يترسخ فى عقل كل مصرى مشروع حفر قناة السويس فى عام 1869 باعتباره - وهو كذلك معجزة لن تتكرر مثل الأهرامات الخالدة ومن هنا كان التعامل مع قناة السويس على أنها أمر نهائى تاريخى خالد، لا يمكن مجرد التفكير فى تكراره أو شق قناة جديدة. لاعتبارات كثيرة منها ما هو يرتبط بضخامة التكاليف وصعوبة المهمة انطلاقا من حجم التضحيات التى قدمها المصريون على كل المستويات فى مهمة شق القناة القديمة . ومع هذا جاء مشروع قناة السويس الجديدة الذى يكرر المشهد التاريخى الخالد فى القرن الحالى ويكتب لمصر تاريخا جديدا فى النماء يحقق للأجيال المتعاقبة الخير ومجابهة الحياة الصعبة وهو قرار اتخذه الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية بثقة كبيرة فى النفس وفى قدرة المصريين على تغطية كل مراحل العمل بالمشروع . وقد زرت ضمن وفد إعلامى وفنى كبير مشروع قناة السويس الجديدة وشاهدت كما شاهد المئات على الطبيعة أعمال الحفر فى المشروع التى لا تهدأ طوال الأربع والعشرين ساعة .. وكم كانت مؤثرة تلك اللحظة التى اقتربت فيها من بقايا جسم الساتر الترابى الذى كان شيده جيش الاحتلال الإسرائيلى على الشط الشرقى للقناة وتابعت الحفارات والآليات وهى ترفع الرمال منه لاستكمال شق القناة الجديدة وعلى بعد أمتار يرابط الحفار العملاق الصديق فى انتظار أن يبدأ التحرك لشفط الرمال من المياه وشق وصلة تربط القناة القديمة بالجديدة . فى موقع العمل لا مجال للكلام الصورة وحدها تعبر عن ملحمة تتحرك بإيقاع سريع ومنضبط على الأرض .. أكثر من 72 شركة تعمل فى المشروع ليل نهار وهى تسابق الزمن من أجل تنفيذه قبل الموعد المقرر فى أغسطس العام المقبل . ملحمة تاريخية ستكون مبهرة للأجيال المقبلة وليت القوات المسلحة ترصد بشكل يومى أعمال الحفر من خلال توثيقها بالفيديو حتى تكون فى المستقبل كل مراحل حفر القناة الجديدة موجودة بالصوت والصورة، فالتاريخ سيذكر بفخر هذه الملحمة ومن حسن الطالع أن وسائل التطور فى مجال التكنولوجيا الآن فاقت الحد ، وليت يكون هناك قسم خاص بتوثيق القناة الجديدة من خلال رصد أعمال الحفر وتوثيق زيارات المصريين والأجانب للمشروع والتضحيات التى تبذل فى سبيل شق القناة الجديدة . والتقاط الصور لما تبقى من جسم الساتر الترابى أو خط بارليف البائد . لمزيد من مقالات ماهر مقلد