إسلام عبدالله.. ميرنا جميل.. محمود الليثى.. نور قدرى.. محمد عز.. جيهان الرازى.. سارة ابراهيم.. احمد سالم.. اسراء الصابونى.. احمد هاشم.. باسنت هشام.. عصام متولى.. رنا ودينا هريدى.. محمود خالد.. تذكروا هذه الأسماء جيدا فهم مجموعة من العفاريت الجدد الذين أصيبوا بعصا خالد جلال التمثيلية الساحرة. فالتفوا بقطع من القماش كتلك التى يتم فيها تحنيط الموتى والمومياوات من تصميم تغريد عز الدين ليجسدوا لنا قصة شاب لاحقته أمراض المجتمع حتى أصابته بهزة نفسية عنيفة رأينا تبعاتها في نماذج مختلفة لشباب المجتمع.. أنه عرض "بعد الليل". اسم يثير الاندهاش والتساؤل إلى حد بعيد ولكنه بعد رائعته "قهوة سادة" التى افرزت اغلب نجوم الوسط الفنى الممارسين للتمثيل حاليا، والتى رثا فيها احوال الوطن للدرجة التى دفعته فيها لدعوتنا لشرب تلك القهوة السادة على جسد الوطن.. يفند خالد جلال هنا ما اصاب المجتمع من امراض خلال السنوات الماضية ولكنها في ذات الوقت أمنية لميلاد فجر جديد لذلك اطلق على عرضه اسم "بعد الليل".. وفي تنويعات لتلك الأمراض كشف محمد عز عن أعراضها من تبريرات يقدمها اصحابها لأنفسهم لممارسة الرشوة والخطف والبلطجة والتحرش، وهى أمراض جسدها ابطال العرض بحرفية عالية لدرجة أننا صرنا نتعايش مع تلك الأمراض وهو ما عكسه مشهد البلطجة والسرقة بين أحمد هاشم وميرنا جميل، بينما عبر محمود الليثى عن ازمة المواطن الشهرية مع مرتبه في مشهد صارخ الكوميديا استغل فيه ملامحه الشعبية وسُمرته وشعره الأشعث وكذلك طبقات صوته التى تنقل بينها بعذوبة مقلدا أصوات النداء الألى في ماكينات الصرف الالكترونية.. اما اسلام عبدالله فقد صال وجال بين عدة مشاهد تعكس سلبيات التعليم وتأهيل المدرسين، ثم جسد شخصيتين نسائيتين مختلفتين ممن يترددن على فتاوى شيوخ الفضائيات الجدد بتميز شديد مستخدما تكوين جسده الممتلئ الى حد ما وطبقات صوته المختلفة، ثم قدم نموذجا كاريكاتيريا لشخصية الإعلامى من خلال تقليد أداء الاعلامى عمرو أديب في ذروة غضبه، وهى كلها مشاهد استحوذت على قلوب المتفرجين وضحكاتهم التى اخترقت جدران قاعة العرض. ابطال العرض هم طلاب الدفعة الأولى لاستوديو المواهب في مركز الإبداع الفنى، وهى تجربة بدأت قبل ستة أشهر كثف فيها خالد جلال تدريباته ليقف هؤلاء الشباب على خشبة المسرح لأول مرة مكتشفا في كل منهم بصمته الخاصة في التمثيل، وتلك هى براعة المخرج في المقام الأول لذلك رأينا مثلا ميرنا جميل تجسد اداء ساخرا لشخصية الاعلامية ريهام سعيد ثم تقدم اداءً ناعما لشخصية فتاة مدللة تسعى للتدريس بلا اى مؤهلات سوى جمالها، ثم فتاة شقية تصاحب سارقها بعد ان اعتادت على تعرضها للبلطجة وسرقة سيارتها.. ثم تقدمت نور قدرى بنموذج للطالبة الرقيقة التى تحولت بفعل الزمن إلى أسيرة للمال والوظيفة ومواقع التواصل الاجتماعى.. وجيهان الرازة التى جسدت شخصيتين متناقضتني تماما الأولى سيدة شعبية للغاية بماكياج سوقى للغاية، ثم فتاة ضحت بشرفها لصالح اسرتها.. وجاءت اسراء الصابونى لتلعب دور فتاة من الألتراس ثم سيدة فقدت ابوها بحيوية شديدة.. ثم تربط باسنت هشام بين مشاهد العرض بأداء الشبح الذى يلاحق بطل العرض المريض نفسيا طوال الوقت. اما أكثر المشاهد شجنا وعذوبة فكان مشهد مخاطبة المصور للكاميرا الخاصة به فمن خلاله استرجع محمد مجدى مع الجمهور ذكريات كل شيء جميل سواء في الغناء او مباريات الكرة أو الأدب أو التمثيل، لدرجة تدفعك دفعا للبكاء. المشاهد المتلاحقة التى قدمها هؤلاء الممثلين غلفها خالد جلال بإضاءة معبرة للغاية تنوعت بين حالات شعورية مختلفة تناسب كل مشهد بحيث ترى في النهاية نفسك أمام لوحات تشكيلية تتمنى أن تراها مرارا بعدسات المصورين المحترفين. وإذا كنت من هواة مشاهدة العرض عدة مرات فإنك بلا شك ستلاحظ ما تمر به الدراما يوميا من حذف وإضافة وتطوير بعض المشاهد للتغلب على مسألة طول مدة العرض التى لاحظها الجمهور في ليلة العرض الأولى. لمزيد من مقالات باسم صادق