بدء مؤتمر الهيئة الوطنية لإطلاع الرأي العام على أحداث أول أيام إعادة المرحلة الثانية بانتخابات النواب    الوطنية للانتخابات تعقد مؤتمراً عن تصويت المصريين بالخارج    القس أندريه زكي يختتم زيارته الرعوية للمنيا بخدمة روحية في الكنيسة الإنجيلية الثانية    مصر تصدر بطاريات السيارات بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي.. وتدشين مصانع لثورة «كهربائية» |خاص    هل نشهد ارتفاعات جديدة في أسعار الذهب؟ رئيس الشعبة يرد    جهاز مدينة القاهرة الجديدة يخصص نقطة خدمة تعمل 24 ساعة    الكرملين: وجود خبراء الناتو بأوكرانيا دفع روسيا لإطلاق العملية العسكرية الخاصة    الضفة.. جيش الاحتلال يقرر هدم 25 مبنى جديدا بمخيم نور شمس    ترتيب الدوري الإنجليزي.. آرسنال يتصدر ومانشستر سيتي يلاحق بشراسة    بايرن ميونيخ يخطف التعادل في الدقائق القاتلة أمام ماينز المتذيل    حالة الطقس غدا، أمطار غزيرة تصل لحد السيول على بعض المناطق    متحدث الطب البيطري بالزراعة: الحيازة العشوائية من أسباب انتشار الكلاب الخطرة    وزير الثقافة ناعيًا الدكتور محمد صابر عرب: "فقدنا قامة علمية وثقافية عظيمة"    كمال أبو رية ينضم ل «فن الحرب» بطولة يوسف الشريف | رمضان 2026    مناقشة مستقبل المكتبات والمتاحف في العصر الرقمي بمعرض جدة للكتاب    أول تعليق من الزمالك على بيان النيابة العامة بشأن أرض النادي بالسادس من أكتوبر    نقيب التشكيليين وشاليمار شربتلي يفتتحان معرض الفنان عبدالحليم رضوي.. صور    محافظ مطروح يكرم المتميزين بقطاع الصحة (صور)    فرحة لم تكتمل.. مصرع عريس بعد 45 يومًا من زفافه بالصف    طارق بن شعبان: قرطاج السينمائي يدعم سينما المؤلف الملتزمة بالقضايا الإنسانية    هل تصح صلاة المرأة دون ارتداء الشراب؟.. أمين الفتوى يوضح    محفظ قرآن بالأقصر يسجد شكرا لله بعد فوزه برحلة عمرة مجانية ويهديها لوالدته    كنيسة القديس مار مرقس الرسول بدمنهور تعقد لقاء بعنوان "النجاح في حياة زوجة الأب الكاهن"    العثور على جثة رضيع حديث الولادة بقنا    مصر تدين الهجمات على مقر بعثة الأمم المتحدة بمدينة كدوقلي في السودان    مدرب بصالة ألعاب يعتدى على شاب لخلاف على قيمة مشروبات ببولاق الدكرور    مسئولو الإسكان يتابعون سير العمل بالإدارة العقارية بجهاز مدينة دمياط الجديدة    كرة القدم وكأس العرب «1»    منتخب مصر يحقق برونزية بطولة كأس العالم للفرق المختلطة للاسكواش    الإفتاء: التنمر عدوان محرم شرعًا.. وإيذاء الآخرين نفسيًا إثم مبين    بحضور كمال وزكي.. وزير العمل يستقبل وفد لجنة الطاقة والبيئة بمجلس الشيوخ    باحث سياسي: حادث سيدني هزَّ المجتمع الأسترالي بأسره    "الأخضر" يسيطر على تعاملات البورصة المصرية في أولى جلسات الأسبوع    «عبد الهادي» يتفقد الخدمات الطبية بمستشفى أسوان التخصصي    الفيوم تتميز وتتألق في مسابقتي الطفولة والإلقاء على مستوى الجمهورية.. صور    عملية أمنية ضد خلايا داعش في ريف حمص بعد هجوم على قوات أمريكية    إزاحة الستار عن تمثالي الملك أمنحتب الثالث بعد الترميم بالأقصر    وفاة طفلة دهسا تحت عجلات القطار في محافظة أسيوط    معاك يا فخر العرب.. دعم جماهيري واسع لمحمد صلاح في كاريكاتير اليوم السابع    وكيل تموين كفر الشيخ: صرف 75% من المقررات التموينية للمواطنين    محمد صلاح ولاعب الزمالك بالقائمة.. موعد حفل جوائز ذا بيست 2025    في قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق المهرجان القومي للتحطيب واحتفالات اليوم العالمي للغة العربية    غلق 156 منشأة وتحرير 944 محضرا متنوعا والتحفظ على 6298 حالة إشغال بالإسكندرية    رئيس الوزراء الأسترالي: حادث إطلاق النار في سيدني عمل إرهابي    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    وكيل صحة سوهاج ينفي وجود عدوى فيروسية بالمحافظة    هناك تكتم شديد| شوبير يكشف تطورات مفاوضات الأهلي لتجديد عقد ديانج والشحات    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    سفراء التحكيم المصري في أمم أفريقيا يتوجهون إلى المغرب    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة    "الغرف التجارية": الشراكة المصرية القطرية نموذج للتكامل الاقتصادي    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بعد الانتخابات التونسية
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 11 - 2014

تمثل الانتخابات التشريعية التونسية خطوة جيدة فى الطريق الصحيح، لكنها ليست نهاية المطاف ولا تعنى أن تونس قد انتقلت من مربع الصراع والاستقطاب إلى دائرة الاستقرار السياسى والأمنى.
فدلالات تلك الانتخابات تمثلت فى عدة أمور أولها تغير شكل الخريطة السياسية مع صعود أحزاب جديدة كنداء تونس والاتحاد الوطنى الحر وحزب الجبهة وحزب أفاق, وتراجع أحزاب أخرى كحزب المؤتمر وحزب التكتل الديمقراطى من أجل العمل والحريات واللذين كانا يشاركان حزب النهضة فى الحكم خلال المرحلة الانتقالية السابقة, وثانيها تبلور الاستقطاب السياسى فى البلاد بين حزبين كبيرين هما حزب نداء تونس وحزب النهضة مما يحدد بشكل كبير شكل واتجاه التفاعلات السياسية فى المرحلة المقبلة, خاصة إذا ما انتقل النهضة إلى صفوف المعارضة, وثالثا أن القضايا الاقتصادية كان الحاسم فى ترجيح صعود أو تراجع هذا الحزب أو ذاك, ورابعا انحياز الشعب التونسى لمدنية الدولة ورفض محاولة طرف تغيير هويته.
وقد ساهمت الانتخابات التشريعية فى تقدم خريطة الطريق إلى الأمام واستكمالها بإجراء الانتخابات الرئاسية فى هذا الشهر بما ينهى المرحلة الانتقالية, ما يعنى أن تونس قد تجاوزت عنق الزجاجة وعدم الانجرار إلى أتون الصراعات والحروب, كما حدث فى بعض دول الربيع العربى الأخرى كليبيا واليمن وسوريا, وذلك بفضل تغليب لغة الحوار والتوافق ومرونة حزب النهضة وتراجعه التكتيكى فى التخلى عن السلطة، وتشكيل حكومة ائتلافية لتجنب مصير وسقوط التيار الإسلامى فى الدول الأخري.
لكن مع ذلك يظل المشهد التونسى مليئا بالتناقضات العديدة التى تمثل تحديات كبيرة وتحتاج إلى معالجتها بحكمة أولها إنهاء حالة الاستقطاب الحادة داخل المجتمع, والذى تحول من استقطاب بين القوى الإسلامية والقوى المدنية, اليسارية والليبرالية, وساهم فى عرقلة المرحلة الانتقالية ووقوع أعمال عنف فى البلاد, إلى استقطاب بين أنصار نظام بن على وأنصار ثورة الياسمين, وذلك بعد صعود حزب نداء تونس الذى يضم عناصر من نظام بن على, وهو ما يثير المخاوف لدى البعض من احتضار الثورة التونسية وعودة نظام الحزب الواحد, خاصة ما سيطر حزب نداء تونس أيضا على مؤسسة الرئاسة بعد عزم رئيسه الباجى قائد السبسى الترشح لتلك الانتخابات, وثانيها, أن حزب نداء تونس فاز بالأغلبية فى الانتخابات ليس لأنه قدم برنامجا شاملا ومتكاملا لحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, ولكن لتراجع أداء حزب النهضة فى الحكم, أى كان بمثابة تصويت عقابى للنهضة, وهو ما انعكس فى تصويت الناخبين فى الأماكن الفقيرة وفى معاقل الحزب نفسه لحزب نداء تونس, ومن ثم يبرز التحدى الأكبر أمام حزب نداء تونس بعد تشكيله الحكومة عقب الانتخابات الرئاسية هو قيادة المجتمع صوب الاستقرار والتنمية والانفتاح على القوى السياسية الأخرى بما فيها القوى الإسلامية وبدء مرحلة جديدة من العمل السياسى ترتكز على عدم العودة إلى سياسة الاستحواذ بالسلطة وتهميش القوى الأخري, والأهم من ذلك هو التركيز على شرعية الإنجاز التى تشعر المواطن التونسى بوجود تحسن ملموس فى حياته اليومية والمعيشية, وهذا هو المعيار الأساسى الذى يمكن هذا الحزب أو غيره من ضمان التفاف الجماهير حوله, وليس الشرعية الدينية أو الإيديولوجية, وفى المقابل فإن التيارات الإسلامية, وعلى رأسها حزب النهضة, عليها أن تستوعب درس الانتخابات جيدا وتدرك أنها تحتاج أن تصدر للمواطن برنامجا واقعيا وعمليا لحل مشكلاته وليس برنامجا دينيا يسهم فى تأجيج حالة عدم الاستقرار فى المجتمع, كما فعلت التيارات الإسلامية فى الدول العربية الأخري, وأن تتخلى تماما عن العنف لتحقيق أهدافها, وأن تنفتح على التيارات الأخرى فى إطار تغليب المصلحة التونسية العليا, وتكريس الديمقراطية الحقيقية التى تسمح بالتعايش بين جميع الاختلافات السياسية والطائفية, والعمل الجماعى من أجل نهضة البلاد وتحقيق أهداف الثورة فى العيش والحرية والكرامة الإنسانية.
وثالثها تناقض الدور الخارجى فى التفاعلات التونسية والذى لعب دورا سلبيا فى السابق، ومن المتوقع أن يستمر فى لعب هذا الدور فى المرحلة المقبلة عبر تغذية ودعم هذا الطرف أو ذاك وإمداده بالأموال الطائلة لترجيح كفة التيار الدينى على التيار المدنى أو العكس، أو تغليب كفة أنصار النظام القديم على أنصار الثورة أو العكس أيضا, وهو ما كان عامل توتر وزاد من حدة الاستقطاب والصراع, كما أن الدور الغربى يزداد حاليا للتدخل فى شئون تونس والدول العربية الأخرى تحت مظلة الترويج للنموذج التونسى فى الديمقراطية والتعايش بين الإسلاميين والعلمانيين, وهو دور يستهدف تحت طياته تحقيق مصالح تلك الدول وفرض نموذج معين على الشعوب العربية.
ما بعد الانتخابات التونسية هو الأهم وسوف يحدد بشكل كبير مصير وطريق هذا البلد, فإما أن تتكاتف جميع الأطراف والقوى السياسية وتنحى خلافاتها وصراعاتها، وتدعم عملية التوافق السياسى، وإعادة بناء الدولة والمجتمع بعد أربع سنوات عجاف, وإما أن تستمر فى صراعاتها واختلافاتها واستقطاباتها الداخلية والخارجية، وهو ما ينقل المشهد التونسى إلى فصل آخر لا يقل قتامة عن السابق.
لمزيد من مقالات احمد سيد احمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.