سعر الدولار اليوم السبت 8 يونيو 2024 في البنوك    جنون أسعار الفراخ اليوم السبت 8 يونيو.. ولا عزاء لأصحاب المزارع    احذر.. الحبس وغرامة 50 ألف جنيه عقوبة فتح محل دون ترخيص    رئيس أذربيجان يصل مصر ويلتقي السيسي    الجيش الإسرائيلي: تم تحديد هدف جوي مشبوه في المنطقة الشمالية من هضبة الجولان    رئيسة وزراء الدنمارك تتعرض لاعتداء في كوبنهاجن    مواعيد مباريات اليوم السبت 8 يونيو 2024 والقنوات الناقلة    القنوات الناقلة لمباراة البرتغال ضد كرواتيا اليوم قبل يورو 2024.. والموعد    أحمد أبو مسلم: كيف شارك الشناوي مع منتخب مصر؟    حالة الطقس المتوقعة غدًا الأحد 9 يونيو 2024| إنفوجراف    اليوم.. طلاب القسم العلمي بالثانوية الأزهرية يؤدون امتحان اللغة الأجنبية بالشرقية    بسبب الموجة شديدة الحرارة، تعليمات جديدة من السكك الحديدية لقائدي القطارات    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال استهدفت مدرسة للأونروا الليلة الماضية غرب غزة    ضارة جدا، سحب 28 مشروبا شهيرا من الأسواق، أبرزها الشاي وعصير التفاح ومياه فيجي    طريقة عمل الفايش الصعيدي، هش ومقرمش وبأقل التكاليف    من جديد.. نيللي كريم تثير الجدل بإطلالة جريئة بعد إنفصالها (صور)    الأمم المتحدة تطالب الحوثيين بالإفراج "غير المشروط" عن موظفيها المختطفين    للحجاج.. تعرف على سعر الريال السعودي اليوم    «اهدى علينا شوية».. رسالة خاصة من تركي آل الشيخ ل رضا عبد العال    مصافحة شيرين لعمرو دياب وغناء أحمد عز ويسرا.. لقطات من زفاف ابنة محمد السعدي    مواعيد مباريات يورو 2024.. مواجهات نارية منتظرة في بطولة أمم أوروبا    سوق السيارات المصرية: ارتفاع متوقع في الأسعار لهذا السبب    دعاء ثاني أيام العشر من ذي الحجة.. «اللهم ارزقني حسن الإيمان»    الفرق بين التكبير المطلق والمقيد.. أيهما يسن في عشر ذي الحجة؟    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع    "المهن الموسيقية" تهدد مسلم بالشطب والتجميد.. تفاصيل    كريم محمود عبدالعزيز يشارك جمهوره صورة من محور يحمل اسم والده الراحل    رئيس البعثة الطبية للحج: الكشف على 5000 حاج.. ولا حالات خطرة    نجيب ساويرس ل ياسمين عز بعد حديثها عن محمد صلاح: «إنتي جايه اشتغلي إيه؟»    الجيش الأمريكي يعلن تدمير مسيرات وصواريخ للحوثيين على خلفية تصعيد جديد    حاول قتلها، زوجة "سفاح التجمع" تنهار على الهواء وتروي تفاصيل صادمة عن تصرفاته معها (فيديو)    مفاجأة.. مكملات زيت السمك تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    شلبي: نسخة إمام عاشور بالزمالك أفضل من الأهلي.. نجوم الأبيض "الأحرف".. وسنفوز بالسوبر الأفريقي    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    بعد الزيادة الأخيرة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من المنزل    عشرات القتلى والجرحى في هجمات على مقاطعتين أوكرانيتين ضمّتهما روسيا    البيت الأبيض: لا نسعى إلى صراع مع روسيا لكن سندافع عن حلف "الناتو"    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف هبة راشد.. طريقة عمل الجلاش باللحم والجبنة    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كوت ديفوار بهدف ميسي    أطول إجازة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    حظك اليوم برج الأسد السبت 8-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي على طريق جمصة بالدقهلية    ربة منزل تنهي حياتها شنقًا بعد تركها منزل زوجها في الهرم    إصابة 5 أشخاص بحالات تسمم بعد تناول سندوتشات حواوشى بالمحلة    كيف توزع الأضحية؟.. «الإفتاء» توضح ماذا تفعل بالأحشاء والرأس    موعد أذان الفجر بمدن ومحافظات مصر في ثاني أيام ذى الحجة    شوبير: الأهلى أنهى صفقتين وهذا موقف الأجانب والراحلين    فريد زهران ل«الشاهد»: ثورة 1952 مستمدة من الفكر السوفيتي وبناءً عليه تم حل الأحزاب ودمج الاتحاد القومي والاشتراكي معًا    نيجيريا تتعادل مع جنوب أفريقيا 1 - 1 فى تصفيات كأس العالم    حزب الله اللبناني يعلن استهداف تجمعا لجنود إسرائيليين في مثلث الطيحات بالأسلحة الصاروخية    رسميا.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم السبت 8 يونيو بعد الانخفاض الأخير بالبنوك    «الاتصالات»: نسعى لدخول قائمة أفضل 20 دولة في الذكاء الاصطناعي بحلول 2028    أستاذة اقتصاديات التعليم لإكسترا نيوز: على الطلاب البحث عن تخصصات مطلوبة بسوق العمل    الكشف على 8095 مواطناً خلال قافلة طبية بقرية بلقطر الشرقية بالبحيرة    أخبار مصر: 4 قرارات جمهورية هامة وتكليفات رئاسية حاسمة لرئيس الحكومة الجديدة، زيادة أسعار الأدوية، أحدث قائمة بالأصناف المرتفعة في السوق    أوقفوا الانتساب الموجه    "الهجرة": نحرص على المتابعة الدقيقة لتفاصيل النسخة الخامسة من مؤتمر المصريين بالخارج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحولات المثقف والناشط والداعية الإيديولوجى
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 11 - 2014

أن متابعة عملية تشكيل المثقف الحديث منذ بناء الدولة المصرية، تشير إلى أن مشكلاته التكوينية تاريخية ومستمرة، وتختلف من مرحلة لأخرى فى التطور السياسى والاجتماعى المصرى،
ومن ثم نحن أمام ما يمكن أن يطلق عليه مسألة المثقف. فى هذا الإطار يتم تداول عديد من التعميمات والأحكام المبسطة، وتتمثل فى إسناد غالب مشكلات المثقف والجماعات الثقافية إلى السلطة السياسية التسلطية عقب ثورة يوليو 1952، أو إلى السلطة الدينية التابعة لها، والقيود التى تفرضها على أدوار وإنتاج المثقف، وإبداعاته المعرفية والفكرية والسردية والفنية من خلال سعيها المستمر للهيمنة على المجال الثقافى الحديث - أو الحقل الثقافى وفق بورديو- من خلال نظامها المعيارى حول ثنائيات الحلال والحرام، والصواب والخطأ، والإيمان والكفر، والحسن، والقبيح.. الخ. إن محاولة فرض هندسة معيارية لما ينبغى أن يكون عليه الإنتاج المعرفى والإبداعى مؤثرة وخطيرة فى إطار منظومة من المحرمات الدينية والأخلاقية الإسلامية والمسيحية، أو توظيف الأعراف والتقاليد المحافظة والثنائيات الضدية فى ضبط الإبداع وقمعه فى بعض الأحيان.
إن سياسة الهيمنة السلطوية على المثقف والحقل «المجال» الثقافى هى جزء من سياسة التعبئة السياسية والحشد وراء السلطة الحاكمة فى عديد العقود من ناصر إلى السادات إلى مبارك إلى ما بعد 25 يناير 2011. وأحد دوافع السعى إلى إلحاق المثقف بالسلطة وأجهزتها تعود إلى أزمات الشرعية السياسية، ودور المثقف فى النقد وإثارة هذا الموضوع المفصلى ومخاطره على الحريات العامة وحقوق الإنسان كافة، لأن جروح الشرعية، وغيابها أو تأكلها، يعنى هيمنة القبضة الحديدية الغشوم للسلطة على المواطنين عموماً، الذين ينتمون إلى أحزاب أو اتجاهات سياسية معارضة والأخطر أن المثقف النقدى هو الهدف الأول لسياسة قمع الأفكار والإبداعات، والآراء. لا شك أن معتقلات الأفكار والإبداعات السياسية والدينية، أحد أكبر مكونات مسألة المثقف والسلطة والإبداع والتغيير الاجتماعى والثقافى فى مصر. هذا المكون المحورى لا يعنى تجاوز المشكلات التكوينية للمثقف والتى تعوق تحرره الفكرى، وأدواته فى مقاربة الظواهر والأحداث والأزمات، وفى توليد الرؤى والنظرات إزاء الذات والعالم والتاريخ والدولة والمجتمع والفرد. من هنا يبدو لى أن ثمة عديد المكونات لمسألة المثقف المصرى عموماً، نشير إليها فيما يلى:
1- بداية نحن إزاء جماعات ثقافية تنقسم إلى عديد من أشباه المدارس والتيارات الفكرية والفلسفية والإبداعية فى شتى الحقول، ومن ثم شكل الانقسام بين الجماعة الثقافية الحديثة، والجماعة الدينية أحد أبرز ملامح الصراعات الفكرية والسياسية. وإذا ركزنا على ميلاد المثقف الحامل لمشروع حداثى على الصعد الثقافية والمعرفية والسياسية والقانونية والقيمية والداعى والمساند لنمط الحياة الحديث وما بعده - سنجد أن هذا المثقف هو ابن المدرسة المدنية والجامعات، وحركة البعثات إلى أوروبا منذ محمد على وإسماعيل باشا ثم إلى الولايات المتحدة منذ عقد الستينيات من القرن الماضى.
المثقف المصرى الحديث يعد حالة خاصة عربياً، لأنه شارك يداً بيد، وفكرة بأخرى، وحركة وعمل وجهد ضارى مع النخبة السياسية الحاكمة منذ بناء الدولة، وفى التنظير والتحفيز والمشاركة فى تشكيل الأمة الحديثة، وفى إدارة العلاقات بين المجتمع والدولة، وفى إنتاج المعرفة والإبداعات التى تمت استعارة فنونها وأجناسها من الثقافة الأوروبية فى العلوم الاجتماعية والقانونية والآداب والسرديات، والمسرح، والسينما، والفنون التشكيلية. من هنا بدى دور المثقف المصرى كأحد بناة الدولة، وليس خادما لديها أو تابعاً لها وإنما شريك. هذا الدور حاولت سلطة يوليو 1952 فى مراحلها المتعاقبة - أن تحوله إلى دور التابع والمنشد والداعية السياسى لأيديولوجيتها التسلطية مع اختلاف شعاراتها من ناصر إلى السادات إلى مبارك وما بعد.
2- ساعدت البيئة السياسية شبه الليبرالية، والمجتمع شبه المفتوح والتفاعلات الكوزموبوليتانية - حول القاهرة الإسكندرية ومدن أخرى - إلى تداخل الثقافى والسياسى الحداثى ومن ثم تشكل حماية نسبية للمغامرة والمغايرة الفكرية والإبداعية والبحثية. وأدت النزعة القومية المصرية إلى بروز المدرسة المصرية فى التصوير والنحت والكتابة عن الشخصية القومية المصرية، ثم فى مشاركة المدرسة السريالية المصرية فى الإنتاج الفكرى والإبداعى فى إطار السريالية الأوروبية والعالمية، وهى المدرسة الوحيدة فى تاريخ الثقافة المصرية التى كان لها دور عالمى، ولم تكن محض مستوردة للأفكار والأخيلة والإبداعات، وبعدها لم يحدث أى دور للمثقف المصرى على المستوى العالمى إلا من خلال المثلث الذهبى المكون من صديقى الكبير أنور عبدالملك، وسمير أمين، وإيهاب حسن أحد منظرى ما بعد الحداثة العظام، وحول ذلك خرجنا إلى حد ما من زمن العالم الحداثى وما بعده، ولم يتبق سوى أصداء خافتة، وقلة قليلة جداً تحاول ما أمكن الوصال مع عصرها وأفكاره ومتغيراته العاصفة. الحالة الراهنة تتسم بالبؤس والخواء الفكرى، إلا من بعض إبداعات سرديات التسعينيات وما بعد.
3- بعض مثقفى المرحلة شبه الليبرالية تحولوا إلى موقع رجل الدولة والسياسى، من محمد حسين هيكل، وعبد الرزاق السنهورى ومصطفى عبد الرازق، وطه حسين. ومن ثم ظل نموذج الانتقال من موقع المثقف النقدى إلى رجل الدولة مسيطراً على إدراك بعضهم لاسيما بعد نظام يوليو 1952 وحتى مرحلة ما بعد 25 يناير 2011 إلى ما بعد أحداث 30 يونيو 2013 والمرجح أنه سيستمر، وهو ما أدى إلى خلط فى الأدوار والتصورات والحضور، وأدى إلى تحولات من موقع المثقف ومكانته إلى خبير السلطة وإلى الانتهازى المداهن، وإلى سوقية مداح السلطة البليد.
4- فى مرحلة الحراك السياسى منذ 2004 حتى الهبة الثورية فى 25 يناير 2011 وما بعد، ظهر دور الناشط السياسى والحقوقى الذى نازع المثقف حضوره، ودفع بعض المثقفين وهم قلة إلى الارتحال إلى موقع الناشط ليكون جزءاً من المشهد السياسى المتلفز فى القنوات التلفازية العربية، والخاصة، والأخطر أن بعضهم تحولوا إلى سنيده مؤيدين ومدافعين عن الناشط بالحق حيناً، وبالباطل أحياناً عن بعض جموح ونزق وأخطاء بعض النشطاء. لا شك أن هذا التغير كرس ابتعاد بعضهم عن أداء أدواره النقدية ومعالجاته العميقة فى مقاربة الظواهر وتفكيكها وتفسيرها وتحليلها، وتقديم الرؤى المغايرة التى تفتح الأبواب الجديدة لمسارات فى التفكير والنظر والعمل.
لمزيد من مقالات نبيل عبدالفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.