قرابة نصف قرن تقريبا تفصلنا بين فيلم ركلام غادة عبد الرازق ورانيا يوسف وبين روائع نجيب محفوظ مثل بداية ونهاية والقاهرة30 والسمان والخريف وزقاق المدق وغيرها من الأفلام سواء المصرية أو العالمية وأهمها غادة الكاميليا وآخرها وأشهرها امرأة جميلة لجوليا روبرتس وكلها أفلام تناولت موضوع الفقر المدقع الذي يدفع بطلة الفيلم إلي ممارسة الرذيلة وبيع جسدها والعمل كبائعة هوي أو عاهرة أو ساقطة. ومهما قدمت السينما من أفلام عن هذا الموضوع إلا أن الباب يظل دائما مفتوحا أمام تقديم المزيد حيث إن القصص والحكايات المؤدية إلي انحراف المرأة تصلح جميعها في حد ذاتها لتقديم أي عمل فني جديد بما فيها من ميلودراما تتفاوت بين العادية والفاقعة.. لكن يتوقف كل هذا علي شرط واحد وهو تقديم جديد أو معالجة مختلفة فليس من المعقول أن المشاهد الذي فتح عينه علي أهم كلاسيكيات السينما المصرية أو العالمية يمكن أن يقبل بعد ذلك بفيلم آخر من نفس النوعية دون أن يكون مصحوبا بأي شئ معاصر للزمن الذي يعيشه. وفي الحقيقة أن ركلام هذا لايقدم أي جديد يفتح به شهية أي مشاهد للإقدام علي مشاهدته اللهم إلا وجود كل تلك الميلودراما الفاقعة التي يقطر لها الجبين ياعيني!, ثم فجأة تجد نفسك مضطرا للسؤال عن مضمون الفيلم أو عن الذي يريد ان يقدمه.. وفي النهاية لن تجد لاسئلتك أي اجابة سوي ان البطلة بل البطلات الأربع يقاومن الرذيلة في البداية ولكن مع قسوة الظروف والمجتمع والناس يضطررن للتسليم وإن كان علي مضض ولأن آخر الحرام أو السكة البطالة اخرتها وحشة لذلك نجد أن مصير تلك البطلات الأربع في نهاية الفيلم السجن وما تابع ذلك من فضيحة لأهلهن وتوتة توتة تخلص الحدوتة الملتوية المكررة التي قتلت بحثا في أفلام أهم منه ألف مرة لتخرج بعد ذلك وتسأل نفسك مرة أخري لماذا يعاد تقديم مثل هذه النوعية من الأفلام مرة أخري طالما أنها لاتحمل أي جديد يبرر إعادة تقديمها! الإجابة طبعا لكي تمارس غادة عبد الرازق الدور الذي تعشق تقديمه بدءا من غمز العيون ومرورا بشرب الشيشة وانتهاء بالغواية والاغراء وكل تلك المشهيات التي تجيد غادة تقديمها في كل ادورها المتفصلة خصيصا علي مقاسها ورغبتها سواء في المسلسلات أو الأفلام والغريب أن رانيا يوسف هي الأخري تسير علي نفس درب غادة فهي الموهوبة الجميلة التي تجيد بل ونجحت بالفعل في اثبات موهبتها في أعمال بعيدة عن الاغراء ومع ذلك تتخلي عن كل ذلك لا لشئ الا لتظل هي مثالا للجمال والاغراء. كان من الممكن ان ترتفع اسهم فيلم ركلام ليصل إلي مصاف الأفلام المهمة لو أن مؤلفه مصطفي السبكي فضل المعني والقيمة والثراء الفكري فيه ولكنه تعامل مع الموضوع بشكل سطحي حتي وأن بذل المخرج علي رجب جهدا ملحوظا في خروج الفيلم بشكل متماسك ولكن ورغم ذلك الاداء لبطلات الفيلم خصوصا غادة ورانيا وعلا رامي التي جاء ادائها مفاجأة بكل المقاييس فإن الفيلم كله علي بعضه لن يرتقي ابدا إلي مصاف الأفلام المهمة بل وبرغم كل الايجابيات التي ذكرناها لن يخرج ابدا عن مصاف الأفلام الهابطة وسيظل هناك دائما فرق شاسع بين فيلم القاهرة30 وركلام2012, والفرق طبعا ليس لمصلحة الأخير. لأنه لم يستطع ان يقدم أو يضيف عليه أي جديد برغم أننا اصبحنا علي مشارف القرن ال.22