمام الله عن تركها، أما النتيجة الحقيقة فهي بيد الله تعالى، ولا بد أن نعلم أن عقيدتنا كمسلمين في المرض مختلفة عن نظرة الآخرين له، حيث إنه يشيع في بلاد الشرق والغرب أن هناك أمراضًا لا شفاء لها، وهذا ما يخالف عقيدتنا؛ لأن رسولنا صلى الله عليه وسلم قال: "... فإن الله تعالى لم يضع داءً إلا وضع له دواءً..." [رواه الحاكم]، ويقول صلى الله عليه وسلم: "إن الذي أنزل الداء أنزل الشفاء" [رواه الحاكم]، ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم: "لكُلّ دَاءٍ دَواء فإِذا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجلَّ"، فلو عجز الدواء عن الشفاء فربما يشفي بإذن الله الدعاء، وصدق من قال: لكل داءٍ دواءٌ يُسْتَطَبُّ بِهِ *** إلا الحماقةَ أعْيَتْ مَنْ يُداوِيهَا لمزيد من مقالات د . جمال عبد الناصر