وكأن أجسادنا فى حاجة للمزيد من الأمراض مزمنة كانت أو مستعصية ، فها هى أنيميا البحر المتوسط «الحاضر الغائب» ، تتسلل الينا من خلال جينات يتوراثها أشخاص بعضهم يعلمون أنهم يحملونها ، ومنهم من ينقلها لأبنائهم حينما يشرعون فى الزواج دون أن يدروا أنهم سيتكبدون الغالى والنفيس لعلاجهم من هذا الداء. والمذهل أن 8 ملايين مواطن تقريبا يحملون تلك الأنيميا ، والكارثة أن 70% منهم أصيبوا بسببها بفيرس » سى » بداية تؤكد الدكتورة آمال البشلاوى أستاذ طب الأطفال وأمراض الدم بطب قصر العينى ورئيس الجمعية المصرية لأصدقاء مرضى أنيميا البحر المتوسط أنه مرض وراثى يسبب عدم تكوين الهيموجلوبين بكمية كافية لمن يحمله ، ولذا يحتاج الى نقل دم بصفة دورية.. وهناك 3أنواع لهذا المرض.. أولها : الشديدة ، وفيها يحتاج الطفل الى نقل الدم خلال السنة الاولى من حياته ، والثانية : المتوسطة.. وفيها تظهر علامات الأنيميا او فقر الدم على المريض بعد سن عامين او أكثر، وقد لا يحتاج المريض إلى نقل الدم، بل يحتاج الى المتابعة الطبية الدورية ، أما النوع الثالث فهو حامل المرض، وهو إنسان طبيعى لا يشكو من اى شيء ولا يبدو عليه مظاهر الأنيميا ولكن قد يكتشفها بالصدفة من خلال تحليلات الدم. وتنبه د.آمال البشلاوى إلى الخطورة التى تترتب على عدم الكشف عن أنيميا البحر المتوسط قبل الزواج، فأى عروسين مقبلين على حياة زوجية لابد لهما من إجراء فحوص للتأكد من أنهما أو كليهما غير مصاب بتلك الانيميا ، وفى حال جاءت النتائج إيجابية يجب العلاج أولا، وإلا فهناك احتمال بنسبة 25 % أن يكون المولود مصابا بالمرض واعتقد أنه من الضرورى سن تشريع يلزم جميع المقبلين على الزواج بالفحص. وتضيف : وحتى نكون على بينة من الآثار المدمرة لأنيميا البحر المتوسط نشير إلى أن هناك نحو 70% من المرضى به يصابون بفيرس » سى »بسبب نقل الدم المستمر، لأن تكرار النقل يؤدى إلى تراكم الحديد داخل أجسام المرضي, وعدم التخلص من الزائد منه فيترسب داخل الكبد محدثا تليفا به ، وكذلك يترسب الحديد داخل القلب مسببا خللا فى عضلاته، كما يترسب فى الغدد النخامية مما يؤدى الى تأخر النمو الجسمانى لدى الاطفال والبلوغ. وتتمثل أعراض هذا المرض ومضاعفاته فى الشحوب مما يستدعى نقل الدم المستمر، وتضخم الكبد والطحال، والذى تنتج عنه زيادة فى حجم بطن المريض، وقد يكون هناك اصفرار فى بياض العين، ولا علاقة إطلاقا لأنيميا البحر المتوسط بمرض لوكيميا الدم، ولكن قد يحدث للمريض ورم خبيث بالكبد نتيجة لتراكم الدهون، والتهاب كبدى (سي). « زرع الخلايا » أما عن علاجه فتدعو آمال البشلاوى المرضى إلى ضرورة استعمال أدوية التخلص من الحديد وأهمها التى تؤخذ عن طريق الفم سواء مرة واحدة أو عدة مرات فى اليوم وهى أقل من ناحية الآثار الجانبية مقارنة بالدواء الذى يؤخذ عن طريق الحقن تحت الجلد وتنتج عنه مضاعفات تصيب المريض، وفى هذه الحالة يجب على المرضى المتابعة بالتحاليل والفحوص الطبية أولا بأول، وتشير إلى أنه بفضل اكتشاف الأدوية التى تؤخذ عن طريق الفم فقد استطاع هؤلاء المرضى ممارسة حياتهم الطبيعية فى التعليم وشغل الوظائف، والزواج، والإنجاب ، كما ان هناك طريقة أخرى للعلاج والشفاء من هذا المرض وهى من خلال زرع الخلايا من الأم أو زرع النخاع من الأخ أو الأخت السليمة إذا كان هناك توافق فى الأنسجة، ولا توجد أى مضاعفات للمتبرع. أما عن طرق الوقاية من هذا المرض فقد استطاعت بعض بلدان العالم تقليل أعداد المصابين بهذا المرض عن طريق نشر الوعى لدى الجمهور بواسطة الإعلام, ويمكننا أن نضم لمناهجنا التعليمية فصلا يتحدث عن مرض أنيميا البحر المتوسط وذلك على سبيل التوعية به, وكذلك توفير المراكز التى تستطيع الكشف على الجنين على غرار القسم الذى تم إنشاؤه فى مستشفى ابو الريش للأطفال للكشف عن المرض لدى الأجنة، وحاملى المرض قبل الزواج، حيث إنه يمكن منع إنجاب طفل مريض اذا كان الزوجان حاملين للمرض، وذلك عن طريق طفل الأنابيب، بانتقاء البويضة المخصبة من الأب الخالية من المرض لزرعها فى رحم الأم. وتنهى البشلاوى حديثها مشيرة إلى أن الجمعية المصرية لأصدقاء مرضى أنيميا البحر المتوسط أنشئت لرعايتهم صحيا واجتماعيا وتعتمد على تلقى التبرعات لتوفير الدواء اللازم لهؤلاء المرضى كما تعمل على تأهيلهم للالتحاق بالعمل بنسبة 5%.