لا أعرف من أين أبدأ كلامى، فبداخلي الكثير والكثير، ولكنى سأحاول أن أضع أمام الرأى العام ولو جزءا من حقيقة واقع أكثر من 3 ملايين و500 ألف كفيف يعيشون في مصر، ببساطة لن أتحدث سوى عن الحصول على العصى البيضاء وكتب مطبوعة بطريقة برايل أي ما كان تصنيف هذه الكتب أو أداة الكتابة بطريقة برايل، وجميعها موجودة بمركز النور النموذجى بمحافظة القاهرة وغير موجودة فى أى محافظة أخرى من محافظات الجمهورية!! منذ أربعة شهور تقريبا «خربت» عصاى البيضاء، مما جعلني أحتاج لأخرى وأيضا كنت أحتاج لأداة كتابة بطريقة برايل، وأخبرت أحد أصدقائى المقيمين بالقاهرة أن يشتري لي هذين الطلبين، وفوجئت برده أنه يريد صورة بطاقة إثبات الإعاقة وصورة شهادة التأهيل وصورة البطاقة الشخصية، للوهلة الأولى ظننت أن صديقى هذا يمزح معى، ولكنه أكد لى أنه فعليا هذه الأوراق مطلوبة فى مركز النور المنموذجى لرعاية المكفوفين، فأصابتنى حالة من الدهشة لأنى لم أكن أتخيل أن أشياء كهذه ليست ذات قيمة مالية ضخمة سوف تحتاج لكل هذه الأوراق، فقلت له، ما علينا، وأرسلتها له وهو بدوره أرسل لى ما أردت وتنتهي هنا قصة العصى البيضاء وأداة الكتابة بطريقة برايل. لم تنته المعاناة عند هذا الحد، فمنذ فترة ليست بعيدة طلبت مني إحدى الصديقات قصص أطفال ومصحفا بطريقة برايل لأحد المكفوفين، وكانت هنا الدهشة الكبرى الأولى وهى أنه لا يوجد مكان واحد يبيع قصص أطفال بطريقة برايل فى جمهورية مصر العربية كلها، وما يوجد منها هو مخصص فقط لمدارس النور للمكفوفين، وغير قابل للبيع نهائيا، نأتى للدهشة الثانية، فوجئت أيضا بأنه مطلوب تلك الأوراق نفسها، حاولت أن أجد لنفسى سببا مقنعا على الأقل يقبله عقلى وترتاح له نفسى، ولكنى لم أجد نهائيا، ومازلت فى حيرة من أمرى، وتلك الحيرة سببها أمر فى قمة العجب، ألا وهو أن تلك الأدوات ليست مجانية أو على الأقل مدعمة حتى يمكن أن أفترض أنهم يخافون من أن تستغل فى أهداف تجارية استغلالية لفئة المكفوفين، مما جعل حيرتى تزداد أكثر وأكثر، فمثلا سعر العصا البيضاء العادية 65 جنيها مصريا، وسعر أداة الكتابة بطريقة برايل 175 جنيها مصريا. هل لأني كفيف يجب أن أعاني هذه المعاناة حتى أحصل على ما أريده؟ لماذا كل هذا الروتين في أشياء لا تستحق كل هذا؟ لماذا لا تتوفر مراكز بيع لأدوات المكفوفين بكل محافظة على غرار مركز النور النموذجي بالقاهرة؟